بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، زيارة دولة تستغرق يومين إلى كوريا الشمالية، في أحدث علامة على تعمق التحالف الذي يزعج الحلفاء الغربيين بقيادة الولايات المتحدة، وفق ما ذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.
وأعلن الكرملين، أن الرئيس فلاديمير بوتين التقى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في بيونج يانج هذا الأسبوع، في مسعى لتعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين.
أول رحلة
وتعد هذه أول رحلة يجريها بوتين إلى كوريا الشمالية منذ أكثر من عقدين، وتدل على اعتماد روسيا على بيونج يانج للحصول على الذخائر اللازمة لتغذية الحرب مع أوكرانيا، وفق موقع "أكسيوس" الأمريكي.
وتمثل هذه المهمة رحلة نادرة أخرى لبوتين إلى الخارج، وهي الثانية له منذ أن حصل بسهولة على ولاية خامسة في انتخابات رئاسية في وقت سابق من هذا العام.
وخلال رحلته إلى الصين الشهر الماضي، اتفق "بوتين" مع نظيره الرئيس الصيني شي جين بينج على تعميق العلاقات الاستراتيجية الوثيقة بالفعل بين البلدين، وأدانا ما زعما أنه "سلوك عدواني من جانب الولايات المتحدة".
كوريا الشمالية وروسيا
وتعقدت العلاقة بين موسكو وبيونج يانج بسبب سقوط الاتحاد السوفييتي، لكنها تجمعت مؤخرًا بعد التأثير الكبير الذي خلفته أوكرانيا على المؤسسة العسكرية الروسية، ومع استمرار عزلة كوريا الشمالية بسبب استفزازاتها النووية، وفق الموقع الأمريكي.
وتحتاج روسيا إلى ذخائر إضافية لضرب أهدافها في مختلف أنحاء أوكرانيا، في حين تحتاج دولة كوريا الشمالية المنعزلة بشدة إلى الواردات الغذائية، والقدرة على الوصول إلى التكنولوجيات الأحدث، وعلى وجه التحديد القدرات الفضائية الجديدة، فضلًا عن سبل الوصول إلى النظام المالي العالمي للتهرب من العقوبات الغربية.
زيارة كيم إلى روسيا
وتوسعت العلاقة بين الدولتين بشكل خاص بعد زيارة كيم التي أجراها إلى أقصى شرق روسيا في سبتمبر الماضي، وكان كيم أجرى زيارات مماثلة سابقًا، لكن رحلة العام الماضي كانت الأولى منذ بدء الحرب مع أوكرانيا.
وقبل وقت طويل من الزيارة، زعم مسؤولون أمريكيون أن لديهم معلومات استخباراتية تظهر أن روسيا اشترت ملايين الصواريخ وقذائف المدفعية من كوريا الشمالية، التي زودتها سرًا بالأسلحة من خلال تمويهها على أنها شحنات إلى دول أخرى.
ماذا تعني الزيارة لأمريكا؟
تؤدي الشراكة بين روسيا وكوريا الشمالية إلى تعقيد السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل كبير، وسابقًا استخدمت الإدارات الأمريكية السابقة الجزرة، مثل المساعدات الغذائية، والعصي، مثل العقوبات، لمحاولة تقييد بيونج يانج، وفق "أكسيوس".
ويبدو أن روسيا على استعداد لتقديم الجزرة من جانبها، وجعل من الصعب على الولايات المتحدة أن تمسك بالعصا، من خلال استخدام حق النقض ضد العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
ويخشى محللون أمريكيون من أن تعزز هذه العلاقة ثقة كيم، ما يؤدي إلى المزيد من الاستفزازات ضد كوريا الجنوبية واليابان، مثل وابل أكياس القمامة الأخير عبر خط ترسيم الحدود الذي يفصل بين الكوريتين.
مكاسب روسية
وقال مسؤولون أمريكيون، في وقت لاحق، إنه منذ اجتماع كيم وبوتين، أرسلت كوريا الشمالية إلى روسيا نحو 260 ألف طن متري من الذخائر أو المواد المتعلقة بالذخائر.
وسمحت المدفعية والصواريخ الإضافية من كوريا الشمالية لروسيا بالحفاظ على معدل إطلاق النار المرتفع طوال فترة الحرب ضد أوكرانيا، والذي قُدر بما لا يقل عن 10000 قذيفة مدفعية يوميًا.
بعد أشهر من زيارة كيم، زعم مسؤولون أمريكيون أن روسيا بدأت في استخدام الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية ضد أوكرانيا، وبحلول ديسمبر 2023، أطلقت أكثر من 40 صاروخًا.
مكاسب كوريا الشمالية
ومن غير الواضح ما الذي كسبته كوريا الشمالية على وجه التحديد من خلال مبيعات الأسلحة بخلاف العملة الصعبة والغذاء.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، في يناير الماضي، إن كوريا الشمالية ترغب في الحصول على "طائرات مقاتلة وصواريخ أرض-جو ومركبات مدرعة ومعدات أو مواد لإنتاج الصواريخ الباليستية" من روسيا، في حين أشارت المخابرات الأمريكية إلى أنها تلقت "مساعدات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية".
وتشير معلومات استخباراتية أخرى إلى أن ذلك يشمل النفط الروسي ومساعدة موسكو في إطلاق أول قمر صناعي ناجح لكوريا الشمالية، في وقت سابق من هذا العام.
ولأن روسيا تستخدم الأسلحة الكورية الشمالية في ساحة المعركة، فإن بيونج يانج تحصل على معلومات حول كيفية أداء أنظمة أسلحتها، وتحديدًا صواريخها الباليستية.
تخفيف العقوبات
يعد تخفيف العقوبات أحد مكاسب كوريا الشمالية من علاقاتها المزدهرة مع روسيا، إذ منعت موسكو فرض عقوبات إضافية على كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية الباليستية في عامي 2022 و2023، وفي مارس 2024 منعت تجديد لجنة الخبراء التي تراقب تنفيذ عقوبات الأمم المتحدة على بيونج يانج.
وأطلقت روسيا أيضًا سراح ملايين الدولارات من الأصول الكورية الشمالية التي كانت مجمدة سابقًا في المؤسسات المالية الروسية، والتي قد تساعد أيضًا بيونج يانج على تجنب العقوبات.