بعد تعنت إسرائيل في مفاوضات الهدنة مع حماس، وطلب كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، إصدار مذكرة اعتقال بحق بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ووزير دفاعه يوآف جالانت، وانضمام مصر إلى دعوى جنوب إفريقيا أمام العدل الدولية، أصبحت المنطقة أمام مشهد يتغير على مدار الساعة، ولفهم أدق وتحليل يفسر ما ستؤول إليه تلك الأحداث، جاء حوار موقع "القاهرة الإخبارية" مع السفيرة نميرة نجم، خبيرة القانون الدولي وعضو هيئة فريق الدفاع القانوني عن الفلسطينيين باسم الحكومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، في قضية طلب الجمعية العامة الرأي الاستشاري من المحكمة حول مدى شرعية الاحتلال الإسرائيلي.
وتشغل السفيرة نميرة نجم عضوية المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون، كما أنها حصلت على جائزة جوستينا "العدالة" لأبرز قانونية في العالم 2023.
ويأتي الحوار في الوقت الذي قالت فيه محكمة العدل الدولية، اليوم الخميس، إنها ستعلن قرارها غدًا بشأن المطالبة بأمر بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب "رويترز"، وأضافت أن الحكم سيتضمن أيضًا تدابير الطوارئ ضد إسرائيل.
◄| في البداية.. كيف ترين خطوة انضمام مصر لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟
إعلان مصر مهم للغاية لأن دورها محوري في هذا الصراع وهي دولة جوار، وما يحدث في قطاع غزة ومدينة رفح الفلسطينية تحديدًا لملاصقتها للحدود المصرية، هذا بالإضافة إلى أن مصر تلعب الدور الرئيسي في الوساطة بين حماس وإسرائيل، إلا أن تعنت الأخيرة الذى وضح بعد آخر جولة تفاوض ورفض إسرائيل لكل الأطروحات التي قد تؤدي إلى وقف عدوانها على القطاع حتى بعد موافقة حماس عليها بات لا يمكن السكوت عنه.
وبالتالي يعتبر إعلان مصر لهذه الخطوة ضربة موجعة للدبلوماسية الإسرائيلية التي تعتمد على أن لديها مع مصر معاهدة سلام فتعتقد أنها تحد من خيارات مصر للتصدي لخروقات إسرائيل للقانون الدولي الإنساني بالطرق السلمية، إلا أن القاهرة حذرت إسرائيل مرارًا وتكرارًا من اجتياح رفح ودفع سكانها للهجرة قسريًا.
أرفض بشكل تام سيطرة إسرائيل على معبر رفح الفلسطيني
أرفض بشكل تام سيطرة إسرائيل على معبر رفح، لأن ذلك من شأنه غلق كل أبواب القطاع ومحاصرة إسرائيل لكامل الشعب الفلسطيني في غزة وتهديد قوافل المساعدات، وكما صرح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في القمة العربية الأخيرة بالمنامة، بأن التاريخ سيتوقف طويلًا أمام الحرب ليسجل مأساة كبرى عنوانها الإمعان في القتل والانتقام وحصار شعب كامل وتجويعه وترويعه وتشريد أبنائه والسعي لتهجيرهم قسريًا واستيطان أراضيهم وسط عجز مؤسف من المجتمع الدولي بقواه الفاعلة ومؤسساته الأممية"، وهذا هو الواقع البشع والجحيم الذي تواجهه المنطقة، ومصر قبل أي دولة أخرى تلعب دورًا كبيرًا وبالتالي مع انضمامها لجنوب إفريقيا سيضيف ثقلًا للدعوى وسيكون له أثر إيجابي وأبعاد جديدة مختلفة يعكس حجم مصر في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
◄| وما تأثير انضمام مصر إلى دعوى جنوب إفريقيا؟
وتشكل الخطوة التي اتخذتها مصر بالانضمام للدعوى إضافة بشكل مطلق، وهو ما عبرت عنه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا، أن انضمام مصر سيعطي دفعة جديدة لهذه الدعوى، لأنه وفقًا لقواعد المحكمة سيحق لمصر تقديم مرافعات مكتوبة وشفوية ستأتي فيها بدفوع ومعلومات إضافية باعتبارها أكثر دولة على دراية بما يحدث على حدودها، وإعلان مصر الانضمام يؤكد ليس فقط من الناحية السياسية ولكن أيضًا من الناحية القانونية ترى أن ما تقوم به إسرائيل في غزة هي حرب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني وليس محاولة لضرب حماس أو تحرير المحتجزين كما تدعي إسرائيل منذ بداية العدوان على غزة.
