عاد الجدل حول لجوء كوريا الجنوبية إلى الخيار النووي، للظهور مجددًا في مواجهة تطوير كوريا الشمالية لبرامجها النووية والصاروخية، إذ أصبح بعض السياسيين والأكاديميين أكثر صراحة بشأن اعتقادهم بأن سول يجب أن تمتلك أسلحة نووية للدفاع عن نفسها ضد أي عدوان خارجي.
وحذّر أولئك الذين يدعمون الخيار النووي لسول، من أن الردع الموسّع للولايات المتحدة قد يضعُف مع زيادة تطور قدرات بيونج يانج النووية والصاروخية.
دعم غير كافٍ
سبق أن وقّعت أمريكا وكوريا الجنوبية في أبريل الماضي، على "إعلان واشنطن"، الذي يسلّط الضوء على التزام إدارة بايدن المعزّز بالردع الموسّع الذي عرضته على سول ضد التهديدات النووية المتطورة لبيونج يانج، واتفق الجانبان على تشكيل مجموعة استشارية نووية، يناقش الجانبان من خلالها التخطيط النووي والاستراتيجي ردًا على الهجوم المحتمل لكوريا الشمالية.
مع ذلك، أشار تشيونج تشانج، مدير مركز استراتيجية شبه الجزيرة الكورية في معهد سيجونج، إلى أن كوريا الجنوبية لا يمكنها الاعتماد على الوعود الأمنية من الولايات المتحدة إلى الأبد؛ لأن إعلان واشنطن هو مجرد اتفاق بين الرئيس يون سوك يول والرئيس جو بايدن، موضحًا أن الأمر قد لا يكون فعالًا إذا تغير الرئيس الأمريكي، كما أنه لا يرجع إلى أثر مُلزم قانونًا.
وأكد أن الولايات المتحدة مهتمة بكبح جماح الصين أكثر من كوريا الشمالية، وبالتالي لا ينبغي لكوريا الجنوبية أن تعتمد بشكل كامل على الردع الأمريكي الموسّع.
ونقل موقع "كوريا تايمز" عن تشانج قوله، إن الرأي العام الأمريكي يتحول بشكل مطرد ضد الدفاع عن كوريا الجنوبية. ووفقًا لاستطلاع أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية في سبتمبر 2023، فضّل 50% فقط من المشاركين استخدام القوات الأمريكية للدفاع عن كوريا الجنوبية في حالة الغزو، بانخفاض عن 63% في عام 2021 و55% في العام الماضي.
لا خيار
وعلى جبهة أخرى، قال كواك جيل سوب، رئيس مركز كوريا الواحدة والأستاذ المساعد في برنامج التوحيد والتقارب بجامعة كوكمين، إن كوريا الجنوبية يجب أن تفكر بجدية في بناء أسلحة نووية خاصة بها في الوقت المناسب، بعد ما أصبحت تهديدات كوريا الشمالية باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية واضحة بشكل متزايد.
وقال "سوب": "علينا أن نستعد لمرحلة ما بعد بايدن"، مضيفًا أنه قد فات الأوان لبدء مناقشة الخيار النووي لكوريا الجنوبية إذا أعيد انتخاب ترامب.
وأشار إلى أن "يون" أحرز تقدمًا كبيرًا في السعي إلى الردع الموسع ضد كوريا الشمالية، لكن كوريا الجنوبية بحاجة إلى الحصول على مزيد من الضمانات النووية من الولايات المتحدة أو النظر في خيارها النووي.
ونقلت "كوريا تايمز" عن كواك جيل سوب قوله، إن "الولايات المتحدة عارضت فكرة حصول كوريا الجنوبية على أسلحة نووية بسبب التزامها (بمعاهدة حظر الانتشار النووي) وهدفها الرئيسي المتمثل في عالم خالٍ من الأسلحة النووية"، لكنه أوضح أن العالم يتغير وكوريا الشمالية وضعت الجميع في مكان أكثر خطورة منذ العام الماضي، لذلك لا ينبغي الاكتفاء بالطريقة التي تسير بها الأمور الآن، بل يجب السعى نحو المزيد من الأسلحة النووية.
ما بعد "بايدن"
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال النائب يون سانج هيون من حزب قوة الشعب الحاكم، إن كوريا الجنوبية يجب أن تسعى بشكل مستقل إلى التسلح النووي في احتمال فوز دونالد ترامب بولاية أخرى.
وكتب "يون" عبر صفحته الرسمية على منصة "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي: "إذا أعيد انتخاب ترامب، فإن سياسة الولايات المتحدة بشأن كوريا الشمالية قد تتغير من إزالة الأسلحة النووية لكوريا الشمالية إلى إدارتها من خلال منع الانتشار النووي.. لقد حان الوقت لكي نفكر في امتلاك أسلحة نووية في التعامل مع القدرة النووية لبيونج يانج".
الجبهة الداخلية
كانت المشاعر العامة في كوريا الجنوبية في العديد من استطلاعات الرأي تميل نحو امتلاك البلاد لبرنامج أسلحة نووية خاص بها. ووفقًا لاستطلاع رأي أجراه معهد جالوب كوريا في الفترة من 15 ديسمبر إلى 10 يناير الماضيين، قال نحو 73% من المشاركين إن كوريا الجنوبية يجب أن تطور أسلحتها النووية الخاصة بها. ويعتقد تسعة من كل عشرة مشاركين أنه سيكون من المستحيل نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.
كما أدلى بعض المراقبين خارج البلاد بتعليقات تشير إلى أنه يتعين على سول أن تفكر في تطوير ترسانتها النووية ردًا على أسلحة بيونج يانج النووية.