تعيش إيطاليا حالة من الجدل السياسي، من أجل تعديل دستور البلاد؛ والذي يهدف للسماح بالانتخاب المباشر لرئيس الوزراء، وهو ما يعجل بمواجهة مرتقبة بين الحكومة الحالية وأحزاب المعارضة.
وحصل التعديل على موافقة مجلس الشيوخ، أمس الثلاثاء، وضغطت رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني، بقوة من أجل التغيير، ووصفته بأنه "أم كل الإصلاحات"، لكنه يواجه مقاومة حازمة من أحزاب المعارضة، ومن شبه المؤكد أنه سيحتاج إلى طرحه للاستفتاء، بحسب مجلة "دير شبيجل" الألمانية.
وبموجب الاقتراح، سيتم انتخاب رئيس الوزراء لمدة خمس سنوات، وسيحصل الائتلاف الذي يدعم المرشح الفائز على 55% على الأقل من المقاعد، للتأكد من حصوله على أغلبية عملية في مجلسي البرلمان.
ويقول ائتلاف ميلوني اليميني إن القانون الجديد سيساعد في إنهاء عدم الاستقرار السياسي المزمن في إيطاليا، التي تولى فيها ما يقرب من 70 حكومة منذ الحرب العالمية الثانية، ويجعل البلاد أكثر ديمقراطية في هذه العملية.
ويقول المنتقدون إن مشروع القانون قد يؤدي إلى الفوضى، إذ يتمكن الناخبون من دعم شخص واحد ليكون رئيسًا للوزراء، بينما يختارون مشرعين من حزب آخر، وكانت دولة الاحتلال الإسرائيلي في التسعينيات الدولة الوحيدة التي جربت مثل هذا النظام، قبل أن تتخلص منه في النهاية.
وقال رئيس الوزراء السابق، ماريو مونتي، أمام مجلس الشيوخ، إن مشروع القانون من شأنه أن يجرد إيطاليا من القدرة على الاستجابة برشاقة للأزمات الحادة، كما حدث في عام 2011 عندما طلب منه الرئيس آنذاك تولي المسؤولية أثناء الأزمة المالية.
وقال "إن الإصلاح لن يسمح بعد الآن بدرجات المرونة في النظام التي أثبتت فائدتها في بعض الأحيان في حالات الطوارئ في إيطاليا".
إن المحاولات المتكررة لإنتاج نظام أكثر قوة في إيطاليا تتعثر دائمًا وسط عدد لا يحصى من الرؤى، وبالنظر إلى الخطوات اللازمة، ليس هناك ما يضمن أن مشروع القانون هذا سيصبح قانونًا على الإطلاق.
ويجب أن يحظى أي تغيير في الدستور بموافقة مجلسي البرلمان مرتين، بأغلبية الثلثين اللازمة للتصويتين الأخيرين، وإذا فشل ذلك، فلا بد من إجراء استفتاء، لكن هذا الاستفتاء غالبًا ما يفشل، كما حدث في محاولة عام 2016.
ووعدت "ميلوني" بالقيام بحملة قوية من أجل التغيير، قائلة إنه لا ينبغي فرض حكومات تكنوقراط على البلاد بعد الآن، كما حدث خلال أزمة كوفيد في عام 2021 عندما أصبح رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي رئيسًا للوزراء.
ومع ذلك، قالت إنها لن تستقيل إذا خسرت الاستفتاء النهائي، الذي من المرجح أن يتم إجراؤه في عام 2025.
وسيتم إرسال مشروع قانون تعديل الدستور، الذي وافق عليه مجلس الشيوخ، إلى مجلس النواب للتصويت عليه، وحصل مشروع القانون على 109 مقابل 77، أمس الثلاثاء، وهو أقل من أغلبية الثلثين اللازمة لتجنب الاستفتاء.
وفي الآونة الأخيرة، فشل رئيس الوزراء آنذاك ماتيو رينزي في الاستفتاء الدستوري في عام 2016 واضطر إلى الاستقالة نتيجة لذلك.
وتخشى المعارضة الإيطالية أن يؤدي إصلاح ميلوني إلى حرمان البرلمان والرئيس من صلاحيات مهمة، وسيتم تقليص دور الرئيس مع وظيفته المتوازنة الرئيسية، وقال زعيم المعارضة إيلي شلاين، إن الإصلاح سيقلب هيكل السلطة في إيطاليا رأسًا على عقب، سوف تتركز السلطة في شخص واحد.