رصدت الصحف الأمريكية خلال السنوات الماضية تحركات غير مسبوقة من جانب الصين، تهدف في المقام الرئيسي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المال والغذاء، استعدادًا لحرب محتملة مع تايوان وحليفتها أمريكا، إذ أكد مجلس الذهب العالمي أن الصين تبني مخزونًا هائلًا من الذهب تبلغ قيمته 170 مليار دولار، لحماية اقتصادها من أي عقوبات محتملة كتلك التي فُرضت على روسيا بعد عملياتها الخاصة مع أوكرانيا.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
ذكرت صحيفة "تليجراف" البريطانية، أن الصين شرعت في بناء مخزون من الذهب بقيمة 170 مليار دولار بعد موجة شراء قياسية وغير مسبوقة، في خطوة أثارت مخاوف من أن بكين تعد اقتصادها لصراع محتمل بشأن تايوان.
ويقول التلفزيون الصيني المركزي "سي سي تي في"، إن بنك الشعب الصيني اشترى 27 طنًا من الذهب في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، ما رفع احتياطياته إلى مستوى قياسي بلغ 2262 طنًا، وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي.
وعلى مدار السنوات الماضية، عززت الصين شرائها للذهب بشكل مطرد، وهو ما يمثل أطول تراكم للمعدن الثمين منذ عام 2000 على الأقل، فبحسب البيانات الرسمية، التي أبرزتها الصحيفة البريطانية، أدت سلسلة الـ 17 شهرًا المتتالية إلى زيادة احتياطياتها من الذهب بنسبة 16%
ويتم تداول الذهب حاليًا بالقرب من مستوى قياسي يبلغ 2343 دولارًا للأونصة، ما يقدر مخزون بكين بـ 170.4 مليار دولار.
وترى الصحيفة البريطانية، نقلًا عن خبراء، أن مخزون الصين من الأسلحة النووية كان على الأرجح محاولة لحماية اقتصادها من العقوبات الغربية في حالة نشوب صراع بشأن تايوان.
وقال جوناثان إيال، المدير المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، للصحيفة البريطانية: "المشتريات المتواصلة والكمية الهائلة هي علامات واضحة على أن هذا مشروع سياسي يحظى بأولوية من قبل القيادة في بكين بسبب ما يرون أنه يلوح في الأفق"، في إشارة إلى المواجهة مع الولايات المتحدة.
وأضاف "إسل" أن هذا النمط "مرتبط أيضًا بخطط العمل العسكري لتايوان".
فيما يرى إيان دنكان سميث، عضو البرلمان، والرئيس المشارك للتحالف البرلماني الدولي بشأن الصين، بشأن مخزون الذهب: "إذا بدأت الدول في نقل استثماراتها خارج الصين، فسوف يمنحهم ذلك القليل من المال".
وأضاف: "الشيء الأكثر أهمية هو هذا التصميم على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والمال لتحمل مواجهة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة.. لا أقصد أشهر بل سنوات من المواجهة، من النوع الذي يواجهه روسيا مع الغرب في الوقت الحالي".
سبق وحذر مسؤولون عسكريون أمريكيون من أن الصين تهدف إلى امتلاك القدرات العسكرية لغزو تايوان بحلول عام 2027.
الحرب الأوكرانية عبرة
وترى "تليجراف" أن البنك المركزي الصيني قد بدأ بشراء الذهب بعد وقت قصير من قيام الدول الغربية بتجميد احتياطيات العملة الروسية المحتفظ بها في البنوك المركزية الأجنبية، ردًا على عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا، وذلك ضمن عقوبات بلغت 350 مليار دولار من العملة الأجنبية لموسكو.
وفي السياق نفسه، قال إيال: "ليس هناك شك على الإطلاق في أن التوقيت والطبيعة المستدامة للمشتريات كلها جزء من الدرس الذي تعلمته الصين من حرب أوكرانيا".
وأكد أيضًا أن الصين تعمل على الأرجح على بناء احتياطيات من الذهب لحمايتها من العقوبات الدولارية إذا دخلت في مواجهة كبيرة مع الغرب.
وزادت الصين الذهب كحصة من إجمالي احتياطياتها المالية من 3.2% إلى 4.6% منذ أكتوبر 2022، وفقًا لمجلس الذهب العالمي، وتمتلك البلاد الآن سادس أكبر مخزون من الذهب في العالم، خلف روسيا مباشرة.
وقال جون ريد، كبير استراتيجيي السوق في مجلس الذهب العالمي: "إن العقوبات المفروضة على البنك المركزي الروسي في أعقاب الحرب الأوكرانية في عام 2022 جعلت السياسيين ومديري الاحتياطيات يدركون أنهم معرضون للخطر أكثر مما كانوا يعتقدون، إذا أسأت إلى القوى الغربية، فمن الممكن أن تفقد إمكانية الوصول إلى احتياطياتك من النقد الأجنبي".