أُسدل الستار رسميًا على البرلمان البريطاني، اليوم الخميس 30 مايو، بعد خمس سنوات حافلة بالتشريعات والمناقشات البرلمانية الحامية.
وبحسب شبكة "بي بي سي"، فإن تلك الخطوة الدستورية، والمعروفة باسم "حل البرلمان"، تضع حدًا لأعمال مجلسي العموم واللوردات على حد سواء، لإفساح المجال لانتخابات عامة جديدة، تقرر لها في الرابع من يوليو المقبل.
وأوضحت الشبكة أنه بحل البرلمان تنتهي ولاية جميع أعضاء مجلس العموم البالغ عددهم 650 عضوًا تلقائيًا، لتصبح مقاعدهم شاغرة، ومع أن النواب سيغادرون مكاتبهم في مقر البرلمان بقصر "وستمنستر"، إلا أنه سيُسمح لهم بالعودة لاحقًا لجمع متعلقاتهم الشخصية، أما رئيس المجلس، فسيحتفظ بمنصبه الإداري لحين انتخاب من سيخلفه.
واستثناءً من القاعدة، سيبقى أعضاء مجلس اللوردات، الذين يتم تعيينهم في مناصبهم، إلا أن جميع الأعمال التشريعية ستتوقف في المجلسين حتى تشكيل برلمان جديد.
تقدم العمال
وأشارت "بلومبرج" إلى أنه بعد 14 عامًا في المعارضة، أصبح لدى حزب العمال الآن فرصة لاستعادة السلطة بقيادة زعيمه كير ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، إذ إنه في أحدث استطلاعات الرأي، تحظى المعارضة بتقدم واضح على حزب المحافظين الحاكم.
ووفقًا لاستطلاع شركة "يوجوف" الذي أُجريَّ يومي 27 و28 مايو، وشمل 2128 بالغًا، يتمتع حزب العمال بتأييد 47% من الناخبين مقابل 20% فقط لحزب المحافظين بقيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك.
على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الحكومة لاستعادة زخم الحملة الانتخابية، إلا أن هذه النتائج تشير إلى صعوبة المهمة في ظل غضب الرأي العام من قضايا مثل ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوط على الخدمات العامة.
وبتخلفه عن حزب العمال بفارق كبير في استطلاعات الرأي، واجه الحزب الحاكم أيضًا نزوحًا جماعيًا للبرلمانيين، إذ استسلم بعضهم في مواجهة فرص الفوز الضعيفة.
وأعلن إجمالي 129 نائبًا عدم ترشحهم لإعادة انتخابهم، من بينهم 77 محافظًا، وهو ما يمثل نزوحًا غير مسبوق للحزب الحاكم.
حكومة تسيير الأعمال
أوضحت "بي بي سي" أنه على الرغم من حل البرلمان، إلا أن عجلة الحكومة ستواصل الدوران بقيادة سوناك ووزرائه، فبينما سينتهي دور الوزراء كنواب في البرلمان المنحل، إلا أنهم سيحتفظون بمناصبهم التنفيذية على رأس الحقائب الحكومية المختلفة، إذ أن هذا الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يضمن استمرارية العمل الحكومي دون انقطاع، مع احترام القواعد الدستورية التي تحظر على الوزراء استخدام لقب "عضو البرلمان" خلال هذه الفترة الانتقالية.
معركة جديدة
بانتهاء دور البرلمان الحالي، تنطلق معركة انتخابية جديدة عبر البلاد، إذ سيتنافس المرشحون من مختلف الأحزاب السياسية والمستقلون على كسب ثقة الناخبين في 650 دائرة انتخابية، توضح الشبكة أنه وفقًا لنظام "الفائز الأول" المعمول به في بريطانيا، سيفوز المرشح الحاصل على أغلبية الأصوات في كل دائرة بمقعد في مجلس العموم الجديد.
بمجرد إعلان النتائج النهائية، سيكلف الملك تشارلز الثالث زعيم الحزب الفائز بتشكيل الحكومة الجديدة وتولي منصب رئيس الوزراء، أما زعيم أكبر حزب معارض، فسيحصل على لقب "زعيم المعارضة الرسمية" في البرلمان الجديد.
وتوضح "بي بي سي" أنه في حالة عدم حصول أي حزب على الأغلبية المطلقة في المجلس، وهي حالة تُعرف باسم "البرلمان المعلق"، قد يضطر الحزب الأكبر إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع أحزاب أخرى، أو العمل كحكومة أقلية تعتمد على أصوات المعارضة لإقرار القوانين.
قواعد اللعبة الانتخابية
مع انطلاق الحملات الانتخابية، أشارت "بي بي سي" إلى مجموعة من القواعد الصارمة على السلطات المحلية بهدف ضمان نزاهة العملية برمتها، تفرض هذه القواعد، والمستمدة من قانون الحكومات المحلية لعام 1986، قيودًا على أنشطة الترويج والدعاية التي قد تؤثر على مواقف الناخبين.
على وجه الخصوص، يُمنع على المجالس المحلية نشر أي مواد تهدف إلى التأثير على الدعم الشعبي لأي حزب سياسي، كما يجب عليها تجنب أي إشارة إلى مرشحين فرديين أو كيانات سياسية معينة في بياناتها الصحفية أو فعالياتها الإعلامية.
بالإضافة إلى ذلك، تخضع أي إعلانات مدفوعة للرقابة الصارمة من قبل هيئة المعايير الإعلانية لضمان التوازن والدقة، أما بث الإعلانات السياسية على التلفزيون أو الإذاعة، فيظل محظورًا بموجب القانون.
في سبيل الشفافية والحياد، توصي الإرشادات الرسمية السلطات المحلية بوقف استضافة أي محتوى من جهات خارجية أو إغلاق المنتديات العامة التي قد تنتهك القواعد الموصى بها خلال هذه الفترة الحساسة.
التحضيرات النهائية للاقتراع
مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في الرابع من يوليو، تسير التحضيرات على قدم وساق في جميع أنحاء البلاد، إذ تتم طباعة بطاقات الاقتراع وتجهيز مراكز الاقتراع، بينما تكثف الأحزاب السياسية من حملاتها للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناخبين.
في هذه الأجواء الملتهبة سياسيًا، يقع على عاتق السلطات المحلية مسؤولية كبيرة في التأكد من سير العملية الانتخابية بسلاسة، من تسهيل التصويت للمواطنين إلى حماية نزاهة صناديق الاقتراع، وتلعب هذه السلطات دورًا محوريًا في ضمان حق الجميع في المشاركة الديمقراطية الحرة والعادلة.