"لا تشكُ أبدًا.. لا تشرح أبدًا"، يبدو أن هذا هو المبدأ الثابت لدى العائلة المالكة البريطانية إزاء الأزمات أو المواقف الصعبة التي تتسرب أخبارها إلى العامة. وهو المبدأ الذي حافظ عليه الملك تشارلز الثالث تجاه الشائعات المتعددة التي لاحقت إعلان إصابة زوجة ابنه وولي عهده، الأميرة كيت، بالسرطان؛ ومن قبلها والدته الراحلة الملكة إليزابيث الثانية خلال أزمة ميجان ماركل، زوجة الابن الثاني.
ومنذ الإعلان عن بدء إجراءات العلاج، غابت أميرة ويلز عن الحياة العامة ما يقرب من 6 أشهر، في أكبر غياب عن واجباتها الرسمية منذ تزوجت الأمير ويليام. وتسبب الغياب في عشرات الشائعات، منذ بثها رسالة فيديو عاطفية في 22 مارس الماضي، والتي أعلنت فيها أنها تتلقى علاجًا كيميائيًا للسرطان، وهو البيان الذي أدلت به وهي جالسة بمفردها على مقعد في قصر وندسور.
أما بيان إعلان عودتها إلى الأضواء في 14 يونيو، فأعطى آمالًا أن تكون الأميرة قد خرجت بالفعل من الظل وعادت إلى النور والحياة العامة.
وترى مجلة "نيوزويك" الأمريكية أن الأميرة "نجحت في اجتياز العاصفة التي استمرت ستة أشهر بالكامل دون أن تنخرط العائلة الملكية في حرب عامة ومفتوحة مع المتصيدين أو وسائل الإعلام، مثلما سعى هاري من أجل زوجته ميجان ماركل في أواخر عام 2018 ومعظم عام 2019".
ومع ذلك، وفق المجلة، فمهما كانت الاختلافات التي قد تكون موجودة، في كلتا الحالتين كانت استراتيجية العائلة هي نفسها: الاختباء، والتحدث بأقل قدر ممكن علنًا، والأمل في أن تمر العاصفة.
تجربتان مختلفتان
أثناء الحمل، تعرضت ميجان لإساءة عنصرية، بينما جاءت أزمة كيت في أعقاب عملية جراحية كبرى في البطن، تلاها تشخيص إصابتها بالسرطان ثم العلاج الكيميائي. في كلتا الحالتين، تلقفت الخبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لتعامل كلتا المرأتين بلا رحمة.
وفي حديثه لأوبرا وينفري في مارس 2021، قال الابن الأصغر لملك بريطانيا، الأمير هاري "أدرك تمامًا موقف عائلتي، ومدى خوفهم من أن تنقلب عليهم الصحف الشعبية".
وأضاف: "هناك ما يسمى، أو ما يشار إليه باسم "العقد غير المرئي" خلف الأبواب المغلقة بين المؤسسة الحاكمة والصحف الشعبية في المملكة المتحدة. إذا كنت، كعضو في العائلة، على استعداد لتناول النبيذ والعشاء ومنح هؤلاء المراسلين حق الوصول الكامل، فستحصل على صحافة أفضل".
ربما لهذا، في يناير 2023، قال هاري، للمذيع الأمريكي أندرسون كوبر في برنامج 60 دقيقة إن "العائلة خذلتهما"، هو وزوجته. رغم إقراره بأن أفرادًا آخرين من العائلة المالكة تعرضوا لمعاملة مماثلة من قبل وسائل الإعلام مثل ميجان.
وقال: "عندما قيل لنا، على مدار السنوات الست الماضية، لا يمكن إصدار بيان لحمايتكم. ثم تفعل ذلك من أجل أفراد آخرين من العائلة. هناك نقطة يصبح فيها الصمت خيانة".
ورأى البعض أن الملك تشارلز والأمير ويليام "كانا قلقين من أن هاري كان يدافع علنًا عن زوجته بطريقة لم يفعلوها مع زوجاتهم".
ومع ذلك، كانت فكرة معاملة ميجان بشكل مختلف عن كيت جزءًا رئيسيًا من المناقشة الأوسع أيضًا؛ وبدت أكثر وضوحًا في ضوء تجربة كيت في عام 2024، عندما كانت الشائعات الأكثر تطرفًا مقتصرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
صمت الملك
في مارس الماضي، ومع بداية اختفاء كيت عن واجباتها الملكية والظهور في الحياة العامة، كانت هناك بعض الهمهمات من جانب المعلقين البريطانيين، الذين بدا أنهم يشعرون بأن القصر الملكي يخفي شيئًا ما. كما تصاعدت النظريات التآمرية -وبعضها غريبة للغاية وتشهيرية- على وسائل التواصل الاجتماعي.
وعكس موقفه تجاه أخبار ميجان، لم يكن خروج تشارلز وإدانته لمنظري المؤامرة يتطلب هجومًا على وسائل الإعلام الرئيسية، وبالتالي لم يكن عليه أن يخشى غضب الصحف الشعبية، لو فعل ذلك.
لكن مع ذلك، ظل الملك، كما حدث مع ميجان، صامتًا، تاركًا قصر كنسينجتون يتولى التعامل مع العاصفة.
تقول "نيوزويك": قد يشعر البعض أن هذا كان القرار الصحيح، حيث اختار تشارلز عدم إضافة وزن إلى الأقاويل التي لا أساس لها من الصحة، وقد يشعر آخرون أنه ترك كيت تدافع عن نفسها. لكنه في كلتا الحالتين، تمسك بعدم الشرح أو الشكوى أبدًا.
تضيف: "يميل البعض إلى القول بأن كيت تم إطعامها للذئاب ببساطة، تمامًا كما قالت ميجان إنها فعلت بها، لأنها ليست من أفراد العائلة المالكة. ولكن هذا لا يرقى إلى مستوى التوقعات؛ لأن الكثير من الشائعات استهدفت سمعة الأمير ويليام، ملك بريطانيا القادم، بقدر ما استهدفت سمعة كيت، إن لم يكن أكثر منها".
هكذا، فإن كل هذا يثير تساؤلات حول ما إذا كان أفراد العائلة المالكة خائفين للغاية من وسائل الإعلام بشأن دعم ميجان، وخانوها بصمتهم، أو ما إذا كانوا ببساطة ينفذون استراتيجية للعلاقات العامة عمرها عقود من الزمن وقد أثبتت نجاحها.