تعيش بريطانيا زخمًا سياسيًا كبيرًا، في الوقت الذي يستعد فيه البريطانيون لانتخاب برلمان جديد في الصيف، بعد أن دعا رئيس الوزراء البريطاني لانتخابات مبكرة، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال المعارض يتقدم حاليًا بفارق كبير على حزب المحافظين الحاكم.
ويعد ريشي سوناك، ثالث رئيس للحكومة منذ الانتخابات السابقة في عام 2019، ومن المقرر إجراء الانتخابات العامة المقبلة في بريطانيا في الرابع من يوليو، بحسب موقع "إن تي في" الألماني.
ودعا ريشي سوناك إلى إجراء انتخابات جديدة، وأكد الموعد في خطاب ألقاه في مقر إقامته الرسمي في داونينج ستريت في لندن، مؤكدًا أنه حان الوقت الآن لكي تقرر بريطانيا مستقبلها، وبذلك أنهى رئيس الوزراء أسابيع من التكهنات حول موعد الانتخابات.
هزيمة متوقعة
وتوقع ماثيو جودوين، أستاذ السياسة بجامعة كينت أن حزب المحافظين الذي ينتمي له رئيس وزراء بريطانيا، قد يواجه هزيمة أكبر مما تعرض له أمام توني بلير في عام 1997، كما أرجع الخبراء إلى تراجع شعبية المحافظين بسبب الاقتصاد الضعيف، والسياسات الضريبية المتعاقبة، إلى جانب الانقسامات الداخلية التي يعاني منها الحزب، بحسب نيويورك تايمر.
أسباب تراجع شعبية سوناك
منذ فوز الحزب بأغلبية ساحقة في انتخابات عام 2019 تحت شعار لننجز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فقد حزب المحافظين الدعم بين الشباب، والناخبين المحافظين التقليديين في جنوب وجنوب غرب إنجلترا، والناخبين من الطبقة العاملة في المناطق الصناعية، ميدلاندز وشمال إنجلترا، والتي كان دعمها في عام 2019 مفتاحًا للفوز التاريخي الذي حققه رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون.
وتباطأ معدل التضخم في بريطانيا إلى 2.3% في أبريل، وهو أدنى مستوى له منذ حوالي ثلاث سنوات، مما يعزز مبررات قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.
ولم يغفل الناخبون فضيحة الدم الملوث، رغم اعتذار سوناك للضحايا وعائلاتهم في واحدة من أسوأ حالات فشل الرعاية الصحية في بريطانيا بعد أن وجد تقرير أن تلوث الدم الذي أودى بحياة 3000 شخص.
تزايد شعبية "العمال"
وقد يواجه المحافظون بزعامة سوناك هزيمة مدمرة أمام حزب العمال بزعامة كير ستارمر، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي يتقدم بنحو 20 نقطة مئوية على حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الحكومة، إذا حدثت هذه النتيجة في الانتخابات، فمن المرجح أن يتكبد المحافظون، الذين يتولون السلطة منذ عام 2010، هزيمة تاريخية.
ويتولى سوناك منصبه منذ أكتوبر 2022، بعد بوريس جونسون، ووليز تروس، أصبح بالفعل ثالث رئيس للحكومة منذ الانتخابات الأخيرة في عام 2019، ويتمتع رئيس الوزراء في المملكة المتحدة بالحرية إلى حد كبير في اتخاذ قرار بشأن موعد الانتخابات خلال فترة زمنية كافية، ويجب عليه تقديم إشعار قبل 25 يومًا عمل على الأقل.
وتحث المعارضة سوناك منذ أشهر على تحديد موعد نهائي للانتخابات، واتهموه بتأخير موعد الانتخابات لأطول فترة ممكنة نظرًا لضعف أرقام الاقتراع.
وفشل حزب المحافظين بزعامة سوناك حتى الآن في سد الفجوة مع حزب العمال. وفي الآونة الأخيرة، فقدوا مئات المقاعد في الانتخابات المحلية في إنجلترا، بالإضافة إلى دائرة انتخابية في شمال غرب إنجلترا في الانتخابات البرلمانية الفرعية، ويمارس حزب الإصلاح في المملكة المتحدة اليميني الشعبوي، حزب بريكست السابق، ضغوطًا متزايدة على المحافظين.
تكلفة الخروج من الاتحاد الأوروبي
وكلف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لندن المليارات في مراقبة الحدود وحدها، وقدر مجلس محاسبة التكاليف بما لا يقل عن 4.7 مليار جنيه إسترليني (5.5 مليار يورو) حتى الآن.
وقال مجلس محاسبة التكاليف في لندن، إن التغييرات والتأخيرات المتكررة في تطبيق ضوابط الاستيراد الكاملة خلقت حالة من عدم اليقين للشركات وتكاليف إضافية للحكومة والموانئ.
عند مغادرة الاتحاد الأوروبي، أعلنت الحكومة البريطانية أن المملكة المتحدة سيكون لديها الحدود الأكثر فعالية في العالم بحلول عام 2025، وبحسب ديوان المحاسبة، تفتقر الاستراتيجية إلى جدول زمني واضح وخطة تنفيذ متكاملة على مستوى الحكومة.
غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي في نهاية يناير 2020، وبعد مرحلة انتقالية، لم تعد البلاد عضوًا في الاتحاد الجمركي والسوق الداخلية للاتحاد الأوروبي منذ عام 2021، وأدخل الاتحاد الأوروبي ضوابط الاستيراد الكاملة على الحدود الخارجية الجديدة في 1 يناير 2021، في الوقت الذي قامت بريطانيا بتأجيل ذلك خمس مرات حتى الآن.