بعد ثمانية أشهر من العدوان الإسرائيلي على غزة، خلف جيش الاحتلال أزمة إنسانية غير مسبوقة في القطاع المحاصر، حيث يعيش الفلسطينيون ظروفًا معيشية "لا توصف"، كما تقول جماعات حقوق الإنسان.
وذكرت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، في تقرير لها عن الأزمة الإنسانية التي خلفها الاحتلال في غزة، أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 36,654 وأدى الهجوم الإسرائيلي إلى استشهاد ما لا يقل عن 36,654 فلسطينيًا وإصابة 83,309 آخرين، وفق أحدث الأرقام الصادرة عن السلطات الصحية في غزة.
ووفق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فإن أكثر من 75% من سكان غزة نزحوا، كما أدى العدوان الإسرائيلي إلى سحق الأحياء، وتدمير البنية التحتية الصحية، واستنفاد إمدادات الغذاء والمياه والوقود.
واتهمت الأمم المتحدة سلطات الاحتلال بفرض "قيود غير قانونية" على عمليات الإغاثة مثل إغلاق الطرق البرية، وانقطاع الاتصالات، والغارات الجوية. ونقلت الشبكة الأمريكية، عن موظفين محليين، إنهم يضطرون إلى إبعاد المحتاجين في نقاط التوزيع لأنه لا يوجد ما يكفي من الإغاثة لتوزيعها.
إغلاق المعابر
وذكرت الشبكة إن القيود التي فرضتها سلطات الاحتلال على الطرق البرية المؤدية إلى غزة تعني أن المساعدات بالكاد تتدفق إلى القطاع. لكن الأزمة أصبحت أكثر خطورة في أوائل الشهر الماضي، بعد أن شنت قوات الاحتلال هجومها البري على رفح الفلسطينية، وسيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.
وقالت وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة، إن الهجمات المستمرة منعت الوصول إلى مستودعها الرئيسي في رفح الفلسطينية منذ 9 مايو، مما أجبرها على تعليق التوزيع هناك لمدة شهر تقريبًا.
وأعربت الوكالة عن قلقها بشأن الفلسطينيين في جنوب غزة، حيث أدى إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني بعد سيطرة الاحتلال عليه، إلى الحد بشدة من الإمدادات الغذائية التي تصل إلى القطاع، مما يشير إلى انعدام الأمن الغذائي الخطير في شمال غزة بعد عمليات الإغلاق السابقة.
وبالمثل، أوقفت منظمة "وورلد سنترال كيتشن"، عملياتها مؤقتًا في منشآتها الرئيسية في رفح الفلسطينية، وانتقلت شمالًا الأسبوع الماضي. هذا بالإضافة إلى الضرر الذي لحق بالرصيف البحري الأمريكي قبالة ساحل غزة.
ومنذ ذلك الحين، انخفضت الكمية الإجمالية للمساعدات التي تدخل غزة بنسبة 67%، وفقًا للأمم المتحدة، إلى متوسط يومي قدره 58 شاحنة بين 7 و28 مايو. على سبيل المقارنة، أفادت الأمم المتحدة سابقًا أن ما متوسطه 500 شاحنة دخلت القطاع يوميًا في الأشهر التي سبقت 7 أكتوبر.
وقالت لويز ووتردج، مسؤولة الاتصالات في الأونروا: "كل ما كان قائمًا في معبري رفح وكرم أبو سالم قد تغير الآن".
شاحنات الإغاثة عالقة
ظهرت مشاهد لشاحنات إغاثة كبيرة تتكدس على الحدود مع غزة، بعد أن كثفت سلطات الاحتلال عمليات التفتيش على قوافل الإغاثة التي تدخل القطاع.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن "العرقلة المنهجية عند نقاط العبور التي تسيطر عليها قوات الاحتلال"، وقالت ووتردج لسى. إنز إن، إنه لا يمكن استقبال الشاحنات العالقة في معبر كرم أبو سالم بسبب العدوان الإسرائيلي الكثيف على غزة. وأضافت: "إنه مجرد إهدار كامل للمساعدات الإنسانية الحيوية، وهو وضع من صنع الإنسان".
وتأتي تحديات التوزيع هذه في الوقت الذي حذرت فيه وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة في شهر مايو، من أن الفلسطينيين في الشمال يعانون من "مجاعة شاملة" تنتشر جنوبًا.
وحذر تقرير آخر للأمم المتحدة هذا الأسبوع، من أن أكثر من مليون شخص، أي نصف سكان غزة، "من المتوقع أن يواجهوا الموت والمجاعة" بحلول منتصف يوليو، في الوقت الذي يكافح فيه المدنيون للعثور على ما يكفي من الغذاء وسط ندرة إمدادات السوق وارتفاع الأسعار.
ويعاني أكثر من 7000 طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
لا ممرات آمنة
ونقلت "سى. إن. إن" عن العاملين في مجال حقوق الإنسان، إنه بالنسبة لشاحنات المساعدات القليلة التي تدخل القطاع، فإن الطرق المتضررة من الضربات الإسرائيلية والمخاوف الأمنية بشأن الأعمال العدائية المستمرة تخنق محاولات الوصول إلى الفلسطينيين النازحين.
ودعت وكالات الإغاثة مرارًا وتكرارًا إلى إنشاء طرق دخول جديدة، وزيادة عدد الشاحنات لعبور نقاط التفتيش الحدودية اليومية، وتقليل العوائق أمام حركة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير ضمانات لسلامتهم.
وأثارت الهجمات الإسرائيلية على قوافل المساعدات إدانة شديدة من جانب جماعات حقوق الإنسان، ولفتت الانتباه إلى الشكوك الغربية المتزايدة بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة.
منذ 7 أكتوبر، قصفت قوات الاحتلال مواقع معروفة لعمال الإغاثة في القطاع ثماني مرات على الأقل، على الرغم من تقديم الوكالات إحداثياتها "لضمان حمايتهم.