في اليوم الـ245 من الحرب التي أزكمت أنوف العالم برائحة الموت والجريمة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المحاصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، استغاثت المنظمات الدولية من خطر المجاعة التي باتت تحلق في أرجاء القطاع المنكوب.
مليون جائع
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) من أن أكثر من مليون فلسطيني في قطاع غزة سيواجهون المجاعة والموت بحلول منتصف يوليو المقبل.
وقالت "فاو"، في تقرير إنذار مبكر للفترة من يونيو إلى أكتوبر 2024 بشأن الأماكن التي تحدث فيها أزمة الجوع، ويتوقع أن يتفاقم فيها انعدام الأمن الغذائي الحاد، إن انعدام الأمن الغذائي الحاد سيتفاقم أكثر في 18 "نقطة ساخنة" للجوع، مشيرة إلى أن غزة ضمن المناطق الأخطر في العالم.
مرحلة الأزمة
وأضافت أن فلسطين لا تزال في أعلى مستويات التأهب لحدوث المجاعة وتتطلب اهتمامًا عاجلًا، وأن البيانات الواردة في التقرير أظهرت أن 100% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة هم في المرحلة الثالثة فما فوق، والتي تعرف بمرحلة "الأزمة" في تصنيف الأمم المتحدة المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC).
ونقل البيان عن المدير العام لـ"فاو" شو دونيو، قوله، إن "التوقعات المروعة التي أبرزها هذا التقرير يجب أن تكون بمثابة دعوة للاستيقاظ لنا جميعًا، وإن التحرك قبل الأزمات يمكن أن ينقذ الأرواح، ويقلل من نقص الغذاء، ويحمي سبل العيش بتكلفة أقل بكثير من الاستجابة الإنسانية التي لا تأتي في الوقت المناسب".
عتبة المجاعة
وأوضح تقرير لشبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة (Fews Net)، ومقرها الولايات المتحدة، أنه "بغض النظر عمّا إذا تم الوصول إلى عتبات المجاعة أو تجاوزها أم لا، فإن الفلسطينيين يموتون لأسباب مرتبطة بالجوع في جميع أنحاء غزة"، مشيرًا إلى ارتفاع سوء التغذية الحاد بين الأطفال، والذي بدوره سيؤدي إلى آثار فسيولوجية لا يمكن علاجها.
وذكر التقرير أن الخسائر في الأرواح على نطاق واسع لا تزال ترتبط بالنتائج القريبة من عتبات المجاعة، وأنه إذا طال أمدها لفترة طويلة من الزمن، فإنها ربما تصل إلى مستويات أعلى مقارنة بالأشهر الماضية.
مجاعة واقعة
وفي وقت سابق، أعلن خبراء من الشبكة، التي أنشأتها الولايات المتحدة في الثمانينيات بهدف تحذير من الأزمات الوشيكة، أنه من المحتمل أن تكون المجاعة واقعة بالفعل في شمال غزة، منذ أبريل الماضي.
وحذر فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من أن مجاعة يتسبب فيها الإنسان "تحكم قبضتها" على أنحاء قطاع غزة، واتهم إسرائيل بعرقلة إدخال المساعدات والسعي لتصفية أنشطة الوكالة في القطاع.
وقال أمام مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 عضوًا "اليوم، تجري حملة ماكرة لإنهاء أنشطة الأونروا، وهو ما سيكون له تداعيات خطيرة على السلم والأمن الدوليين".
صراع طويل الأمد
قال لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، الثلاثاء الماضي، إن حدوث مجاعة واسعة النطاق تفضي إلى سقوط وفيات في غزة ستؤدي على الأرجح إلى تفاقم أعمال العنف وصراع طويل الأمد.
وأضاف "أوستن"، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي: "سيؤدي ذلك إلى تسريع وتيرة أعمال العنف، وإلى صراع طويل الأمد"، بحسب "رويترز".
وحذر: "يجب ألا يحدث ذلك، يجب أن نواصل بذل كل ما في وسعنا، وهو ما نفعله، لتشجيع الإسرائيليين على توفير المساعدات الإنسانية".
موقف كارثي
فيما قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إنَّ الموقف الإنساني في قطاع غزة لا يزال كارثيًا ونترقب وقوع مجاعة بين الفلسطينيين، إذ إنّ تقليص عدد المعابر أثّر على إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.
وفي حديثه لـ"القاهرة الإخبارية"، أضاف "دوجاريك": "مستمرون في العمل من أجل وقف إطلاق النار من أجل الإنسانية وإطلاق سراح المحتجزين، كما ندعّم توزيع المساعدات عبر الإنزال الجوي أو غيره من الحلول، لكننا متمسكون بدخول القوافل والمساعدات عبر المعابر لأنها الأكثر فاعلية والإيصال السريع ونعمل مع الجانب الإسرائيلي من أجل زيادة المنافذ البرية".
وذكر أنهم يحتاجون إلى مزيد من المعابر بجانب رفح وكرم أبوسالم، وفتح مسارات آمنة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة، مؤكدًا حرص المنظمة على بذل المزيد من الجهد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن المحتجزين.