يبدو أن الهدوء في طريقه للغياب عن المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، فللمرة الثانية خلال أسبوع أصبحت المنطقة محلًا لنزاع وتوغلات انتهت إلى مقتل عدد من جنود البلدين المتنافستين.
وتعد المنطقة المنزوعة السلاح بين البلدين، التي تمتد على طول 248 كيلومترا وعرضها 4 كيلومترات، المكان الأكثر تسليحًا على وجه الأرض، إذ زُرع فيها نحو مليوني لغم، وفخاخ للدبابات، وهي محاطة بسياج من الأسلاك الشائكة يحميها عشرات الآلاف من قوات كلاهما.
اختراق من كوريا الشمالية
وعشية قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، الأربعاء، تجول نحو 30 جنديًا كوريًا شماليًا فوق الخط الفاصل بين الشمال والجنوب، ما دفع كوريا الجنوبية إلى إطلاق طلقات تحذيرية قبل انسحاب الكوريين الشماليين.
وبطرح سؤال حول كيفية عبور الجنود الكوريين الشماليين للحد الفاصل، تبدو الإجابة المختصرة متمثلة في فرط نمو أوراق الشجر، التي ربما كانت سببًا في عدم رؤية الكوريين الشماليين للعلامات التي تحدد خط ترسيم الحدود العسكري الرفيع الذي يقسم المنطقة المنزوعة السلاح إلى الجانبين الشمالي والجنوبي، وفق "أسوشيتد برس".
وأصيب عدد من الجنود الكوريين الشماليين المتمركزين قرب الحدود مع كوريا الجنوبية بجروح في انفجار لغم أرضي، حسبما ذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء، الثلاثاء، نقلًا عن هيئة الأركان المشتركة في سول.
ومن الممكن فهم ذلك في ضوء تاريخ طويل من وقائع العنف التي شهدتها هذه الحدود التي أُقيمت بعد الحرب الكورية (1950-1953)، وانتهت بهدنة، بدلاً من معاهدة سلام، مما أدى إلى تقسيم شبه الجزيرة الكورية.
ماذا حدث؟
وفي يوم الثلاثاء، بثّت القوات الكورية الجنوبية تحذيرات وأطلقت عدة طلقات تحذيرية لإعادة الجنود الكوريين الشماليين -ما بين 20 إلى 30 جنديًا- الذين عبروا لفترة وجيزة خط ترسيم الحدود في المنطقة المجردة من السلاح.
وقالت هيئة الأركان المشتركة في سول، إن "الكوريين الشماليين، الذين كانوا يقومون بأعمال بناء في المنطقة، انسحبوا على الفور، ولم يرصد الجيش الجنوبي أي نشاط مشبوه بعد ذلك"، وهذا هو الحادث الثاني من نوعه خلال أسبوعين.
وتقول سول إن أيًا من التوغلين لم يكن غزوًا، أو حتى مناورة تهدف إلى اختبار دفاعات الجنوب، بل كان على الأرجح مجرد حادث، إذ إنه عندما عبر الجنود الكوريون الشماليون لفترة وجيزة جزءًا مختلفًا من الخط في 11 يونيو، تكرر السيناريو نفسه بطلقات تحذيرية من الجنوب؛ وانسحاب كوريا الشمالية.
الخط الفاصل
الخط الفاصل، في أجزاء كثيرة من المنطقة المجردة من السلاح، هو مجرد علامة مثبتة على عصا أو شريحة من الخرسانة.
وعبر الناس من قبل هذا الخط الفاصل، في ظل ظروف خاصة جدًا، وعادةً ما يكون ذلك في قرية بانمونجوم الحدودية، والتي التقى فيها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع كيم جونج أون، إبان فترة ولايته.
تقول سول إن الكوريين الشماليين على طول الحدود يقومون بتركيب ما يبدو أنها حواجز مضادة للدبابات، وتعزيز الطرق وزرع الألغام الأرضية، حتى في الوقت الذي تسببت فيه انفجارات الألغام في مقتل أو إصابة عدد غير محدد من الجنود الكوريين الشماليين.
بدأ البناء في شهر أبريل تقريبًا وقد يكون محاولة لكبح جماح من يحاولون الانشقاق إلى الجنوب، وفقًا للجيش في سول.
احتماليات التوغل
ترجح تقارير إمكانية حدوث توغلات مرة أخرى، خاصة إذا استمرت أعمال البناء الكورية الشمالية على طول الخط الفاصل، لكن يبدو أن كلا الجانبين عازمان على احتواء عداواتهما تجاه الحرب النفسية التي ينخرطان فيها.
ومع ذلك، هناك مخاوف من أن الأعمال العدائية تقربهم من اشتباك عسكري مباشر، ولم تجر الكوريتان محادثات ذات معنى منذ سنوات، وقد تجدان صعوبة في إقامة حوار مع تصاعد التوترات بشأن تطوير كوريا الشمالية لأسلحة نووية.
ويقول بعض المحللين إن الحدود البحرية الغربية للكوريتين سيئة التحديد، وهي موقع مناوشات وهجمات في السنوات الماضية، من المرجح أن تكون نقطة أزمة أكثر من الحدود البرية.
وفي حين أن الوجود العسكري الضخم على جانبي المنطقة المجردة من السلاح يعني أن السنوات تمر في بعض الأحيان دون وقوع حوادث، إلا أن أعمال العنف يمكن أن تندلع بسرعة، على سبيل المثال، قُتل اثنان من ضباط الجيش الأمريكي بالفأس في عام 1976 على يد جنود كوريين شماليين.