أثناء محاولته موازنة رد فعله على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أثار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، انتقادات من اليسار واليمين على حدٍ سواءٍ. حيث واجه، منذ أشهر، رد فعل عنيفًا من اليسار لدعمه لإسرائيل، واحتشد آلاف الناخبين لتنظيم أصوات احتجاجية ضده في الانتخابات التمهيدية في الولايات في جميع أنحاء البلاد.
ولكن مع استمرار تزايد عدد القتلى المدنيين في غزة، ومع التهديد بغزو واسع النطاق لرفح الفلسطينية، هاجم بايدن بقوة أكبر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ حيث قال إن الولايات المتحدة ستحجب بعضًا من المساعدات العسكرية لإسرائيل، وهو ما أثار قلق اليمين.
ولم يسلم الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي إليه الرئيس، من الانشقاق بين الدعم والرفض، فبينما هناك عدد ممن اشتد توبيخهم لتل أبيب؛ بسبب تجاوزها كل الخطوط الأمريكية، هناك آخرون يصرّون على استمرار الدعم العسكري حتى النهاية.
لا يجب إعطاؤهم فلسًا
خلال لقائه في برنامج Meet the Press على شبكةNBC News، الأحد، صرّح السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز -من ولاية فيرمونت- بأنه "لا ينبغي لإسرائيل أن تتلقى فلسًا آخر من المساعدات العسكرية الأمريكية".
وكان ساندرز، وهو يهودي ومستقل يتجمع مع الديمقراطيين ويصوت في كثير من الأحيان بما يتماشى مع الحزب، صريحًا بشأن معالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وقال: "ما فعلته إسرائيل خلال الأشهر السبعة الماضية، هو أنها لم تشن حربًا ضد حماس فحسب، بل شنت حربًا ضد الشعب الفلسطيني بأكمله". واصفًا الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة بأنه "كارثي".
كما سلط السيناتور الديمقراطي الضوء على آثار العدوان على النساء والأطفال، الذين يشكلون ثلثي الضحايا.
وأشار "ساندرز" في حديثه إلى القصف واسع النطاق للجامعات الفلسطينية، وتدمير البنية التحتية، و"التدمير المنهجي لنظام الرعاية الصحية هناك"، حسب تعبيره.
وقال: "ليست هذه هي الطريقة التي تدير بها الحرب في مجتمع متحضر، بقدر ما تكون الحرب متحضرة".
كما أشار السيناتور كريس فان هولين -ديمقراطي عن ميريلاند- الأحد، إلى أن تقرير وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، "لم يذكر أن إسرائيل دفعت مئات الآلاف في غزة لحافة المجاعة"، بحسب وكالات.
وأوضح "هولين" أنه يشعر بالقلق من تقرير بلينكن "الذي تجنب عرقلة إسرائيل لدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة".
وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو "تجاهل مرارًا سياسة واشنطن والجهود الإنسانية للرئيس الأمريكي وأولوية إعادة المحتجزين".
أمّا السيناتور كريس ميرفي -ديمقراطي من ولاية كونيتيكت- فيدعم موقف بايدن تجاه تل أبيب، بما في ذلك قراره بحجب بعض الأسلحة.
فقد أشار ميرفي خلال مقابلة مع برنامج "State of the Union" على شبكة CNN.إلى أن "اتخاذ موقف وسط ليس بالأمر الجديد بالنسبة لبايدن".
وقال: "أعلن الرئيس بايدن عن نفسه عندما ترشح لمنصب الرئاسة كشخص غالبًا ما يلعب دور الوسط، ولن ينتبه إلى التطرف في النقاش، وسيفعل فقط ما يعتقد أنه مناسب للبلاد، وما هو مناسب للوسط العريض من الناس".
وأضاف: "ما يقوله جو بايدن للإسرائيليين هو أننا سنكون شركاء معكم، لكن عليكم أن تفهموا أن وتيرة الخسائر في صفوف المدنيين، وحجم الكارثة الإنسانية".
وأضاف سيناتور فيرمونت أن قانون المساعدات الخارجية للولايات المتحدة واضح للغاية "أي كيان أو دولة تمنع المساعدات الإنسانية الأمريكية تنتهك القانون، ويجب ألا تستمر في تلقي مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة، وهذا بالضبط ما فعلته إسرائيل".
المساعدات الأمريكية
باعتبارها أكبر حليف لإسرائيل، تقدم الولايات المتحدة سنويًا لتل أبيب حوالي 300 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية والعسكرية، وفقًا لمجلس العلاقات الخارجية (CFR).
وفي انتهاك لقانون المساعدات الخارجية للولايات المتحدة، اعترفت واشنطن، الجمعة، بأن استخدام إسرائيل للأسلحة التي زودتها بها في غزة "ربما يكون انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي".
وجاءت هذه النتائج في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية المقدم إلى الكونجرس، والذي أشار إلى أنه بسبب ظروف الحرب، لم يعثر المسؤولون على حالات محددة تظهر أن إسرائيل انتهكت شروط اتفاقيات الأسلحة الأمريكية، ولكن "من المعقول تقييم أن المنتجات الأمريكية استخدمتها القوات الإسرائيلية في حالات لا تتفق مع التزاماتها (القانون الإنساني الدولي) أو مع أفضل الممارسات الراسخة لتخفيف الأضرار التي تلحق بالمدنيين".
ووفقًا للتقرير، فإن إسرائيل "لديها المعرفة والخبرة والأدوات اللازمة لتنفيذ أفضل الممارسات لتخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين في عملياتها العسكرية"؛ لكنه أشار إلى أن "النتائج على الأرض، بما في ذلك ارتفاع مستويات الضحايا المدنيين، تثير تساؤلات جوهرية لمعرفة ما إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي يستخدمها بفعالية في جميع الحالات".
وفي الأسبوع الماضي، قبل صدور التقرير، أوقف الرئيس بايدن شحنة أسلحة مكونة من حوالي 3500 قنبلة إلى إسرائيل، بسبب الغزو المحتمل لرفح.
وفي مقابلة مع شبكة CNN، أجرتها المذيعة إيرين بورنيت، الأربعاء، قال بايدن إن "مدنيين قتلوا في غزة نتيجة لتلك القنابل"، في إشارة إلى القنابل التي كانت تحمل الشحنة والتي يبلغ وزنها 2000 رطل، محذرًا من أنه قد يستمر في إيقاف الشحنات المستقبلية.
وفي الوقت نفسه، وجد استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث، في فبراير الماضي، أن 36% من الأمريكيين يفضلون تقديم المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، بينما يعارضها 34%.
وهناك 14% لا يؤيدون ولا يعارضون المساعدات العسكرية، في حين أن الـ 15% الباقية غير متأكدين.
أيضًا، يظهر الاستطلاع أن 20% فقط من الأمريكيين يفضلون دورًا دبلوماسيًا كبيرًا للولايات المتحدة في حل الحرب، ويفضل 35% دورًا ثانويًا، ويعتقد 27% أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن تلعب أي دور على الإطلاق.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر استطلاع أجرته مؤسسة "جالوب"، في مارس الماضي، أن العديد من الأمريكيين قد غيروا وجهات نظرهم بشأن الحرب منذ نوفمبر.
وفي نوفمبر 2023، أيد 50% العدوان الإسرائيلي، واعتبارًا من مارس، كان 36% فقط يؤيدون ذلك.