في لقاء هو الأول من نوعه منذ نحو أربع سنوات ونصف السنة، سيجتمع قادة اليابان والصين وكوريا الجنوبية، غدًا الاثنين، لمناقشة القضايا الملحة وتبادل الأفكار، في خطوة تُعتبر إشارة إيجابية نحو إعادة العلاقات الثلاثية بين عمالقة آسيا إلى مسارها الصحيح.
وضع سياسي معقد
أعرب كياكو نيشيزونو، الأستاذ الزائر بجامعة شرق اليابان الدولية، عن تفاؤله الشديد بهذا التطور، مشيرًا إلى أن إعادة تفعيل القمة الثلاثية في ظل الوضع السياسي المعقد الحالي، من شأنه أن يسهم في بناء علاقات مستقرة وبنّاءة بين الدول الثلاث، التي ستؤثر بشكل كبير على شمال شرق آسيا، وآسيا بأكملها، بل والعالم.
وقبل وصوله إلى سول، أكد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أهمية القمة في ظل التغيرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة والمجتمع الدولي خلال السنوات الأربع والنصف الماضية، مشيرًا إلى أن تجمع قادة الدول الثلاث، الذين يتحملون مسؤولية كبيرة تجاه السلام والازدهار في المنطقة، لمناقشة اتجاهات التعاون المستقبلي يحمل "أهمية كبيرة".
ومن المقرر أن تُعقد غدًا القمة الثلاثية التاسعة، حيث سيحضر القادة الثلاثة القمة الاقتصادية للأعمال في شمال شرق آسيا ويُلقون خطابات تحفيزية لرجال الأعمال الحاضرين. وذكرت وكالة الأنباء اليابانية "كيودو" أن القمة ستركز بشكل أساسي على مناقشة التعاون الاقتصادي والتجاري، واستراتيجيات مكافحة الأمراض المعدية، وتبادل الثقافات والأفكار، مع التخطيط لإصدار بيان مشترك بعد الاجتماع.
وأكد البروفيسور الفخري تادايوكي موراتا من جامعة يوكوهاما الوطنية على أهمية العلاقات الثلاثية، مشيرًا إلى أن الدول الثلاث تلعب دورًا مهمًا في منطقة شمال شرق آسيا ويجب أن تستغل القمة كفرصة لتطوير علاقات تعاون أوثق، وأضاف أن تبادل الآراء وتوضيح المواقف وفهم الأفكار المتبادلة أمر بالغ الأهمية.
وأشار "نيشيزونو" إلى أن الاختلافات بين الدول الثلاث أمر طبيعي نظرًا لاختلاف الظروف الوطنية، وأن الحوار الودي وتجنب تصعيد التوترات يمكن أن يساعد في إدارة الخلافات بشكل فعال. وأكد أن إعادة تفعيل القمة سيساهم بشكل إيجابي في تعميق الفهم وبناء الثقة.
توسيع الأفق الاقتصادي
وتقول صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، أن الصين هي أكبر شريك تجاري لليابان وكوريا الجنوبية، موضحة أنه في عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وكوريا الجنوبية والصين واليابان نحو 362.3 مليار دولار أمريكي و357.4 مليار دولار أمريكي على التوالي.
وأكدت جلوبال تايمز، أن حجم التجارة بين الدول الثلاث ارتفع من 130 مليار دولار أمريكي عام 1999 إلى أكثر من 710 مليارات دولار أمريكي عام 2022، كما ارتفعت حصتها الاقتصادية العالمية من 17% إلى 24%. وخاصة بعد توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) ودخولها حيز التنفيذ في عام 2022، ستفتح الصين واليابان وكوريا الجنوبية أيضًا فرصًا جديدة فيما يتعلق بتجارة الاستيراد والتصدير، وتعميق الاستثمار والاستكشاف المشترك للأسواق الخارجية.
وذكرت صحيفة "نيهون كيزاي شيمبون"، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الثلاث لا يمكن فصلها. وتولي الدول الثلاث أهمية كبيرة لتعميق التبادلات والتعاون في المجال الاقتصادي، ومن المتوقع أن يتم ذلك خلال اجتماع القادة التأكيد على أهمية التجارة الحرة ومناقشة نمو حجم التجارة المستقبلي والتوجهات والأهداف واستكشاف فرص استثمارية جديدة ومواصلة تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري تعتبر محتويات مهمة لاجتماع القادة هذا.
وفي سياق التعافي الضعيف الحالي للاقتصاد العالمي وتأثيره على التعاون الإقليمي مثل سلاسل الصناعة والتوريد، تتمتع الصين بمزايا اقتصادية واضحة. إن تكامل التعاون بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية لن يفيد شعوب الدول الثلاث فحسب لكن التأثير غير المباشر سيدفع أيضًا بشكل فعّال التعاون الأوسع في منطقة شرق آسيا لخلق نطاق أوسع من المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين، حسبما ذكرت الصحيفة الصينية.