على مدار الأيام الماضية، شهدت العاصمة البحرينية المنامة، والعديد من العواصم العربية، تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة، من أجل الإعداد للقمة العربية الثالثة والثلاثين، المقرر عقدها في العاصمة البحرينية المنامة، والتي أجمع الكثيرون على أنها تعقد في ظرف استثنائي وتوقيت صعب، بداية من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، ومرورًا بالاضطرابات التي تشهدها المنطقة.
في الوقت نفسه، تحمل القمة المرتقب انعقادها، غدًا الخميس، الكثير من الآمال لتوحيد المواقف العربية أمام التحديات الإقليمية والدولية.
تهديدات متعددة
خلال اجتماع المندوبين الدائمين بالجامعة العربية التحضيري لاجتماع وزراء الخارجية العرب قبيل انعقاد القمة، أكد وكيل الوزارة للشؤون السياسية بوزارة خارجية مملكة البحرين، الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، في سياق كلمته بهذه المناسبة، أن القمة العربية الثالثة والثلاثين "تلتئم في ظرف استثنائي حرج وتوقيت صعب".
وذكر وكيل الخارجية البحرينية أن الصعوبة تكمن في حجم التحديات التي تواجه العالم العربي، والتي "يأتي في مقدمتها العدوان الإسرائيلي على غزة، وما آلت إليه الأوضاع الإنسانية المؤلمة في القطاع، ومعاناة الأهالي الأبرياء من عمليات القتل والجوع والحصار، وتدمير البنى التحتية، في ظل ازدواجية المعايير الدولية".
ولفت إلى أن "القمة العربية تنعقد في وقت باتت فيه الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية، مهددة بتقويض أركانها، وغياب حضورها نتيجة نزاعات داخلية، يضاف إلى ذلك خطر المليشيات المسلحة التي زادت من وتيرة الإرهاب، وتهديد الأمن الإقليمي، وهي جزء من التدخلات الخارجية في الشؤون العربية الأمر الذي يتناقض مع كافة المواثيق الدولية".
من جانبها، أكدت ريهام خليل، سفيرة مصر لدى مملكة البحرين، أن الشعوب العربية والمجتمع الدولي يترقبون نتائج القمة، بحسب صحيفة "الأهرام" المصرية.
وأشارت إلى أن القمة المصرية البحرينية الأخيرة، التي عُقدت بالقاهرة في أبريل الماضي، تعد خير دليل على أهمية التنسيق العربي، إذ ركزت مباحثات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة في القاهرة، على التنسيق بشأن أجندة القمة المرتقبة، وبلورة ملامح المواقف العربية الموحدة، وتأكيد ضرورة ضمان السلام والأمن والاستقرار الإقليمي.
"توقيت شديد الحساسية"، هو تعبير رئيس البرلمان العربي عادل عبد الرحمن العسومي، والذي أشار في حوار مع وكالة الأنباء البحرينية، الثلاثاء، إلى أن القمة ستكون استثنائية في توقيتها وأهميتها ومكانها، لا سيما وأنها سوف تُناقش الكثير من التحديات في مقدمتها التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأوضح العسومي أنه من المتوقع أن يكون توحيد الصف العربي، وتعزيز التضامن في مواجهة التحديات هو العنوان الرئيسي للقمة، مشددًا على أن البرلمان العربي سيعمل جاهدًا على تعزيز العمل المشترك وحماية الأمن القومي من التهديدات والتدخلات الخارجية من خلال الدبلوماسية البرلمانية ودورها الهام المكمل للدبلوماسية الرسمية.
إعلان المنامة
وخلال الاجتماعات التحضيرية لوزراء الخارجية العرب، الثلاثاء، وصف الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية البحريني، ظروف عقد القمة بأنها "ظروف سياسية وأمنية بالغة الدقة والحساسية، وتأتي وسط تحديات اقتصادية، ومآسٍ إنسانية، وصراعات إقليمية ودولية تفرض على العرب وحدة الصف والتضامن، دفاعًا عن المصالح الحيوية، والأمن القومي".
وأضاف الزياني: "انطلاقًا من مسؤولياتنا الجسيمة، يحدونا الأمل في أن تمثل هذه القمة مرحلة جديدة في مسيرة العمل العربي المشترك المبني على روابط أخوية تاريخية ووحدة الهدف والمصير، ومبادئ التضامن والتعاون والاحترام المتبادل والأمن الجماعي، والإيمان بأن قوتنا في وحدتنا واعتزازنا بقيمنا وهويتنا الثقافية والحضارية، وقدراتنا على التوظيف الأمثل لمواردنا البشرية والطبيعية، بما يلبي تطلعات شعوبنا والأجيال المقبلة في التنمية المستدامة، والعيش بحرية وأمان وكرامة".
وفي تصريحات على هامش الاجتماع نفسه، أبدى الأمين العام المساعد لجامعة الدولة العربية، السفير حسام زكي، خلال تصريحات إعلامية، تفاؤلا بشأن مخرجات القمة، مؤكدًا أن قمة البحرين تتناول القضية الفلسطينية من كل جوانبها، لا سيما في ظل المستجدات الحالية المرتبطة باستمرار الحرب على قطاع غزة.
ولفت إلى أن القمة سيصدر عنها "إعلان البحرين"، وشدد على أن كل ما يحدث من تطورات في الملف الفلسطيني أمور تستحق مواقف وقرارات عربية، وهو ما ستناقشه قمة البحرين لتحديد ما يمكن اتخاذه بشأنها، بحسب وكالة الأنباء البحرينية.
وجدد زكي التأكيد بأن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية للعرب والجامعة العربية، وبالتالي فإن تناولها يقع في صلب اهتمامات القادة والزعماء العرب، ولن تختلف قمة البحرين عن سابقاتها في مناقشة القضية الفلسطينية.
وأضاف أنه في ظل استمرار الحرب على غزة تكتسب القضية الفلسطينية زخمًا إضافيًا أكبر، مؤكدًا أن القمة المرتقبة، غدًا الخميس، ستصدر عنها مواقف عربية قوية تؤيد الحقوق الفلسطينية، وتدعو المجتمع الدولي لعدم التخلي عن مسؤولياته إزاء هذه الحقوق التي من الضروري استعادتها لمصلحة كل الفلسطينيين.