في وقت تتكئ فيه مدينة غزة على جرحها، يهرب سكانها من مخيم إلى آخر، في تغريبة ثانية، فرضتها طلقات وقذائف جيش الاحتلال على مدار 231 يومًا، تسعى كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي لمحاولة السيطرة على مستقبل القطاع المدمر.
تعيين مستشار أمريكي
وقال أربعة مسؤولين أمريكيين، إن إدارة الرئيس جو بايدن تفكر في تعيين مستشار أمريكي مدني، على رأس هيئة استشارية تساعد قوة فلسطينية في إدارة غزة ما بعد الحرب، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة تخطط للمشاركة بشكل كبير في تأمين اتفاق ما بعد الحرب في غزة، وفق صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وأضاف المسؤولون الأمريكيون، أن "المستشار المدني الأمريكي سيكون مقره في المنطقة، وسيعمل بشكل وثيق مع قائد الهيئة الاستشارية الذي سيكون إما فلسطينيًا وإما من دولة عربية، وأن واشنطن لا تزال تناقش حجم السلطة الرسمية التي سيتمتع بها هذا المستشار".
جميع المسؤولين الذي نقلوا المعلومات حول الهيئة الاستشارية الأمريكية، والذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، أكدوا أن ذلك جزء من خطة للولايات المتحدة للعب دور بارز في انتشال غزة من الفوضى اليائسة، وفق الصحيفة الأمريكية.
سيناريوهات اليوم التالي
وتُظهر المناقشات الخاصة بين البيت الأبيض ووزارتي الدفاع "البنتاجون" والخارجية بشأن دور المستشار والتي لم يتم الإبلاغ عنها سابقًا، أن إدارة بايدن تتوقع أن تكون في قلب ما يحدث لغزة بعد فترة طويلة من هدوء الأسلحة، وبالتالي فإن الولايات المتحدة ستكون مسؤولة جزئيًا عما سيأتي بعد ذلك، بما في ذلك تحسين حياة 2.2 مليون فلسطيني يعانون في الأراضي المدمرة.
وقال المسؤولون الأمريكيون، إن "المستشار الأمريكي لن يدخل غزة نفسها أبدًا، في إشارة إلى الرغبة في تجنب أي إيحاء بأن الولايات المتحدة ستملي مستقبل المنطقة، وإن هذا المستشار قد يكون متمركزًا في مصر أو في الأردن".
وقال المسؤولون "إن خطة المستشار هي واحدة من العديد من السيناريوهات التي تم طرحها لسيناريوهات اليوم التالي"، والتي تشمل سيناريوهات أخرى تركز على تنمية اقتصاد غزة وإعادة بناء المدن المدمرة، وفي حين أن العديد من الخطط تتضمن نوعًا ما من قوة حفظ السلام، إلا أن المناقشات لا تزال محتدمة حول تشكيلها والسلطات التي ستمنح لها.
خلاف إسرائيلي
وتواجه تل أبيب أمام القسوة التي تبديها في قطاع غزة، وضعًا هشًّا أكثر من أي وقت مضى، بعد النقد اللاذع الذي يواجهه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، إذ طلب مؤخرًا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت من نتنياهو، في مؤتمر صحفي، المزيد من الأفكار حول مستقبل غزة، بحسب مجلة "دير شبيجل" الألمانية.
ودائمًا ما يندلع جدل ساخن داخل الحكومة الإسرائيلية حول المستقبل السياسي لغزة، إذ انتقد جالانت بشدة تردد إسرائيل بشأن من يجب أن يحكم في غزة بعد الحرب، وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد قال في وقت سابق إنه من غير المجدي الحديث عن الإدارة المستقبلية لقطاع غزة قبل الانتصار على حماس.
ودعا وزير الدفاع الإسرائيلي حكومته إلى اتخاذ قرار بشأن نظام ما بعد الحرب في قطاع غزة، مؤكدًا أنه لن يؤيد السيطرة العسكرية إلى أجل غير مسمى على الأراضي الفلسطينية، ومنذ أن بدأت الحرب في أكتوبر، قدم مرارًا وتكرارًا خطة لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة بدون حماس، لكنه لم يتلق أي رد من مجلس الوزراء.
وحذر جالانت من ترك المنطقة تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الدائمة، إذا حدث ذلك، فإنه سيكون التحدي الأكبر للسياسة الأمنية لإسرائيل في السنوات المقبلة على حساب المجالات الأخرى، وأن "ثمن ذلك سيكون إراقة الدماء، والتكاليف الاقتصادية المتوقعة مرتفعة أيضًا".
ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى وضع خطط ملموسة لمستقبل قطاع غزة، وقال إن إسرائيل تواجه هناك خطر حدوث فراغ في السلطة يمكن أن تملأه الفوضى، وأكد أن العملية في رفح كانت لها "عواقب سلبية"، وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة للعملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، تواصل الولايات المتحدة دعمها.