تواجه سيدة أعمال أمريكية تمتلك شركة غير مرخصة للاعتناء بالمسنين في شمال تكساس، سلسلة من الاتهامات، عقب اكتشاف السلطات تخلصها من نحو 20 من عملائها بطرق وحشية، والاستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم، بعد أن تمكنت من فصلهم عن عائلاتهم والسيطرة عليهم.
وكانت المتهمة ريجلا "سو" بيكير، البالغة من العمر 49 عامًا، تمتلك شركة تسمى Love & Caring for People LLC، تزعم من خلالها أنها تقدم رعاية شخصية تحت الإشراف للبالغين المحتاجين في خمسة منازل في مقاطعة تارانت، إلا أن تقريرًا حكوميًا صدر عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، كشف أنها كانت في الواقع تتميز بسوء المعاملة والإهمال والاحتيال، وفشلت في تلبية معايير الصحة والسلامة.
أول خيط
الخيط الأول في اكتشاف تلك الجرائم، والتي تحقق فيها الشرطة منذ عدة أشهر يعود إلى ديسمبر الماضي، بحسب شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، عندما تمكنت سيدة مسنة من ضحاياها من إرسال رسالة إلى صديقتها أكدت فيها أنها محتجزة ضد إرادتها وتريد الخروج من المكان، وهو ما جعلها تخبر الشرطة على الفور.
كان ضباط شرطة أرلينجتون، على دراية بعنوان المكان وأنه غير مرخص وتديره "بيكير"، ولكن كان الهدف منه هو تأجير الأسرة وإقامة الموائد لكبار السن، وعندما وصل المحققون إلى المنزل عثروا على السيدة المسنة ملقاة على مرتبة على الأرض، وتبين أنها غير قادرة على الحركة، وتعاني من الشلل الدماغي والسكري.
المعاملة السيئة
"لا أريد أن أكون هنا".. كانت هذه أولى الكلمات التي خرجت من السيدة المسنة وفق كاميرا الجسم المثبتة لدى الضباط، وتبين أنها لم تكن قادرة على تحريك سوى ذراعيها فقط، وكانت تفوح منها رائحة البول والبراز، وأدلت بأقوال صادمة كشفت من خلالها عن المعاملة السيئة التي كانت تتلقاها.
أكثر من مرة طلبت المسنة الرحيل عن المكان، وأنها محتجزة رغمًا عنها، ولم يسمح لها بذلك أبدًا، ونادرًا ما كانوا يغيرون حفاضاتها، كما كانوا يصبون عليها الماء الساخن، وهو ما جعل التنفس صعبًا، وتعرضت للضرب والركل على يد الموظفين، الذين كان من المفترض أن يعتنوا بها، وتلقت أدوية لم تكن مدرجة على قائمة احتياجاتها.
حاولت السيدة المسنة قطع معصميها والانتحار على أمل أن يتصل شخص ما من الموظفين برقم الطوارئ 911 ويتم نقلها إلى المستشفى، وهنا تواصلت الشرطة عبر الهاتف مع بيكير، والتي اعترفت بمحاولة السيدة الانتحار، وتم على الفور إصدار أمر باعتقالها، وأُلقي القبض عليها وتم وضعها في سجن مقاطعة تارانت بكفالة قدرها 750 ألف دولار بتهمة تعريض شخص لخطر وشيك للإصابة الجسدية.
حقائق صادمة
بدأ المحققون في التحقق بصورة أوسع حول هوية المرضى الآخرين، وبدأوا بإجراء تحريات وعمليات تفتيش واسعة في الأماكن المملوكة لدار الرعاية، ومع مرور الأيام تكشفت حقائق صادمة عن المتهمة وموظفيها والمرضى المفترض أنها ترعاهم، وقالت الشرطة لوسائل الإعلام إنهم علموا ببعض الأمور المثيرة للقلق التي تحدث داخل هذه المنازل، ويسعون للتأكد من عدم سقوط أي ضحايا.
