باتت عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، تمثل كابوسًا لأعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو"، خاصة الأوروبيين، إذ يدرس خططًا لدفع دول الحلف العسكري، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك في حال فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، المقرر إجراؤها في نوفمبر المقبل، وفق ما ذكرت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
ويعتقد الرئيس الأمريكي السابق، أنه ينبغي مطالبة دول الناتو، بالمساهمة بشكل أكبر في الدفاع الجماعي للحلف، في ضوء التهديدات من روسيا والصين.
كما يعتقد ترامب أن القواعد المحاسبية لابد أن تتغير، حتى لا يتم احتساب الإنفاق على المساعدات العسكرية لأوكرانيا ضمن الهدف، وهي السياسة التي من شأنها أن تدفع العديد من البلدان إلى ما دون الهدف الحالي المتمثل في 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
ونقلت "ذا تليجراف" عن مصدر مقرب من ترامب، أنه كان يفكر في الضغط على التحالف من أجل زيادة عدد أعضائه لبعض الوقت، لكنه اقتنع أكثر بعد اجتماعه مع الرئيس البولندي أندريه دودا، الشهر الماضي.
وقال المصدر، إن تفكير الرئيس السابق يتطور نحو 3%، خاصة بعد التحدث إلى دودا، وهذا لا يشمل الأموال المخصصة لأوكرانيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن اجتماعات ترامب ودودا، كانت أساسية أيضًا في إقناع الرئيس الأمريكي السابق بالتخلي عن معارضته لحزمة المساعدات التي طال انتظارها بقيمة 60 مليار دولار لكييف.
وهدد ترامب -مرارًا وتكرارًا- بسحب الدعم الأمريكي لحلفاء الناتو، إذا لم تزد الدول الأعضاء ميزانياتها الدفاعية.
وفي العام الماضي، تمكنت 11 دولة فقط من بين أعضاء التحالف الذي يضم في عضويته 32 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة، من الوصول إلى الهدف الحالي.
أما الدول الأخرى، فكانت الولايات المتحدة، التي تعد إلى حد بعيد أكبر مساهم إجمالي، إلى جانب بولندا واليونان واستونيا وليتوانيا وفنلندا ولاتفيا والمجر وسلوفاكيا والدنمارك.
وأنفقت لوكسمبورج، التي كانت لديها أصغر ميزانية للدفاع مقارنة بإجمالي ناتجها المحلي (1%) في حين أنفقت بلجيكا وإسبانيا 1.2%.
وكان "دودا" قال في السابق إن نسبة 3%، وهو مستوى لم تصل إليه سوى بولندا والولايات المتحدة واليونان، مطلوبة للدفاع ضد "التهديدات المتزايدة"، بما في ذلك دخول روسيا في مواجهة مباشرة مع الناتو.
وقال تيمو بيسونين، مسؤول دفاعي كبير في الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء الماضي، إن هدف 3% كان قيد المناقشة بالفعل بين بعض الدول الأعضاء خلف أبواب مغلقة. وأضاف: "عندما يزيد حلفاء الناتو ميزانيتهم 1% على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، يتحدث بعض الناس عن 3% بالفعل".
وأنفقت المملكة المتحدة 2.28% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2023، وتخطط لزيادة إنفاقها إلى 2.32% في السنة المالية 2024-2025.
وأعلن ريشي سوناك، رئيس الوزراء البريطاني، الأسبوع الماضي، أن إنفاق بريطانيا سيرتفع إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العقد، بزيادة قدرها 75 مليار جنيه إسترليني بشكل عام.
وأعربت مصادر حكومية بريطانية، الخميس الماضي، عن دعم حذر لإعادة تقييم هدف الإنفاق في حلف شمال الأطلسي، لكنها اقترحت زيادته إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع ضرورة إدراج الإنفاق على أوكرانيا.
وقال جرانت شابس، وزير الدفاع، الأربعاء الماضي، إن جميع دول الناتو يجب أن تحاول الوصول إلى مستوى التمويل الجديد للمملكة المتحدة، وهو 2.5% لتلبية متطلبات "عالم أكثر خطورة".
وأعرب بعض قادة الناتو عن مخاوفهم بشأن عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض، محذرين من أنه سيعرض التحالف للخطر ويخرب المجهود الحربي لأوكرانيا من خلال سحب الدعم العسكري الأمريكي.
وقال المرشح الجمهوري المفترض، إنه سينهي الحرب "في يوم واحد"، وأنه سيشجع روسيا على فعل ما تريد تجاه الحلفاء الذين لا ينفقون ما يكفي على الدفاع عن أنفسهم.
وقال مصدر مقرب من ترامب إنه وضع خطة مفصلة لكيفية إنهاء الحرب سلميًا، لكن لن يتم الكشف عنها قبل الانتخابات. وأضاف المصدر: "هناك خطة، لكنه لن يناقشها مع شبكات الأخبار لأنه بعد ذلك تفقد كل نفوذك".
وبدلًا من ذلك، قالوا إنه سيركز على رسالة بسيطة مفادها أنه سينهي الحرب في محاولة لكسب تأييد الناخبين الأمريكيين الذين يأملون في السلام. وقال المصدر: "إنه يريد وقف القتل.. هذا هو الملصق الوفير: ترامب سيوقف القتل".
وفي مقابلة مع مجلة "تايم" الأمريكية، نُشرِت الثلاثاء الماضي، قال ترامب إن رسالته إلى حلفاء الناتو هي: "إذا كنتم لن تدفعوا، فأنتم وحدكم"، وأضاف أن "أوروبا استغلتنا، سواء فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي أو أوكرانيا".
وتابع:" "إذا لم تكن أوروبا مستعدة للدفع، فلماذا علينا أن ندفع؟" وأجاب: "لأنهم يتأثرون بشكل أكبر بكثير.. لدينا محيط بيننا وبين روسيا.. إنهم لا يفعلون ذلك".
وأضاف: "سأحاول مساعدة أوكرانيا، لكن على أوروبا أن تصل إلى هناك أيضًا وتقوم بعملها".
وقال متحدث باسم حملة الرئيس الحالي جو بايدن، إن ترامب "يهدد بالتخلي عن حلفائنا إذا تعرضوا لهجوم والسماح لبوتين بفعل ما يريد، مما يجعل الأمريكيين أقل أمانًا".