أظهرت الحرب الروسية على أوكرانيا التي تواصل عامها الثالث، تناقضًا ومعاملة غير متساوية مع اللاجئين القاصدين لدخول الأراضي الألمانية خوفًا من الصراع المميت في بلادهم.
6.5 مليون لاجئ
ووفقاً لأحدث البيانات المتاحة، نزح نحو 3.7 مليون أوكراني داخليًا، في حين تم تسجيل ما يقرب من 6.5 مليون آخرين على مستوى العالم، واستقبلت ألمانيا أكبر عدد من اللاجئين الأوكران بنحو 1.13 مليون شخص، وفق مجلة "ذا كونفرسيشن" الأمريكية.
واتخذت ألمانيا تدابير سريعة وحاسمة لجلب اللاجئين الأوكرانيين عام 2022، فبعد وقت قصير من بدء الهجوم الروسي، مُنح النازحون الأوكرانيون حقوق العمل الفورية والمزايا الاجتماعية، بما في ذلك الرعاية الطبية.
وعلى عكس طالبي اللجوء الآخرين في ألمانيا، سُمح للأوكرانيين أيضًا بالسفر ذهابًا وإيابًا إلى بلدهم الأصلي دون فقدان استحقاقاتهم، ومُنحت هذه التغييرات السريعة في السياسة اللاجئين الأوكرانيين امتيازات لم تكن ممتدة للآخرين.
تناقض حاد
وانتقدت مجلة "ذا كونفرسيشن" التناقض الحاد لمعاملة السلطات الألمانية للاجئين حسب جنسهم، مشيرة إلى أنه في عام 2015، تم إعادة العديد من اللاجئين السوريين الذين سافروا سيرًا على الأقدام عبر البلقان والمجر والنمسا إلى الحدود الألمانية، بعد أن قررت برلين إعادة فرض الضوابط على الحدود.
ووفق المجلة الأمريكية، فإن هذه المعاملة غير المتساوية تظهر كيف تم تصنيف اللاجئين الأوكرانيين باعتبارهم يستحقون بشكل فريد الوصول إلى أوروبا دون غيرهم.
ويحظر القانون العرفي في أوكرانيا على معظم الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا مغادرة البلاد، مما يعني أن غالبية اللاجئين الدوليين هم من النساء والأطفال.
وأظهرت الدراسات أن الجنس يلعب دورًا هامًا في تجارب النازحين، ويمكن أن يؤثر على قرارات السياسة التي تؤثر عليهم بشكل مباشر، ويؤثر على كيفية تمثيلهم وفهمهم وإدماجهم في البلدان المضيفة.
دعاية خاصة لدعم اللاجئات
بتحليل 79 مقالة عن اللاجئات الأوكرانيات من اثنتين من وكالات الأنباء الألمانية واسعة الانتشار، وهما "دير شبيجل" و"دي تسايت"، والتي تم نشرها خلال السنة الأولى من الصراع الأوكراني الأخير، وُجِد أن الخطاب السائد يصور المرأة الأوكرانية في ألمانيا على أنها تحافظ على سلامة الأطفال، وأنها عاملة قادرة على المساهمة في اقتصاد البلد المضيف، إضافة إلى الاهتمام بتطلعات المرأة الأوكرانية وخططها المستقبلية وأحلامها، فضلاً عن التنازلات العملية التي تقوم بها في سعيها لتحقيق هذه التطلعات.
وحدد التحليل خمس خصائص رئيسية تظهر في تصوير وسائل الإعلام للنساء الأوكرانيات النازحات: "أنهن مألوفات، ومتعلمات، ومجتهدات، وممتنات، ومرحب بهن"، إضافة إلى أنهن غالبًا ما يتم تقديمهن على أنهن مشاركات منتجات في سوق العمل الألماني، أو أنهن يعبرن عن تطلعهن للقيام بذلك في المستقبل القريب.
واعتبرت مجلة "ذا كونفرسيشن" الأمريكية أنه رغم أن مثل هذه التقارير قد تهدف على نحو مثير للإعجاب إلى إضفاء الطابع الإنساني على اللاجئين، فإنها قد تؤدي إلى توقعات غير واقعية، وأن التركيز على إمكاناتهم في توفير فوائد اقتصادية أو ثقافية يمكن أن يحجب التحديات التي يواجهونها كبشر يبحثون عن مأوى من الصراع.
اللاجئة الأوكرانية المثالية
وخلص التحليل إلى أن اللاجئة الأوكرانية يتم تشبيهها بالمثالية والشبيهة بـ"ماري بوبينز"، من فيلم ديزني الخيالي الموسيقي الشهير لعام 1964 الذي يحمل نفس الاسم، فهي تصل بشكل غير متوقع، وتحمل القليل من الأمتعة، وتتحدث بشكل جيد، وحسنة الأخلاق، وقادرة على التأقلم مع حياة مضيفيها، ولا تترك سوى آثار إيجابية، إنها "مثالية عمليًا في كل شيء".
ورأى أن مثل هذه الصور تضر في نهاية المطاف بجميع النازحين، ومن خلال رفع مستوى مجموعة واحدة، فإنها تلقي بظلالها على أولئك الذين لا تنطبق عليهم الشروط، ولكنها ترفع أيضًا التوقعات بشأن المساهمات التي يمكن للاجئين تقديمها.
ولفت التحليل إلى أن أولئك الذين لا يستطيعون الاندماج في هذه الفئة "المثالية عمليًا" لمجموعة متنوعة من الأسباب -سواء كانت اقتصادية أو مهنية أو ثقافية- قد يجدون أنفسهم مستبعدين أو مذمومين.