موهبة فطرية بملامح تشبه براءة الأطفال، وخفة ظل أسعد بها الفنان الراحل يونس شلبي الملايين، ورغم السعادة التي رسمها على ثغر كل من شاهده على الشاشة ولكنه عانى الألم والمرض وحيدًا بين جدران منزله في سنوات حياته الأخيرة، ليرحل مبكرًا وفي جعبته الكثير من الأحلام التي منعه الموت من تحقيقها.
شغف الراحل – الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده يوم 31 مايو عام 1941- بمجال التمثيل هو الشرارة الأولى التي أشعلت رغبته في السير في هذا الطريق الذي لم يكن ممهدًا وقطع فيه مسافة طويلة حتى أثبت كفاءته والتي بدأها باتخاذ قرار بترك مسقط رأسه في المنصورة والتوجه إلى القاهرة للدراسة بالمعهد العالي للفنون المسرحية، فظهرت موهبته مبكرًا أمام أساتذته ولفت أنظارهم وحصل على ترشيحهم للمشاركة في أعمالهم.
كان المسرح هو البوابة التي استقبلته وأقرانه في بداية حياتهم، فسجل شلبي أول ظهور على خشبته في مسرحية "الغول"، حتى التقى بالفنان عادل إمام ليكون أحد أعضاء فرقة المتحدين، وتمثل مسرحية "مدرسة المشاغبين" مرحلة توهج لكثير من أبطالها ومن بينهم الفنان يونس الذي لعب دور "ابن الناظر" المدلل باقتدار، ليفجر ظهوره على خشبة المسرح صريخًا من الضحك وتصفيق حار من جمهور المسرح، ولعل القاسم المشترك في غالبية أدواره تجسيده دور الشاب البريء قليل الخبرة وساعده في ذلك ملامحه التي تشبه براءة الأطفال.
قدم شلبي الكثير من الأعمال التي تركت بصمتها في القلوب مثل مسرحية "العيال كبرت" وتقديمه شخصية "عاطف" الشاب المدلل غير الناضج الذي يضع نفسه في مواقف مضحكة ويفشى أسرار عائلته، فهذا العرض المسرحي من العلامات القوية في تاريخ المسرح المصري.
رغم أن يونس شلبي لم يتصدر بطولة السينما إلا في عدد قليل من الأفلام من بين 80 عملًا قدم فيها أدوارًا صغيرة ولكن ظهوره كان مؤثرًا وقويًا وقادرًا على خطف أنظار الجمهور، ومن هذه الأفلام التي دقم فيها دور البطل الرئيسي فيلم "ريا وسكينة" مع الفنانة شريهان، وفيلم "العسكري شبراوي"،" سفاح كرموز"، " مغاوري في الكلية"،" الشاويش حسن"، "عليش دخل الجيش" وغيرها.
لسنوات طويلة ارتبط اسم "شلبي" بمائدة الدراما في رمضان من خلال مسلسل "بوجي وطمطم" الذي استطاع من خلاله أن يقتحم عالم الكبار والأطفال فشخصيته المرحة والبريئة أوصلته إلى هدفه سريعًا، ورغم رسمه الضحكة على الوجوه ولكنه مات وحيدًا وحزينًا عقب مداهمة المرض لجسده والذي أقعده طريح الفراش، ليرحل ويغيب عنا من رسم البسمة عام 2007، ولكن يشفع له الميراث الكبير الذي خلفه وخلد به اسمه.