وذكر سامح شكري، وزير الخارجية المصري، أن الحكومة المصرية موقفها واضح بأن مواقفها ترتبط بتطورات الأحداث في هذه الحرب، وأنا كمواطنة مصرية أرى أن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب كانت دائمًا مرتبطة بما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فمصر طالما أكدت رفضها لتوسع إسرائيل في عمليات الاستيطان بالضفة الغربية واستمرار محاولاته خنق قطاع غزة في حصار فرضته منذ أكثر من 16 عامًا، وكلما زادت حدة العنف ضد الفلسطينيين تشهد العلاقات بين البلدين تطورات وفقًا لما يحدث على الأرض.
رفض مصري واضح لتهجير الفلسطينيين
أما في الحرب الأخيرة فموقف القاهرة كان واضحًا برفضها استهداف المدنيين وتهجيرهم خارج أرضهم، لأن ذلك من شأنه القضاء على القضية الفلسطينية برمتها وهو ما تريده حكومة نتنياهو، ومحاولات مصر مستمرة لمحاولة تهدئة الوضع والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للقطاع وشاهدنا مرارًا وتكرارًا صور قوافل المساعدات الإنسانية التي تصطف على الحدود في رفح المصرية وتنتظر السماح لها بالعبور لرفح الفلسطينية، إلا أن إسرائيل باتت لا تعبأ بالقانون الدولي بل يمكن القول إن هذه الحكومة فقدت إنسانيتها وتستمر في التعامل مع الفلسطينيين دون أي نوع من الآدمية وهو أمر بلا شك يؤثر على قرارات مصر التي طالما كانت ولا تزال تدعم القضية الفلسطينية منذ نكبة 48.
وتصريح سامح شكري بأن مصر لديها آليات في إطار اتفاقية السلام يمكن أن تستخدمها إذا ما تطلب الوضع على الأرض ذلك، ودعنا لا ننسى أننا لا نتحدث عن تطورات بعيدة عن الأراضي المصرية، لكنها تقع على بعد أمتار منها والأمر يخص حماية الفلسطينيين من جانب وحماية الأمن القومي المصري من جانب آخر، وأعتقد أنه منذ بداية العدوان على غزة تحلت مصر بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس، وتتخذ مواقفها بتوازن في ضوء المعطيات الدولية.
◄| هل يمكن أن تطلعينا على سير جلسات المحاكمة؟
تقدمت جنوب إفريقيا 10 مايو 2024 بطلب للمحكمة لإصدار أمر بتدابير مؤقتة إضافية ضد إسرائيل في محاولة لوقف اجتياح إسرائيل لرفح، وحددت المحكمة جلسات استماع للجانبين يومي 16 و17 مايو، إذ طالبت جنوب إفريقيا بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية وانسحاب قواتها من رفح الفلسطينية، على أن تسمح إسرائيل بإنفاذ المساعدات الإنسانية لتصل إلى المتضررين والسماح للمحققين والصحفيين وغيرهم من دخول القطاع، مع أهمية الحفاظ على الأدلة التي تشير إلى وقوع جرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل، وبنت جنوب إفريقيا طلبها الجديد على الوقائع الواردة في تقارير أجهزة الأمم المتحدة المختلفة وكذلك سردت في دفاعها أمام المحكمة تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تُعبر بوضوح عن نيتهم إبادة الشعب الفلسطيني وضرورة تجويعهم وإنهاء محاولاته للسعى للحصول على حقوقه المشروعة.
في السياق ذاته، زيف الدفاع الإسرائيلي الحقائق وادعى بأن تل أبيب تبذل كل جهدها لحماية المدنيين، كما جاء مليئًا بالتناقضات فمن جانب أشارت إسرائيل إلى أنها تحترم تقارير الأمم المتحدة، بينما أكدت رفضها لمحتوى التقارير التي استندت إليها جنوب إفريقيا في مرافعتها، متناسية أن مندوبها الدائم بالأمم المتحدة مزق وفرم ميثاق الأمم المتحدة على مرأى ومسمع من العالم في الجمعية العامة، ما حدا بالقاضي الألماني "نولته"، عضو هيئة قضاة محكمة العدل، بتوجيه سؤال لدفاع إسرائيل حول الضمانات التي توفرها للمدنيين في رفح الفلسطينية عند نزوحهم لمناطق أخرى في القطاع بعد تحذيرهم من القصف، في ضوء تقارير أممية تؤكد أنه لا يوجد مكان آمن للمدنيين في كامل قطاع غزة.
