قال سامح شكري وزير الخارجية المصري، اليوم السبت، إن منظمة التعاون الإسلامي ارتبطت نشأتها عام 1969 بالقضية الفلسطينية قضيتنا المركزية، مضيفًا أن المسلمين من مختلف بقاع العالم يرجون يومًا يحيا فيه الجميع بسلام في أولى القبلتين وثالث الحرمين.
وأضاف "شكري"، في كلمة مصر أمام قمة منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في جمهورية جامبيا: "تؤكد مصر إدانتها بأشد العبارات للعدوان الإسرائيلي على غزة، وتثمّن الدور الذي اضطلعت به منظمة التعاون الإسلامي لتشكيل جبهة دعم للقضية الفلسطينية، لا سيما عبر الجهود الحثيثة للجنة الوزارية الإسلامية العربية المنبثقة عن قمة الرياض"، ونري أهمية استكمال الجهد وتكثيف العمل على المحاور التالية لوقف العدوان الجائر على الشعب الفلسطيني:
أولًا: الضغط لتنفيذ القرارات ذات الصلة لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، فيتعين الوقف الفوري لإطلاق النار في عدوان دموي قُتل فيه أكثر من 34 ألف مدني أغلبهم من النساء والأطفال على مدار سبعة أشهر من الجحيم في غزة، وتحذر مصر بشدة من إقدام إسرائيل على اجتياح رفح الفلسطينية المأوي الأخير لما يقرب من مليون ونصف المليون نازح فلسطيني.
ثانيًا: وفرت مصر النصيب الأكبر من المساعدات إلى غزة، كما تدفق الدعم الإغاثي من الدول الإسلامية، ورغم التضامن الإسلامي وفتح معبر رفح من الجانب المصري، إلا أن إسرائيل تفرض الحصار والعقاب الجماعي، وتضع العراقيل غير القانونية أمام النفاذ الآمن والسريع والمستدام للمساعدات، وفي هذا الإطار، نتمسك بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2720 واستحداث الآلية الأممية في غزة للإنفاذ الفوري غير المشروط للمساعدات الإنسانية لداخل القطاع.
ثالثًا: نطالب بوقفة حاسمة ضد أوهام تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري للفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة، فالشعب الفلسطيني الأبي الصامد على أرضه، وإلى جواره جميع الشعوب الإسلامية والعربية وشعوب العالم الحر لم ولن تقبل بخروج أصحاب الأرض من أرضهم المحتلة بالمخالفة لكل المواثيق الدولية.
رابعًا: لتحقيق السلام الدائم والعادل فلا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية لضمان استقرار الشرق الأوسط، ولعل اتساع رقعة الصراع الراهن في البحر الأحمر والمنطقة خير دلالة على أن المسلك الإسرائيلي الرافض للسلام سيجر المنطقة بأكملها لتهديدات غير مسبوقة.
خامسًا: ضرورة التصدي الحازم للمعايير المزدوجة، فالالتزامات الدولية، بما فيها قرارات محكمة العدل الدولية، واجبة النفاذ في كل الحالات إلا أن غزة شهدت ضرب عرض الحائط بجميع المواثيق، بما يبرهن أن هناك من يري أن القواعد القانونية تخص البعض وليس الجميع، الأمر الذي نرفضه جملة وتفصيلًا، فغض الطرف والكيل بمكيالين هو الجمرة التي يُشعل بها المتطرفون نار التعصب والإرهاب في مواجهة مفاهيم الحوار والتسامح، وأن المباركة بالصمت لما يحدث في غزة تتجاوز في آثارها وتبعاتها الأراضي الفلسطينية والساحة الإقليمية، وتكرس لجرح غائر في ضمائر المجتمعات نشهد مظاهره، لا في البلدان الإسلامية فقط، وإنما في شتي بقاع العالم.
الأمن والاستقرار
وأشار وزير الخارجية المصري إلى الوقوف عند شعار القمة "الوحدة والتضامن من أجل التنمية المستدامة"، قائلًا: "ما أحوجنا إلى تعزيز تلك القيم وترجمتها إلى واقع فعلي، لا سيما عقب ما عانته دولنا من تحديات جسمية كارتفاع التضخم العالمي لمستويات قياسية وتنامى إشكالية الديون بصورة خطيرة، ويُضاف إلى ذلك تضاؤل جدوى المعونات التنموية مقابل تعاظم المشروطات المقترنة بها، فضلًا عن زيادة تكلفة الاقتراض بالدول النامية، بينما تواجه دولنا تلك التحديات، فإنها تعاني من تحديات متزايدة لتغير المناخ، تلك الظاهرة التي لم نكن المتسبب بها، إلا أننا نعاني من الظواهر المترتبة عليها، ولعل عضوية الرئاسات الثلاث المتتالية لـCOP 27 و28و29، مصر والإمارات وأذربيجان في منظمة التعاون الإسلامي تعكس إرادة دولنا وريادتها في سبيل تعزيز التعاون الدولي لمواجهة تلك الظاهرة، إلا أن الفيصل يكمن في توافر أدوات التنفيذ اللازمة".
وأكد أن مصر تؤمن بضرورة توحيد الرسالة حول التمويل الدولي باعتباره العامل الحاسم في تحقيق التنمية المستدامة، بما فيها مواجهة تغير المناخ، فضلًا عن معالجة الاختلالات الهيكلية للنظام المالي العالمي التي تحد من قدرته على الاستجابة السريعة والفعّالة للأزمات، وتقدير أن هناك حاجة لتبنى منظور شامل يضع "تمويل التنمية" في قلب أجندة العمل متعدد الأطراف، ويضمن عدالته واستدامته.
وأوضح أن مصر نبّهت بأن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب الأمن والاستقرار، ومن ثمّ ضرورة اقتلاع الإرهاب من جذوره، والتصدي للتعصب ومظاهر الكراهية، ومنها "الإسلاموفوبيا".
ورحّب بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستحداث منصب المبعوث الخاص لمكافحة "الإسلاموفوبيا"، والتطلع لتعزيز التعاون بين المبعوث الجديد ومنظمة التعاون الإسلامي، مؤكدًا أن مصر على عهدها في تعزيز دور منظمة التعاون الإسلامي، وأهمية وحدة الصف والالتزام بنمط تصويت موحد لأعضاء المنظمة بمختلف المحافل الدولية وبصفة خاصة إزاء القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وستظل يد المسلمين والعرب ممدودة بالسلام لتستطيع أن تنعمه بالأمن والاستقرار كافة دول المنطقة بما فيها إسرائيل إن قبلت بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني على أساس قرارات الشرعية الدولية.