الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تحدت الجميع من أجل الفن.. رحلة دولت أبيض من صعيد مصر إلى أضواء الشهرة

  • مشاركة :
post-title
دولت أبيض

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

حرام عليكِ تبهدلينا على آخر الزمن، أنا متبرئ منك"، تلقت الفنانة المصرية دولت أبيض هذه الكلمات من والدها؛ اعتراضًا منه على دخولها عالم التمثيل، لكن هذه العبارات لم تمنعها من مواصلة سعيها نحو الفن، فبدأت في استشارة عدد من المقربين منها حول إمكانية دخول هذا العالم الذي تحلم به، وشجعوها لأن تسير وراء قلبها لذلك قررت أن تتخذ التمثيل مهنة، وسارت بحثًا عن الأضواء والشهرة متمنية أن تصل إلى ما تحلم به وتغير وجهة نظر أهلها عن الفن، لتنجح وتصنع أسمًا مخلدًا في التاريخ الفني. ولكن لم تتأثر بما قاله والدها.

قررت دولت أبيض ابنة مدينة أسيوط -صعيد مصر- التي ولدت في يناير 1896، وتحل ذكرى رحيلها اليوم، أن يكون المسرح هو بدايتها بهدف إحداث توازن بين رغبتها الفنية، وفي الوقت نفسه حفاظًا على شعور أهلها، فكان لقاؤها مع عزيز عيد أحد رواد فن المسرح المصري في الإسكندرية، الذي ألحقها بدوره إلى فرقته، وكانت أول أعمالها "خلى بالك من أميلي"، وتحكي عن تلك الفترة في لقاء متلفز وتقول: "هذه هي المرة الأولى لي التي أقف فيها على مسرح، ولم يكن الأمر سهلًا وتفاجأت أثناء العرض بوجود أحد أقاربي في الصف الأول من المسرح فسقط مغشيًا عليّ، وكانت لحظة صعبة بالنسبة لي".

التحقت ابنة مدرسة الراهبات بالخرطوم إلى فرقة نجيب الريحاني، وفي تلك الفترة تزوجت من المخرج المسرحي عزيز عيد، حيث أنجبت منه "إيفون وسعاد"، وشكلا ثنائي قويًا في المسرح، وقدما العديد من الأعمال المسرحية المتميزة، من أبرزها مسرحية "أوديب الملك"، وبعد رحيله تزوجت للمرة الثانية من المسرحي اللبناني جورج أبيض، وقدما سويًا عددًا من الأعمال المهمة التي أثرت المسرح المصري.

لم تتوقف موهبة "دولت" على التمثيل فقط، بل قررت أن تكتب عملين مسرحيين، المسرحية الأولى كانت عام 1922، وحرصت من خلالها على مناقشة مشكلات المرأة المصرية وألحقتها بمسرحية أخرى حملت اسم "الواجب".

خلال نجاحها الكبير في المسرح حرصت "دولت" على الوصول للجمهور من خلال نافذة أخرى، واختارت السينما وقدمت فيها عددًا من الأعمال المهمة أبرزها "زينب، أولاد الذوات، الوردة البيضاء، الدكتور، قلب المرأة، مصنع الزوجات، ابن البلد، خفايا الدنيا، دنيا، الريف الحزين"، وحصرها المخرجون في دور الأم، وابنة الطبقة الأرستقراطية.

لم تمنعها هذه الأدوار أن تصنع مجدًا يُذكر لها، حتى إن فيلمين لها أختيرا ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، حسب استفتاء النقاد عام 1996، وهما "المراهقات" عام 1960 مع ماجدة، و"إمبراطورية ميم" مع فاتن حمامة عام 1972، والذي يُعد آخر أعمالها السينمائية.

لم يتوقف حبها للسينما على التمثيل فقط، بل قامت بتأسيس سينما الهونولو لتصبح واحدة أشهر دور العرض وقتها، وقدمت خلالها عددًا من أفلام الأربعينيات والخمسينيات، ولكن لم يكتمل لها البقاء فقد اشتعلت واحترقت بالكامل.

بعد تلك المسيرة الكبيرة قررت "دولت" أن تمنح وقتها لأولادها وأحفادها وتفرغت لهم، وبدأت تستمتع بقراءة الكتب، والقرآن الكريم بعد أن أسلمت وطبعت منه أكثر من نسخة ووزعتها، وحكت ابنتها سعاد عنها في لقاء متلفز وقالت:" كانت حنونة وتوفر الراحة لكل فرد في العائلة، حتى أبى كانت تعتني به كثيرًا، وهو كان يراها سيدة عظيمة، وهي أم مثالية، صارمة في أوامرها لا تقبل الأعذار ولا الأخطاء وتحافظ على الانضباط".

في صباح 4 يناير 1978، رحلت دولت أبيض التي كرمتها الدولة المصرية وقدرت موهبتها بحصولها على جائزة سينما النيل، رحلت وبقيت أعمالها إلى الآن وسيرتها بين أحفادها ومحبيها، وأعمالها مازالت باقية على شاشات التلفزيون، وتتعلم منها الأجيال الجديدة المحبون للسينما والمسرح.