ونحن الآن في انتظار دراسة المحكمة للطلب الجنوب إفريقي، الذي نأمل أن تأمر فيه المحكمة بضرورة وقف إطلاق النار، درءًا لوقوع المزيد من ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المحتل.
◄| ماذا بعد صدور قرار المحكمة الجنائية باعتقال نتنياهو؟
يجب مبدئيًا أن نضع في اعتبارنا خلفية "كريم خان" المدعي العام الثالث للمحكمة الجنائية الدولية، وهو إنجليزي الجنسية ومشكوك في صحة تعيينه في منصبه بأول انتخاب سري للمدعي العام للمحكمة، لأنه لم يكن مُدرجًا في القائمة المختصرة لهذا المنصب، وتمت إضافته بناءً على إصرار الحكومة الكينية، إذ كان "خان" محاميًا في هيئة الدفاع الكينية عن ويليام روتو، رئيس كينيا الحالي، نائب رئيسها آنذاك، الذي تمت تبرئته من الجرائم التي وجهت إليه بمساعدة دفاع خان، وفاز خان بالمنصب بدعم 72 دولة في الدورة الثانية للاقتراع، أي أنه حظى على 10 أصوات فقط أكثر من النسبة المطلوبة لفوزه بالمنصب وهي 62 صوتًا.
وجدير بالذكر أن من أول قراراته كمدعي عام هو غلق باب التحقيق في الحالة بأفغانستان، التي بدأت فيها المدعية العامة السابقة للمحكمة فاتو بن سودة - جامبية الجنسية - لأن كان من شأنها توجيه تهم لأعضاء في الجيشين الأمريكي والبريطاني، كما أن "خان" منذ بداية الأزمة الحالية لم يفعل شيئًا لمدة 8 أشهر من وقوع جرائم ضد الإنسانية لا حصر لها ضد المدنيين إلا اليوم.
كل الشواهد تؤكد وقوع جرائم ضد الإنسانية في غزة
وبكل الشواهد التي نراها جميعًا في وسائل الإعلام بوقوع جرائم بشعة ضد الإنسانية ورغم كل الدلائل في تقارير الأمم المتحدة وشهادات المصابين المرحلين من القطاع والعاملين الدوليين والأطباء، التي خرجت من غزة باستهداف المدنيين وقتلهم عشوائيًا وضرب المستشفيات والكشف عن مقابر جماعية التي تنبئ بوقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، خرج علينا "خان بإعلان أنه سيتقدم للمحكمة بطلب توجيه الاتهام لعدد من قادة حماس وإسرائيل وهو ما لم يقم به عند تقديم الطلب المماثل ضد الرئيس الروسي، الذي لم يعلن عن طلب التوقيف ضده إلا بعد موافقة المحكمة على الطلب.
وكما توقعنا خرج الطلب غير متوازن، لأنه وجه الاتهام إلى 3 من قيادات حماس، هم القائد السياسي (إسماعيل هنية) والقائد العملياتي في غزة (يحيى السنوار) ورئيس الجناح العسكري لحماس والمعروف بكتائب القسام (محمد دياب المصري المعروف بـ"الضيف")، بينما من إسرائيل وجه تهمًا للقائد السياسي (نتنياهو) ووزير دفاعه (جالانت) دون أن يأتي سواء برئيس الأركان الذي يصدر الأوامر العسكرية للجيش بالتحرك في غزة ويتابع تحقيق كل الأهداف العسكرية، كما لم يتوجه باتهامات ضد أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي، بما فيهم وزير المالية بتسلئيل سموتريش، المسؤول عن إدارة الأراضي المحتلة أو بن جفير الذي لم يألُ جهدًا في التحريض على الإبادة الجماعية.
