على مدار اليومين الماضيين، زار طارق فهمي، مدير مكتب إنفاذ حقوق الملكية الفكرية بوزارة الخارجية الأمريكية، القاهرة، صحبة عائشة سالم هوي، الملحق الإقليمي للملكية الفكرية بالمكتب الأمريكي لبراءات الاختراع والعلامات التجارية، في إطار مناقشات مع مسؤولين حكوميين مصريين، وعدد من ممثلي القطاع الخاص في مجال الصناعة الإبداعية، لـ"مناقشة مشهد الصناعة الإبداعية المزدهر وبيئة الملكية الفكرية التي توفر الدعم والحماية للمبدعين"، وفق البيان الصادر عن السفارة الأمريكية بالقاهرة.
وخلال المناقشات، أكد فهمي أن الصناعات الإبداعية في مصر أصبحت جزءًا متزايد الأهمية من الاقتصاد المصري، مشددًا على أن الحماية القوية لحقوق الملكية الفكرية وإنفاذها شرطان أساسيان لتنمية الصناعات الإبداعية.
وقال: "الملكية الفكرية تمثل أولوية سياسية مهمة للغاية بالنسبة للإدارة الأمريكية، سواء لوزير الخارجية أو للحكومة الأمريكية ككل". وأعتقد أننا الآن في وقت تتخذ فيه مصر العديد من الخطوات الإيجابية في موقفها من الملكية الفكرية، إذ أنشأت القاهرة الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية.
وأضاف فهمي لـ"القاهرة الإخبارية"، على هامش لقائه عددًا من ممثلي وسائل الإعلام المصرية، أن "هذا هو الوقت المثالي للحضور وإجراء محادثات مع الحكومة المصرية، لأن الملكية الفكرية أحد أهم محركات الاقتصاد. إنه شيء يخلق فرص العمل. عندما يتم حماية الابتكار والاختراع، فهو يسمح لهؤلاء الأفراد بالتعويض بشكل مناسب عن أفكارهم وإبداعاتهم".
وتابع: "لقد وجدنا من خلال العديد من الدراسات أنه عندما تتم حماية الملكية الفكرية ستكون لديك وظائف ذات رواتب أعلى، المزيد من الوظائف، المزيد من الاستثمار الأجنبي. لذلك نود التأكد من وجود البنية التحتية المناسبة لحماية الملكية الفكرية (قاصدًا التشريعات)".
الصناعة الإبداعية
خلال حديثه، لفت فهمي إلى اهتمام الإدارة الأمريكية بالصناعات الإبداعية وحماية الملكية في بلدان إفريقيا؛ إذ أقامت الخارجية الأمريكية عدة موائد مستديرة للنظام البيئي للصناعة الإبداعية في مصر وكينيا ونيجيريا وغانا وكوت ديفوار.
وقال: "في كل اجتماع تبين أن الحصول على الحماية للملكية الفكرية يعد أمرًا إيجابيًا بالنسبة لأي بلد. إذن كيف يمكننا بعد ذلك تحويل هذه العقلية نحو بقية السكان؟ هذا هو التحدي الذي يواجهنا. ولهذا السبب نحن هنا، ومحظوظون بوجود شريك عظيم هو الحكومة المصرية للمساعدة في تحقيق ذلك".
وحول التحديات التي اكتشفها فهمي خلال تلك المناقشات وتجمع الدول الإفريقية التي ذكرها، لفت إلى أن "السبب وراء اختيارنا لهذه البلدان هو أنها في أماكن مختلفة جدًا في أطر الملكية الفكرية الخاصة بها. لكن بشكل عام، في الصناعات الإبداعية، تريد التأكد من أن لديك قوة عاملة مدربة بشكل صحيح لتكون قادرًا على القيام بالعمل الذي يأتي جنبًا إلى جنب مع زيادة الاستثمار في الصناعات الإبداعية".
وأضاف: "على سبيل المثال، عندما نتحدث عن جلب إنتاج سينمائي أمريكي إلى مصر، فإن الأمر لا يقتصر على المنتج أو المخرج فقط. لديك، كما تعلم، مصممو الديكور، والبناؤون، والسائقون، ومقدمو الطعام، وغيرهم. الأفلام توظف الكثير من الأشخاص. ومن أجل خلق هذا النوع الذي يجلب هذه الأنواع من الاستثمارات، فهذا هو الموضع الذي ترى فيه كل تلك الفوائد الاقتصادية المتزايدة منها".
وتابع: "هكذا في الموائد المستديرة الأخرى تم التركيز بشكل كبير على التأكد من وجود بناء القدرات. لذلك من المهم تدريب أو توعية سكان هذه البلدان ليكونوا قادرين على القيام بنوع مختلف من العمل الذي يجب القيام به. ومن ثم العمل أيضًا على الجانب الحكومي لضمان وجود التشريعات المناسبة التي تساعد على حماية الملكية الفكرية وبناء البيئة المناسبة لهذا الاستثمار. وكانت مختلف البلدان في مواقف مختلفة عندما يتعلق الأمر بالتشريعات واللوائح التي تسمح بالاستثمار المناسب.
حماية الحقوق
خلال حديثه، أعرب فهمي عن تقديره لأن الحكومة المصرية تعطي أولوية عالية للملكية الفكرية "لأن لديهم فهمًا راسخًا للمنفعة الاقتصادية للملكية الفكرية"، حسب قوله.
وأضاف لـ"القاهرة الإخبارية": "كانت ردود الفعل على المائدة المستديرة التي عقدت في القاهرة إيجابية للغاية. لدينا هنا بلد تتوفر فيه الإرادة السياسية لمواصلة تحسين مناخ الملكية الفكرية".
ولفت مدير مكتب إنفاذ حقوق الملكية الفكرية بالخارجية الأمريكية، إلى أن هناك الكثير من البرامج التدريبية بين الحكومتين المصرية والأمريكية، ليس فقط بشأن حماية الملكية الفكرية، بل في الكثير من المجالات الأخرى "أعتقد أن لدينا النظام والموارد التي تمكننا من العمل معًا".
وتابع: "أعتقد أن هذه هي الشراكة بين البلدين، إذ يحددان أين توجد الثغرات أو الاحتياج للمساعدة، وبعد هذا نعمل معًا".
وعن حماية الملكية الفكرية من الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن إهدار كل حقوق الملكية الفكرية والإبداعية، أشار فهمي إلى أنه في الولايات المتحدة، هناك مكتب حقوق الطبع والنشر الأمريكي يعمل على حماية الملكية الفكرية وحقوق النشر عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي.
وقال: "لقد أصدر الرئيس بايدن أطول أمر تنفيذي في التاريخ، الذي كان مكونًا من أكثر من 110 صفحات، كلها عن الذكاء الاصطناعي. ووضع هذا الأمر التنفيذي بشكل أساسي خارطة طريق لجميع الوكالات المختلفة في الحكومة الأمريكية لمعالجة أجزاء معينة من الذكاء الاصطناعي".
وأضاف: "بينما نمضي قدمًا على وضع لوائح من شأنها أن تساعد في حماية الملكية الفكرية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، هناك جبهة أخرى متعددة الأطراف. فقد كانت هناك بيانات وقرارات في الأمم المتحدة، وفي مجموعة السبع تتناول جميعها الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي أيضًا".
وتابع: "لذا، بينما نتعلم المزيد عن هذه العملية، فإننا نقوم بعمل أكبر قدر ممكن من التنظيم حتى نتمكن من حماية الملكية الفكرية".