كان ما عثر عليه المحققون بمثابة جرس إنذار يدفعهم لمواصلة التتبع والبحث، وكان أول ما وجدوه وصية لإحدى عميلات الشركة السابقة مؤرخة في 7 أكتوبر 2022، وكانت مكونة من سطر واحد مكتوب بخط اليد، "أترك كل ممتلكاتي لبيكير"، وتبين أن تلك النزيلة توفيت بعد ذلك بـ19 يومًا في 26 أكتوبر 2022.
الضحايا المحتملون
بدأت الشرطة بعد ذلك بمطالبة المواطنين الذين يمتلكون أي معلومات أو كان لديه أحد أحبائه أمضى وقتًا في دار الرعاية، وهو ما تمكنت الشرطة من خلاله من تحديد هوية العديد من الضحايا المحتملين الآخرين، وتبين أن امرأة أخرى بالغة من العمر 56 عامًا كانت أخبرت المحققين أنها في البداية كانت بيكير سيدة لطيفة للغاية ولكن بعد ذلك تغيرت الأمور.
تعذيب بدني ونفسي
اعترفت السيدة الثانية بأنها تعرضت لمعاملة سيئة للغاية وتعرضت للضرب والركل، وكانت المتهم تضع حبوبًا في حلقها رغمًا عنها، كما كان يتم وضعها في الماء وإيهامها بالغرق لفترات طويلة، وفي فترات أخرى كان يتم سكب مشروبات كحولية في حلقها دون إرادتها، بينما رصدت الشرطة رجلا آخر تم إنقاذه منهم.
وفي واقعة أخرى، وُضع مُسن يبلغ من العمر 72 عامًا يعاني من مرض الزهري في المنشأة، ولكن بعد أسبوعين اكتشفت أسرته أنه كان خاملًا وبدأ يتقدم في السن في وقت قصير وأخذوه إلى الطبيبة، ليتم اكتشاف معاناته من مرض منقول جنسيًا، وعندما أعادوه إلى المنزل اكتشفوا فقدان العديد من ملابسه وخاتم ذهبي وتم الاستيلاء على مبالغ كبيرة من بطاقة الخصم الخاصة دون تصريح.
20 ضحية
ومنذ سبتمبر 2022، وحتى الآن -وفقًا للشرطة الأمريكية- تم العثور على ما لا يقل عن 20 ضحية لها لقوا حتفهم وتم دفنهم إما بمعرفة أقاربهم أو من خلال التخلص منهم عن طريق حرقهم ودفنهم، وأجرت السلطات تشريحًا لجثتي شخصين، أحدهم يسمى ستيفن "كيلي" بانكراتز (60 عامًا)، وتبين أنه توفي بسبب التسمم بالمخدرات المختلطة أثناء رعاية بيكير له.
واكتشف المحققون أن الأدوية الموجودة في جسد بانكراتز لم يصفها الأطباء له نهائيًا، وفي منتصف يونيو حكم الطبيب الشرعي لمقاطعة تارانت بأن وفاة بانكراتز كانت جريمة قتل، واتهم بيكير بالقتل، وتم رفع الكفالة إلى 1.5 مليون دولار، وأكد ضباط الشرطة الذين كانوا يحققون في الواقعة أنه لم يروا شيئًا كهذا من قبل، وكان عليهم الاستمرار في الحفر واستخراج الضحايا طوال الشهور الماضية.
التحقيقات مستمرة
وأكد الضباط أنهم مستمرون في التحقيق مع بيكير وأفراد الأسر وحتى الأشخاص الذين كانوا على علاقة بهم، والذين عملوا موظفين في الأماكن الخمسة، مشيرين إلى أنهم عثروا على أدلة تشير إلى استيلاء "بيكير"على هواتف العملاء وسياراتهم وحتى منازلهم، ولفتوا إلى أنه سواءً كان عدد الضحايا 20 أو 22 فسوف يتم فحص كل شخص بشكل كامل، ولا يزال هناك الكثير من التحقيقات التي يتعين إجراؤها مع كل عميل.