◄| حدثينا عن رأيك في بيان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية؟
من جانب آخر؛ وبتحليل ما ورد في بيان خان، نجد أنه استخدم السرديات الإسرائيلية بوصف النزاع في غزة بأنه نزاع غير دولي في خرق صارخ لقواعد القانون الدولي العام وضد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في قضية الجدار العازل، التي اعتبرت جميع الأراضي الفلسطينية محتلة، بما في ذلك غزة وتنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين، التي استمرت تحت الحصار لمدة أكثر من 16 عامًا وبالتالي لا يوجد جزء من الأراضي الفلسطينية مُحتلًا، وجزء آخر غير محتل (كما أشار تقرير الخبراء الذي شكله خان وسأتطرق لهذا التقرير لاحقًا)، وهنا لن أتطرق للجرائم الذي اتهم بها أعضاء حماس، إلا أنه وضع من قتل 700 مدني منهم 36 طفلًا على قدم المساواة مع من قتل أكثر من 35 ألف مدني منهم أكثر من 14 ألف طفل، كما أنه وجه اتهامات للمسؤولين الإسرائيليين أضعف بكثير مما يحدث على الأرض.
وقد ركز البيان على تجويع الشعب الفلسطيني دون أن يتطرق لاستهداف مجموعة بعينها بشكل عشوائي، التي من شأنها الاتهام بجريمة الإبادة الجماعية، وإذا افترضنا أنه لم يرَ المقابر الجماعية التي تنبئ بوقوع جرائم مثل التعذيب والمعاملة غير الإنسانية ومحاولة التهجير القسري لشعب بأكمله والمعاملة القاسية لأسرى الحرب والاعتداء على المدنيين وإهدار المساعدات الإنسانية والحصار على قطاع غزة المحتل، فلقد أسقط المدعي العام كل هذه الجرائم من طلبه أمام المحكمة وهو ما يؤكد عدم حياديته، خاصة وأنه في بيانه اليوم أشار إلى ما يلي: "نحن نؤكد أن الجرائم ضد الإنسانية التي تم توجيه الاتهام فيها قد تم ارتكابها كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين الفلسطينيين وفقًا لسياسة الدولة "في إشارة إلى إسرائيل" وفي تقديرنا، هذه الجرائم لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا'، وهنا لا يسعنا إلا أن نتساءل إذا كان في تقديره أن استهداف المدنيين الفلسطينيين يمثل سياسة دولة إسرائيل وأن هذا الاستهداف واسع النطاق ومنهجي، فلماذا لم يفسر ذلك قانونًا بأنه يمثل أركان جريمة الإبادة الجماعية والقصد الجنائي للمسؤولين الإسرائيليين؟ ولماذا لم يتطرق إلى جريمة التحريض بالإبادة الجماعية، التي ترد في تصريحات معظم المسؤولين الإسرائيليين.
تشكيل لجنة الخبراء "غير متوازن"
إن تشكيل لجنة الخبراء المستقلة التي شكلها المدعي العام لتدرس معه الأمر، غير متوازن على الإطلاق فأغلب أعضائها من البريطانيين والأمريكيين وقلة فقط قد لا تحمل الجنسيتين وجميع الخبراء يعملون في الجامعات الأمريكية أو البريطانية أو في هيئات بريطانية، فهل أصبح مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يمثل بريطانيا والولايات المتحدة فقط دون الـ124 دولة أعضاء المحكمة!!.. كيف لنا ألا نشكك في حيادية هذه اللجنة التي خلصت إلى أن هناك جزءًا محتلًا وآخر غير محتل في فلسطين أو نشكك في حيدة المدعي العام نفسه؟
ودعنا ألا ننسى أن خان نفسه أشار إلى أن ولايته القضائية تنطبق على كامل الأراضي الفلسطينية وعلى المواطنين الفلسطينيين، فلماذا لم يستخدم ما يحدث في القدس المحتلة والضفة الغربية من انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني كأدلة إضافية ضد المسؤولين الإسرائيليين الذين يؤكدون يوميًا ضرورة طرد الفلسطينيين من باقي أرضهم وينفذون ذلك بإلحاق الدمار لهم ولممتلكاتهم ضد القانون الدولي الإنساني.
◄| ما وصفك لقرار المدعي العام للمحكمة بطلب إصدار قرار اعتقال لنتنياهو وجالانت؟
بلا شك، هذا قرار تاريخي لأنه منذ الحرب العالمية الثانية لم يجرؤ أحد على اتهام إسرائيل من محكمة دولية بجرائم ضد الإنسانية، إلا أنه أتى مُخيبًا للآمال ويؤكد تخوفاتنا من أن "خان" قد يقدم أدلة ضعيفة تساعد الإسرائيليين المتهمين بارتكاب هذه الجرائم البشعة من الإفلات من العقاب، فكيف لنا أن نرى ونأمن أن هذا المدعي العام يمكن له التحقيق بمصداقية ونزاهة في الجرائم الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية المحتلة؟.