لدرء غزو إسرائيلي واسع النطاق لرفح الفلسطينية، عرضت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تقديم "مساعدة قيّمة لإسرائيل إذا تراجعت"، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، بما في ذلك معلومات استخباراتية حساسة لمساعدة جيش الاحتلال على تحديد موقع قادة حركة حماس والعثور على الأنفاق في قطاع غزة.
ووفقًا لأربعة أشخاص مطلعين على هذه المحادثات، عرض المسؤولون الأمريكيون، أيضًا المساعدة في توفير آلاف الملاجئ، والمشاركة في بناء أنظمة توصيل الغذاء والماء والدواء "حتى يتمكن الفلسطينيون الذين تم إجلاؤهم من رفح الفلسطينية من الحصول على مكان صالح للعيش".
كان الرئيس بايدن وكبار مساعديه قدموا مثل هذه العروض على مدى الأسابيع القليلة الماضية، على أمل إقناع إسرائيل بتنفيذ "عملية محدودة وموجهة بشكل أكبر في جنوب مدينة غزة"، حيث يحتمي نحو 1.3 مليون فلسطيني، بعد أن فروا من أجزاء أخرى من القطاع، حسب التقرير.
في المقابل، تعهدت إسرائيل بالدخول إلى رفح بـ"القوة المفرطة"، واتخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع عددًا من الخطوات التي أثارت مخاوف البيت الأبيض.
وقد أخبر مسؤولو الإدارة، بما في ذلك خبراء من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إسرائيل أن الأمر سيستغرق عدة أشهر لنقل آمن لمئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يعيشون الآن في ظروف متهالكة وغير صحية في رفح؛ بينما يختلف الإسرائيليون مع هذا التقييم.
تحول ملحوظ
جاءت العروض الأمريكية خلال المفاوضات التي جرت على مدى الأسابيع السبعة الماضية بين كبار المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين حول حجم ونطاق العملية في رفح الفلسطينية.
ويقول مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل لم تشن غزوًا بريًا واسع النطاق في رفح الفلسطينية بهذه المرحلة، على الرغم من سلسلة الغارات التي شنتها في الأيام الأخيرة.
وفي مناقشات خاصة، قالت إسرائيل إنها تأخذ التحذيرات الأمريكية على محمل الجد، وقدمت تأكيدات حتى أمس الجمعة بأن جنودها لن يتوغلوا في المدينة قبل إجلاء نحو 800 ألف فلسطيني، وفقًا لمسؤول كبير في الإدارة الأمريكية.
وقال بايدن هذا الأسبوع إنه سيمنع نقل الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل إذا مضت قدمًا في غزو رفح الذي يستهدف المراكز السكانية.
واعتبر العالم هذا المنع تحولًا ملحوظًا للرئيس الأمريكي، الذي قاوم منذ فترة طويلة فرض عقوبات على إسرائيل بسبب سلوكها في غزة، على الرغم من تصاعد الضغوط من زملائه الديمقراطيين.
ومع تركيز المحادثات الأمريكية الإسرائيلية الآن بشكل أكثر حدة على شكل عملية رفح الفلسطينية، قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، إن المسؤولين الإسرائيليين لا يعارضون بقوة المطالب الأمريكية، على الرغم من أنهم لا يتفقون على أن إجلاء المدنيين سيستغرق شهورًا.
ولفتت الصحيفة إلى أن استيلاء إسرائيل على معبر رفح الحدودي أخيرًا "أثار غضب العديد من مساعدي بايدن، الذين يضغطون منذ أشهر على إسرائيل للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة".
مخاطر هائلة
تسلّط المحادثات "المفصلة والحساسة على نحو غير عادي" -حسب تعبير الصحيفة الأمريكية- الضوء على المخاطر الهائلة التي تواجه كلًا من إسرائيل والولايات المتحدة في الوقت الذي يستعد فيه نتنياهو لغزو رفح، آخر مدينة في غزة لم تدمرها الهجمات الإسرائيلية.
وبينما أصبحت إسرائيل معزولة بشكل متزايد خلال العدوان على غزة، الذي استمر سبعة أشهر، اجتذب بايدن انتقادات هائلة في الداخل والخارج لدعمه لها.
ووفق "واشنطن بوست"، شدد مساعدو بايدن لنظرائهم الإسرائيليين على أنه لا يمكن نقل الفلسطينيين إلى أجزاء قاحلة أو تتعرض للقصف؛ لكن يجب على إسرائيل توفير البنية التحتية الأساسية حتى يتمكن الذين يتم إجلاؤهم من الحصول على ظروف معيشية مناسبة، وألا يتعرضوا ببساطة للمزيد من المجاعة أو الأمراض.
وفي وقت سابق، أوضحت المنظمات الإغاثية إن إجلاء الناس بأمان من رفح يكاد يكون مستحيلًا نظرا للظروف السائدة في بقية أنحاء غزة.
ويقدم خبراء من مختلف أنحاء الحكومة الأمريكية المشورة لنظرائهم الإسرائيليين، حول كيفية تطوير وتنفيذ الخطة الإنسانية، وصولاً إلى مستوى عدد الخيام وكمية المياه اللازمة لمناطق محددة، وفقًا للمطلعين على الأمر.
وبينما يؤكد الإسرائيليون أنهم يجب أن يذهبوا إلى رفح "لإنهاء القضاء على حماس"، لكن تدمير شبكة الأنفاق الواسعة، حيث يُزعم تمركز العديد من قادة حماس ومقاتليها بها، من شأنه أن يعرض عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين للخطر.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية "لدينا مخاوف جدية بشأن الطريقة التي اتبعت بها إسرائيل هذه الحملة، ويمكن أن يصل كل ذلك إلى ذروته في رفح".