قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن القمة العربية تنعقد في ظرف تاريخي دقيق تمر به منطقتنا، فما بين التحديات والأزمات المعقدة في العديد من دولنا، إلى الحرب الإسرائيلية الشعواء ضد أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، تفرض هذه اللحظة الفارقة على جميع الأطراف المعنية الاختيار بين مسارين "مسار السلام والاستقرار والأمل أو مسار "الفوضى والدمار" الذي يدفع إليه التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة.
وأضاف الرئيس المصري خلال كلمته، في الجلسة الافتتاحية للقمة العربية المنعقدة في المنامة اليوم الخميس، أن التاريخ سيتوقف طويلًا أمام تلك الحرب ليسجل مأساة كبرى عنوانها الإمعان في القتل والانتقام وحصار شعب كامل وتجويعه وترويعه وتشريد أبنائه والسعي لتهجيرهم قسريًا واستيطان أراضيهم، وسط عجز مؤسف من المجتمع الدولي بقواه الفاعلة ومؤسساته الأممية.
وأوضح "السيسي"، أن أطفال فلسطين الذين قُتِل ويُتِّم منهم عشرات الآلاف في غزة ستظل حقوقهم سيفًا مُسَلَطًّا على ضمير الإنسانية حتى إنفاذ العدالة من خلال آليات القانون الدولي ذات الصلة.
وتابع "وبينما تنخرط مصر مع الأشقاء والأصدقاء في محاولات جادة ومستميتة لإنقاذ منطقتنا من السقوط في هاوية عميقة، فإننا لا نجد الإرادة السياسية الدولية الحقيقية الراغبة في إنهاء الاحتلال.. ومعالجة جذور الصراع عبر حل الدولتين ووجدنا إسرائيل مستمرة في التهرب من مسؤولياتها والمراوغة حول الجهود المبذولة.. لوقف إطلاق النار بل والمضي قدمًا في عمليتها العسكرية المرفوضة في رفح، فضلاً عن محاولات استخدام معبر رفح من جانبه الفلسطيني لإحكام الحصار على القطاع".
وجدد "السيسي" التأكيد أن مصر ستظل على موقفها الثابت فعلاً وقولاً برفض تصفية القضية الفلسطينية ورفض تهجير الفلسطينيين أو نزوحهم قسريًا أو من خلال خلق الظروف التي تجعل الحياة في قطاع غزة مستحيلة بهدف إخلاء أرض فلسطين من شعبها.
وشدد الرئيس المصري على أنه واهمٌ من يتصور أن الحلول الأمنية والعسكرية قادرة على تأمين المصالح أو تحقيق الأمن، ومخطئ من يظن.. أن سياسة حافة الهاوية يمكن أن تُجدي نفعًا أو تحقق مكاسب، مؤكدًا أنّ مصير المنطقة ومقدرات شعوبها أهم وأكبر من أن يُمسِك بها دعاة الحروب والمعارك الصِفرية.
وشدد "السيسي" على أن مصر التي أضاءت شعلة السلام في المنطقة عندما كان الظلام حالكًا، وتحملت في سبيل ذلك أثمانًا غالية وأعباءً ثقيلة، لا تزال رغم الصورة القاتمة حاليًا متمسكة بالأمل في غلبة أصوات العقل والعدل والحق لإنقاذ المنطقة من الغرق في بحار لا تنتهي من الحروب والدماء.
ووجه الرئيس المصري حديثه إلى العالم أجمع بالقول "ولذلك فإنني ومن هنا أمام قادة وزعماء الدول العربية أوجه نداءً صادقًا للمجتمع الدولي وجميع الأطراف الفاعلة والمعنية.. أقول لهم: إن ثقة جميع شعوب العالم في عدالة النظام الدولي.. تتعرض لاختبار لا مثيل له، وإن تبعات ذلك ستكون كبيرة على السلم والأمن والاستقرار، فالعدل لا يجب أن يتجزأ، وحياة أبناء الشعب الفلسطيني لا تقل أهمية. عن حياة أي شعب آخر".
وكشف "هذا الوضع الحرج لا يترك لنا مجالاً إلا لأن نضع أيدينا معًا.. لننقذ المستقبل قبل فوات الأوان ولنضع حدًا فوريًا لهذه الحرب المدمرة ضد الفلسطينيين الذي يستحقون الحصول على حقوقهم المشروعة في إقامة دولتهم المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية".
واختتم الرئيس المصري كلمته قائلًا: "إن الأجيال المقبلة جميعًا.. فلسطينية كانت أو إسرائيلية.. تستحق منطقة.. يتحقق فيها العدل.. ويعم السلام.. ويسود الأمن.. منطقة.. تسمو فيها آمال المستقبل.. فوق آلام الماضي".