أصبح مصير مئات الأطباء الفلسطينيين، الذين كانوا يعملون في مستشفيات قطاع غزة مجهولًا، بعد أن قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باقتحام العديد منها والقبض عليهم واقتيادهم إلى أماكن مجهولة، حيث ينتظرهم المصير المحتوم بالموت تحت وطأة التعذيب، مثلما حدث مع الطبيب الفلسطيني، عدنان أحمد البرش، الذي توفي في سجون الاحتلال.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، وثقت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 440 هجمة على مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة، وبحسب موقع peoplesdispatch العالمي، أدى ذلك إلى إلحاق أضرار بـ 30 مستشفى و104 سيارات إسعاف، حيث إن 15 من أصل 19 مستشفى في مدينة غزة و18 من أصل 20 مركزًا للرعاية الصحية الأولية لا تعمل.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فقد احتجز الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن 214 من العاملين الطبيين في غزة، وبحسب موقع theintercept، فقد أثارت قضية عدنان البرش مخاوف جدية من أنه توفي إثر التعذيب على أيدي السلطات الإسرائيلية، ونقلت عن تلالينج موفوكينج، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الصحة، تأكيده أن وفاته تتطلب إجراء تحقيق دولي مستقل.
الانتهاكات الجسدية
وأكد مقرر الأمم المتحدة أن قتل واحتجاز العاملين في مجال الرعاية الصحية ليس وسيلة مشروعة للحرب، ولهم دور مشروع وأساسي في رعاية المرضى والجرحى في أوقات النزاع، مشيرين إلى أن البرش واحد من بين 493 عاملًا طبيًا فلسطينيًا على الأقل قُتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر، حيث عمل الاحتلال على استهداف المستشفيات بشكل منهجي من شمال القطاع إلى جنوبه، بدعوى أن حماس تعمل في هذه المرافق.
واعتقلت قوات الاحتلال آلاف الفلسطينيين من غزة، بينهم نساء وأطفال، ومئات الأطباء، حيث أكد معتقلون سابقون أنهم تعرضوا للضرب وغيره من أشكال الانتهاكات الجسدية في السجون الإسرائيلية، وقال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن معاملة إسرائيل للمعتقلين قد ترقى إلى مستوى التعذيب.
مصير محتوم
ونقل الموقع عن أقارب عدة أطباء اختفوا منذ فترة ولا يعلم عنهم أحد شيئًا منهم الطبيب خالد السر، الذي شوهد آخر مرة في فبراير الماضي، وكان يعمل في مستشفى ناصر قبل أن تقتحمه قوات الاحتلال الإسرائيلي وتقوم بتدميره بالكامل، كما نقلت رسائل عن فلسطيني عرف نفسه باسم أحمد أبو عقل اعتقلته إسرائيل وأطلقت سراحه.
وأكد أبو عقل أنهم يتعرضون يوميًا للضرب والقتل والتعذيب، ناقلًا رسالة خاصة من الطبيبة الدكتور ناهد أبو طعيمة، مدير الجراحة في مجمع ناصر الطبي، الذي أكد أن وضعها صعب في المكان الذي تحتجز فيه، وتُعاني من ظروف مأساوية صعبة للغاية، وبحاجة إلى العلاج بشكل عاجل، محذرًا من أن مصيرها وآخرين سيكون مثل عدنان البرش.
كما روى خالد حمودة، وهو جراح آخر، كان يعمل في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، وتم القبض عليه وإطلاق سراحه بأعجوبة، تفاصيل اقتحام الاحتلال للمستشفى والقبض على الأطباء والممرضين بداخله، حيث أكد أنه كان يمارس عمله بشكل طبيعي، حتى حضرت قوات الاحتلال وأمرت الطواقم الطبية والمدنيين الذين لجأوا إلى مستشفى كمال عدوان بالمغادرة.
التعذيب في السجون
ولفت حمودة إلى أنه تم خداعهم من قبل جيش الاحتلال، حيث تم احتجازه وبعض زملائه من قبل الجيش الإسرائيلي عندما هاجموا المستشفى، حيث تمت تغطية أعينهم وتقييد أيديهم وتم نقلهم إلى سدي تيمان وهو أحد السجون الإسرائيلية، حيث أُجبر هو ومعتقلون آخرون على البقاء راكعين، وقال الطبيب الفلسطيني "لقد هاجموني، وضربوني في ظهري ورأسي"، لافتًا إلى أنه التقى الطبيب عدنان البرش، الذي كان يعاني أشد المعاناة من الضرب والتعذيب الذي تعرض له، ثم قاموا بنقله إلى مكان مجهول اكتشفنا فيما بعد أنه كان سجن عوفر.
وأكد حمودة لموقع The Intercept إنه بعد ثلاثة أسابيع، أطلق سراحه وتم نقله مع معتقلين آخرين إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي في الجنوب، ثم ذهبوا في النهاية إلى رفح، ولا يزال أطفاله الناجون ووالدته في الشمال، وسيستغرق الأمر شهرين قبل أن يتمكنوا من لم شملهم ويعتبر نفسه محظوظًا؛ لأنه أطلق سراحه.