بعد ساعات من إعلان زعيم حزب العمال البريطاني، السير كير ستارمر، أن حكومة الظل تدعم الردع النووي البريطاني، بدا أن هناك خلافًا كبيرًا داخل الحزب، حيث قالت نائبة ستارمر ووزيرة الظل، أنجيلا راينر، إنها لا تزال ترغب في تخليص العالم من الأسلحة النووية.
وجاء حديث راينر معاكسًا لموقف رئيس الحزب، بعد ساعات فقط من قول ستارمر إن "حكومة الظل بأكملها كانت وراء موقفه بشأن الردع النووي في المملكة المتحدة"، وفق ما أشارت صحيفة "الإندبندنت".
وقال السير كير يوم الاثنين، إنه مستعد لنشر أسلحة لحماية بريطانيا مُعلنًا التزامه بالحفاظ على نظام "ترايدنت" للردع النووي. رغم أنه في عام 2016، صوت بعض أعضاء حكومة الظل ضد تجديد نظام الردع، بما في ذلك نائبة الزعيم، أنجيلا راينر، ووزير خارجية الظل ديفيد لامي.
وعندما سُئل عن ذلك، أجاب ستارمر: "أنا أقود هذا الحزب. لقد غيرت هذا الحزب. إذا كان لنا شرف القدوم للخدمة، فسأكون رئيسًا لوزراء المملكة المتحدة وقد أوضحت التزامي بهذا الأمر بوضوح تام، ولدي حكومتي بأكملها، حكومة الظل، خلفي".
ولكن بعد ساعات فقط، قالت راينر لـ "بي بي سي" إنها لم تغير رأيها بشأن الأسلحة النووية. مضيفة: "أن التصويت الذي أجريناه قبل بضع سنوات لم يذكر شيئًا عن نزع السلاح المتعدد الأطراف، وهذا ما أشعر أنه مهم حقًا على المدى الطويل، أنه ينبغي لنا أن ننظر عالميًا إلى نزع الأسلحة النووية، ولكن يجب أن يتم ذلك بالاقتران مع أمور أخرى".
وفي مقابل العمال، وصف جرانت شابس، وزير الدفاع البريطاني، خطاب ستارمر بأنه "كان فارغًا"، وانتقده لفشله في الالتزام بجدول زمني لعام 2030 لإنفاق 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع.
وقال: "إن اختيار ستارمر لمنصب وزير الخارجية، ديفيد لامي، الذي وصف الردع النووي للمملكة المتحدة بأنه "لا معنى له"، يدحض الادعاء بأن حزب العمال قد تغير".
وأضاف: "من الواضح أن ستارمر يفتقر إلى الشجاعة والإيمان للدفاع عن أمن بريطانيا".
نظام "ترايدنت"
هو برنامج يغطي تطوير وشراء وتشغيل الأسلحة النووية في المملكة المتحدة ووسائل إيصالها؛ بغرض "ردع التهديدات الأكثر خطورة على أمننا القومي وطريقة حياتنا والتي لا يمكن القيام بها بوسائل أخرى"، حسب وزارة الدفاع البريطانية.
والنظام يقوم بتشغيل أربع غواصات مسلحة بصواريخ باليستية قادرة على توصيل رؤوس حربية نووية حرارية، يتم تشغيلها من قبل البحرية الملكية، ومقرها في قاعدة كلايد البحرية على الساحل الغربي لأسكتلندا، على بعد 40 كيلومترًا من جلاسكو؛ وهناك غواصة واحدة على الأقل تعمل بصفة دائمة في دوريات.
وكل غواصة تابعة للنظام تحمل ما يصل إلى ثمانية صواريخ وأربعين رأسًا حربيًا نوويًا، على الرغم من قدرتها على حمل أكبر من ذلك بكثير، وأيضًا صواريخ أمريكية.
ورغم تمسك زعيم "العمال" البريطاني بالرادع النووي، إلا أن النظام لم يشاركه الحماسة نفسها. ففي يناير الماضي، فشل اختبار صاروخ "ترايدنت" تم إطلاقه من غواصة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، للمرة الثانية على التوالي، عندما سقط في المحيط بالقرب من الغواصة التي أطلقته، بحسب ما كشفت صحيفة "ذا صن".
وكان من المفترض أن يتوجه الصاروخ، الذي أطلقته الغواصة HMS Vanguard، لمسافة 5954 كيلومترًا، قبل أن يهبط دون ضرر في المحيط الأطلسي بين البرازيل وغرب إفريقيا، لكنه -بدلًا عن ذلك- انحرف نحو الولايات المتحدة، وسقط بالقرب من الغواصة قبالة سواحل فلوريدا.
وذكرت الصحيفة أن سبب الخطأ "لا يزال سرًا للغاية"، لكنها نقلت عن مصدر كبير في البحرية البريطانية قوله، إن الصاروخ تعرض لعطل أثناء الطيران بعد إطلاقه، وأضافت أنه تعذر اشتعال معززات المرحلة الأولى للصاروخ، المزود برؤوس حربية وهمية.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية، في بيان، إن خللًا حدث خلال الاختبار، مضيفة "نظرًا لاعتبارات الأمن القومي، لا يمكننا تقديم مزيد من المعلومات في هذا الصدد، لكننا واثقون من أن هذا الخلل يقتصر فقط على هذه الواقعة، وبالتالي لا توجد أي تداعيات على منظومة صواريخ ترايدنت بالكامل والمخزون منها".
وأكد الجيش البريطاني أن "منظومة الردع النووي البريطانية لا تزال آمنة وسليمة وفعالة".