في قلب المعارك الضارية التي تخوضها أوكرانيا ضد القوات الروسية، تجد مشروبات الطاقة طريقها بكثافة إلى خطوط المواجهة، إذ يعتمد عليها الجنود الأوكرانيون بشكل كبير للتغلب على التعب والإرهاق الشديدين اللذين يواجهونهما، إذ كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن انتشار ظاهرة استهلاك هذه المشروبات بين صفوف القوات الأوكرانية رغم المخاوف الصحية المحيطة بها.
السر وراء الصمود
استنادًا إلى شهادات العديد من الجنود الأوكرانيين الذين أجريت معهم مقابلات، كشفت الصحيفة الأمريكية أن مشروبات الطاقة الغنية بالسكر والكافيين أصبحت بمثابة المنقذ الوحيد لهؤلاء المقاتلين للتغلب على الإنهاك المتراكم وتحمل الظروف القاسية على جبهات القتال.
يروي أحد جنود الاستطلاع للصحيفة قائلًا: "في الصباح عندما أستيقظ، لا بد لي من شرب مشروب طاقة، وقبل الخروج في دورية استكشافية، أشرب مشروبًا آخر، وحتى قبل شن هجوم، أحرص على تناول علبة مشروب الطاقة تلك".
الحياة قبل الصحة
يُبرر هذا الجندي اعتماده الكبير على مشروبات الطاقة بأنه لولاها ما استطاع المُضي قدمًا في مهامه القتالية التي قد تستدعي منه قطع مسافات تصل إلى 7 كيلومترات وهو يرزح تحت وطأة 40 كيلوجرامًا من المعدات العسكرية الثقيلة، فضلًا عن الحرمان من النوم والطعام لفترات قد تصل إلى ثلاثة أيام متواصلة.
ويؤكد جنود آخرون للصحيفة أنهم يفضلون حمل مشروبات الطاقة معهم إلى ساحات المعارك بدلًا من الخبز.
ويتجاهل البعض المخاوف الصحية الناجمة عن استهلاك مشروبات الطاقة بشكل مفرط، إذ روى نقيب في سلاح المشاة الأوكرانية للصحيفة، حادثة وفاة أحد زملائه كان يعاني مشكلة في القلب، ومع ذلك كان يشرب ما يصل إلى 10 علب من مشروبات الطاقة يوميًا، حتى عُثر عليه ميتًا وبيده إحدى عبوات المشروب المنعش.
ارتفاع المبيعات
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز"، نقلًا عن ممثلي صناعة مشروبات الطاقة، فإن استهلاك هذه المنتجات لم يقتصر على الجنود المقاتلين في الخطوط الأمامية فحسب، بل شهدت المناطق الخلفية أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب عليها، حيث لجأ الكثير من المدنيين الأوكرانيين إلى تناولها للتعامل مع الضغوط والتوتر الناجمين عن الهجمات الصاروخية المستمرة والقلق وعدم القدرة على النوم بشكل كافٍ.
عملة الجبهة
وأشارت الصحيفة إلى أن شحنات مشروبات الطاقة تصل إلى خطوط المواجهة بكميات كبيرة محمولة على متن الشاحنات، حتى أصبحت بمثابة "عُملة الجبهة"، لا سيما وأنها باتت من الأشياء الرئيسية التي يعتمد عليها المقاتل الأوكراني على خطوط المواجهة.
ونتيجة لذلك ازدهرت أسواق هذه المنتجات في أوكرانيا، واعتبرت الصحيفة هذا التطور أحد بوادر الأمل القليلة لاقتصاد البلاد المنهك من الحرب.
وبحسب استطلاعات الصناعة التي استشهدت بها "نيويورك تايمز"، فقد ارتفعت مبيعات مشروبات الطاقة في أوكرانيا بنسبة تصل إلى 50% منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من عامين.