الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

كابوس أوروبا.. كارثة انسحاب أمريكا من الناتو

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

سلّطت صحيفة "فورين أفريز" الأمريكية الضوء على مخاوف متصاعدة من انسحاب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلس "الناتو" الذي تلعب الأخيرة فيه دورًا رياديًا، فالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لا يزال ينظر إلى الحلف على أنه عفا عليه الزمن، بعد أن هدد بأنه في حال إعادة انتخابه سيشجع القادة الروس على "فعل أي شيء يريدونه" تجاه الدول الأعضاء التي لا تنفق كفاية على الدفاع، وقد تكون لولاية ثانية لترامب عواقب كارثية على الأمن الأوروبي.

تحذيرات خطيرة

وبحسب ما تشير إليه الصحيفة الأمريكية فإن حلفاء ترامب يدافعوا عن تصريحاته بالقول إنه يمارس ضغوطًا على أوروبا لزيادة إنفاقها على الدفاع فقط، لكن مسؤولين أمريكيين سابقين عملوا عن كثب معه بشأن الناتو خلال ولايته، بما في ذلك أحد كُتّاب التقرير، مقتنعون بأنه سينسحب من الحلف إذا أعيد انتخابه، إذ إنه إذا وصل إلى البيت الأبيض عام 2025، فلن تكون هناك أي قيود تحد من تصرفاته.

الكونجرس وتشريعات منع الانسحاب

يشاطر الكونجرس الأمريكي هذا القلق أيضًا، بحسب ما تشير إليه الصحيفة، إذ سنَّ أخيرًا تشريعًا يحظر على الرئيس الانسحاب من الناتو إلا بموافقة الكونجرس، إما بتصويت ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ أو بقانون من الغرفتين.

لكن ترامب قد يتمكن من التحايل على هذا الحظر، فقد أثار بالفعل شكوكًا حول استعداده لاحترام البند الخامس من معاهدة الناتو الذي ينص على الدفاع المتبادل.

وبحجب التمويل، واستدعاء القوات والقادة الأمريكيين من أوروبا، وعرقلة القرارات المهمة في مجلس الناتو الأطلسي، يمكن لترامب إضعاف الحلف بشكل كبير دون الانسحاب الرسمي منه.

وحتى لو لم ينسحب دعم الولايات المتحدة بالكامل، فإن موقف ترامب الحالي من الناتو وعدم اهتمامه بدعم أوكرانيا، إذا اعتُمد كسياسة وطنية، سيُحطم ثقة الأوروبيين في القيادة والعزم العسكري الأمريكي.

أوكرانيا وأمن أوروبا

تحذر "فورين أفيرز" من أنه إذا أعيد انتخاب ترامب واتبع نزعته المناهضة للناتو، فستكون أوكرانيا أولى الضحايا، فالرئيس الأمريكي السابق يعارض المزيد من المساعدات العسكرية لكييف.

وبالفعل، يحاول الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرج "تحصين" المساعدات العسكرية الموجهة لأوكرانيا ضد سياسات ترامب، من خلال تنسيقها تحت لواء الحلف بدلًا من مجموعة التواصل الأمريكية المعنية بالدفاع عن أوكرانيا.

ويشير التقرير إلى أنه إذا ضعفت أو ألغت الولايات المتحدة التزامها الدفاعي تجاه أوروبا في ظل حكم ترامب، فستشعر الدول الأوروبية بأنها أكثر ضعفًا وقد تصبح أقل استعدادًا لإرسال إمداداتها العسكرية الحيوية إلى أوكرانيا.

ضعف القدرات الدفاعية الأوروبية

أيضًا أوضحت "فورين أفيرز" أن العواقب الكارثية لن تقف عند أوكرانيا فحسب، فالناتو سيكافح من أجل نشر ردع تقليدي فعّال ضد أي عدوان روسي آخر، إذ إن موسكو بالفعل الآن في حالة تأهب حربي، إذ تنفق 6% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وزعيمها ملتزم برسالة قومية لتوطيد حكمه على ما يسميه "العالم الروسي"، بمساحة جغرافية غير محددة تمتد إلى ما بعد حدوده الدولية المعترف بها.

يُنفق أعضاء الناتو الآن بشكل جماعي 2% من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، لكن في ظل غياب الدعم الأمريكي، لا تزال جيوشهم الأوروبية غير مستعدة بشكل كافٍ ومجهزة وقادرة على القتال ضد قوة كبرى.

لا تزال أوروبا تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة في عدة مجالات مهمة، فبمفردها، تفتقر إلى العديد من الأدوات الرئيسية اللازمة للدفاع الناجح، بما في ذلك قدرات الشحن الجوي، وإعادة التزويد بالوقود جوًا، والدفاع الجوي العالي الارتفاع، والأصول الفضائية، والاستخبارات العملياتية، وكل ما سبق مزود بشكل أساسي من قِبل الولايات المتحدة.

وبدون المساعدة الأمريكية، سيفقد الناتو جزءًا كبيرًا من ميزتها العسكرية على روسيا. ولا تزال صناعة الدفاع الأوروبية مجزأة بشكل سيئ، وقد يستغرق تطوير القدرات الدفاعية اللازمة لتعويض فقدان الدعم الأمريكي بقية هذا العقد.

انهيار قوة الردع النووية

يسلط التقرير الضوء على أزمة انهيار الردع النووي إذا تخلت الولايات المتحدة عن الناتو، ما سيفاقم بشكل خطير مشكلة الردع التقليدي في أوروبا، إذ تشكل الأسلحة النووية لُبَّ التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها، وتُعتبر قدراتها النووية أساس قدرة الناتو على الردع.

وإذا أغلق ترامب المظلة النووية الأمريكية، فسيضطر أوروبيون إلى الاعتماد على أقل من 600 رأس نووية استراتيجية بريطانية وفرنسية فقط، وهو جزء صغير من مجموع القوة الروسية البالغ أكثر من 5000 رأس نووية استراتيجية وتكتيكية.

ونظرًا لأن أوروبا لا تمتلك أسلحة نووية تكتيكية، فلا يمكنها إلا أن تهدد بالتصعيد إلى المستوى الاستراتيجي لردع أي هجوم نووي تكتيكي روسي، وهو تهديد قد لا تجده موسكو مصدقًا.

وفي محاولة لإرعاب الأوروبيين بعيدًا عن دعم أوكرانيا، لمحت روسيا في كثير من المناسبات إلى إمكانية استخدامها الأسلحة النووية التكتيكية.

على عكس الولايات المتحدة، لم تمدد فرنسا والمملكة المتحدة قوة ردعهما النووية لحماية حلفائهما، فإذا تركت واشنطن أوروبا لتواجه مصيرها بمفردها، قد تحسب موسكو أنها قادرة على ممارسة الابتزاز النووي بنجاح لاحتلال أراضي دول الناتو الأعضاء.