منذ بدء الهجوم البري الإسرائيلي على رفح الفلسطينية، 7 مايو الماضي، سيطرت المجاعة على وسط وجنوب غزة، على نحو أكبر من شمال القطاع، وفق ما ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية.
وذكرت الصحيفة، أن وفاة الرضيع الفلسطيني "فايز أبو عطايا" - 7 شهور - بسبب سوء التغذية، الأسبوع الماضي، كانت بمثابة تحذير بشأن الأزمة المتفاقمة بسرعة في وسط وجنوب غزة، بعد الاجتياح الإسرائيلي لرفح الفلسطينية.
ولفتت الصحيفة في تقرير لها، إلى وفاة ما لا يقل عن 30 طفلًا، بسبب سوء التغذية في غزة جميعهم تقريبًا في شمال القطاع، الذي كان حتى وقت قريب المنطقة التي تعاني النقص الشديد في الغذاء والرعاية الطبية.
لكن توغل قوات الاحتلال في رفح الفلسطينية، مايو الجاري، أدى إلى تغيير حسابات التهديد القاتمة في القطاع.
ونقلت "الجارديان" عن جوناثان كريكس، رئيس قسم الاتصالات في منظمة الطفولة "يونيسف" بفلسطين: "إن الوضع المستمر في رفح يعد كارثة بالنسبة للأطفال".
وحذر "كريكس" من أنه "إذا لم يتم توزيع إمدادات التغذية، خاصة الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام، المستخدمة لمعالجة سوء التغذية بين الأطفال، فسيتم إيقاف علاج أكثر من 3000 طفل يعانون سوء التغذية الحاد".
ولعدة أشهر، كان شمال غزة، الذي فرض عليه جيش الاحتلال طوقًا عسكريًا، أكثر جوعًا من الجنوب. والآن، تسيطر قوات الاحتلال على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وتعرقل مرور شاحنات المساعدات الإنسانية عبر معبر كرم أبو سالم.
وأظهرت أرقام الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أن إمدادات المساعدات الإنسانية إلى غزة انخفضت بشكل عام بمقدار الثلثين منذ 7 مايو، عندما بدأ الهجوم البرى الإسرائيلي على رفح الفلسطينية.
وقال ماثيو هولينجورث، رئيس برنامج الغذاء العالمي لفلسطين، إن "معظم المواد الغذائية التي لا تزال تدخل غزة يتم شحنها إلى الشمال عبر معابر جديدة، ما يعني أن الأزمة هناك قد خفت، لكن الإمدادات بدأت تنفد لدى النازحين في جنوب القطاع".
وأضاف هولينجورث: "تحسن الوضع في شمال غزة بشكل ملحوظ عما كان عليه قبل خمسة أسابيع، لكن على الجانب الآخر، في وسط القطاع وخاصة الجنوب، ما رأيناه منذ 7 مايو هو أن الوضع بدأ في التدهور مرة أخرى".
وحذر هولينجورث من نفاد المساعدات لدى النازحين، وقال: "أمامنا أسبوع أو نحو ذلك قبل أن تنفد المساعدات التي حصل النازحون عليها خلال أبريل وبداية مايو".
ومع انهيار إمكان الحصول على الغذاء والرعاية الطبية، أصبحت المجاعة تهدد الجميع تقريبًا في جنوب غزة الآن. وحذرت 20 وكالة إغاثة دولية، الأسبوع الماضي، من أن "تدفق المساعدات إلى غزة بشكل لا يمكن التنبؤ به قد خلق سرابًا من تحسين الوصول في حين أن الاستجابة الإنسانية هي في الواقع على وشك الانهيار".
وأعربت المنظمات، بما في ذلك "أطباء بلا حدود" و"أوكسفام" و"إنقاذ الطفولة" في بيان مشترك، عن مخاوفهم من "تسارع الوفيات بسبب الجوع والمرض والحرمان من المساعدة الطبية".
وبعد يومين من وفاة الرضيع فايز، توفى فتى يبلغ من العمر 13 عامًا، في دير البلح، متأثرًا بسوء التغذية، ما يؤشر على حالة طوارئ أكبر بكثير، وفق الجارديان.
وقال كريكس: "في أزمات مماثلة بجميع أنحاء العالم، وفقًا لتجربة اليونيسف، عادة لا يموت الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف في المستشفيات، بل يموتون في المنزل أو في الشارع أو في المكان الذي لجأوا إليه". وهذا يعني أن "وفيات الأطفال المبلغ عنها بسبب سوء التغذية لا تظهر سوى جزء من إجمالي الحصيلة".
وأعرب رئيس قسم الاتصالات باليونيسيف، عن قلقه بشأن أعداد الأطفال الكبيرة في عزة المتأثرين بسوء التغذية والذين لا يتم إدراجهم في الأرقام المذكورة.
ويقضي معظم الأطفال دون سن الخامسة في غزة، أيامًا كاملة دون تناول أي شيء على الإطلاق. وقالت مارجريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن مسحًا سريعًا تناول إمكان الوصول إلى الغذاء على مدى ثلاثة أيام، مايو الماضي، وجد أن 85% أمضوا يومًا واحدًا على الأقل دون طعام.