في محاولة لاستخدام سلاح القوة الناعمة كأداة دبلوماسية فعّالة ومؤثرة، استضافت السفارة الفلسطينية في مدينة أوسلو، عرضًا خاصًا لفيلم "صرخات الأطفال"، للمخرج الفلسطيني إياد أبو روك، الذي يسلّط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948 إلى اليوم، مع التركيز بشكل خاص على ما تعرض له ولا يزال الأطفال والمدنيون.
يؤكد المخرج الفلسطيني إياد أبو روك لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن فكرة فيلم "صرخات الأطفال"، جاءت انطلاقًا من رغبته العميقة في تسليط الضوء على المعاناة اليومية التي يعيشها الأطفال في فلسطين نتيجة للحرب الصهيونية المستمرة على قطاع غزة، إذ يقول: "شاهدت العديد من الأسر الفلسطينية التي عانت من ويلات الحرب، والعيش في ظل هذه الظروف القهرية، وخصوصًا الأطفال، واستمعت إلى قصص مؤلمة أثرت فيّ بشدة".
يضيف: "شعرت بعد الاستماع إلى هذه الروايات أن مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي لنقل هذه القصص إلى العالم من خلال فيلم وثائقي صادق، حيث يُمكن للفيلم أن يكون وسيلة قوية للتوعية وإحداث تغيير وكشف الجرائم الصهيونية بحق الأطفال والإبادة الجماعية التي يتعرض لها هذا الشعب المُثابر".
العمل الذي تدور أحداثه بداية من النكبة الفلسطينية عام 1948 والمجازر التي تعرّض لها الشعب الفلسطيني إلى وقتنا الحالي، واجه أبو روك خلال تنفيذه تحديات عدة، ويقول: "واجهت تحديات خلال اختيار مشاهد الفيلم، بدءًا من الحصول على موافقة من بعض الصحفيين الذين لديهم مشاهد مصورة، إذ اعتمدت بشكل كامل على اختيار المشاهد المؤثرة للأطفال لنقل معاناتهم، من خلال مشاهد واقعية لأطفال يعانون من صدمات نفسية وجسدية، كما حرصنا على التعامل بحساسية كبيرة مع هؤلاء الأطفال وأن يكون الفيلم توثيقيًا وفي الوقت نفسه إنسانيًا يهز الضمير الإنساني".
لحظات مؤثرة
وحول كواليس الفيلم والوقت الذي استغرقه للخروج إلى النور، يقول: "عملية اختيار المشاهد والمونتاج في الفيلم استغرقت نحو ثلاثة أشهر، حيث قمنا بجمع العديد من المشاهد من مناطق مختلفة، إضافة إلى أن العمل على تحرير الفيلم ومونتاجه كان تحديًا آخر، فقد كان علينا التأكد من أن الرسالة ستصل بشكل واضح وقوي دون التأثير على مصداقية الأحداث، لأن كواليس العمل كانت مليئة باللحظات الصعبة والمؤثرة، كما كنا نشهد يوميًا قصصًا جديدة ترصد لحظات الألم والصمود للشعب الفلسطيني والأطفال الفلسطينيين سواء في غزة أو الضفة الغربية".
يضيف: "الرسالة التي أردت إيصالها من خلال "صرخات الأطفال" هي أن هناك أطفالًا أبرياء يعانون ويُحرمون من أبسط حقوقهم الإنسانية بسبب الاحتلال المُستمر، لذا أردت أن أُظهر للعالم حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء الأطفال، وأن أدعو إلى السلام والعدالة للأطفال الفلسطينيين الذين يحق لهم العيش بأمان وكرامة كبقية أطفال العالم".
مهرجانات دولية
وحول مشاركة الفيلم في المهرجانات السينمائية الدولية، يقول مخرج "صرخات الأطفال": "أخطط لعرض الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية والمحلية، حتى يصل إلى جمهور أوسع ويحقق تأثيرًا أكبر، وقد بدأت بالفعل في التقديم لبعض المهرجانات الكبرى، ومتفائل بأن الفيلم سيحظى بالاهتمام الذي يستحقه نظرًا لأهمية القضية التي يعالجها، حيث تم عرضه في السفارة الفلسطينية بمدينة أوسلو، وكان له أثر كبير، وقريبًا سوف يُعرض في النمسا أمام جمهور كبير من السفراء والدبلوماسيين وعدد من المؤثرين".
ويضيف: "كانت ردود الفعل على عرض الفيلم بالسفارة الفلسطينية في أوسلو مؤثرة للغاية من جانب الحضور، بما في ذلك السفراء والدبلوماسيين الذين أعربوا عن تأثرهم الشديد بالقصص التي عرضها الفيلم، إذ كان هناك شعور عام بالتضامن مع الأطفال الفلسطينيين ورغبة في المساعدة والدعم، إذ خرج الجميع من الفيلم وهم في حاله صدمة لما يحتويه على مشاهد موثقه للجرائم الإسرائيلية".
دور حيوي
يشير الفلسطيني إياد أبو روك إلى أن للفن دورًا حيويًا ومؤثرًا في دعم القضية الفلسطينية، إذ يقول: "أرى أن للفن دورًا حيويًا في تسليط الضوء على القضايا الإنسانية والمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، حيث يمكننا من خلاله نقل القصص والحقائق بطرق مؤثرة وجذابة، ما يساعد على زيادة الوعي والتحفيز والتحرك من أجل تحقيق العدالة والسلام، فالفن يعبّر عن المشاعر والأحاسيس بطرق قد لا تستطيع الكلمات وحدها التعبير عنها، ولهذا أؤمن بقوة الفن كوسيلة للتغيير والتوعية، وواجبي الأخلاقي والإنساني كي لا أشعر بالعجز أن أُبرز قضية أطفال بلدي والمعاناة التي يعيشون فيها".