الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تخزّن الذهب والنفط.. الصين تواجه أمريكا بـ"النووي الاقتصادي"

  • مشاركة :
post-title
أدت عمليات الشراء إلى زيادة احتياطات بكين من الذهب بنسبة 16%

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

أثار قيام الصين بشراء الكثير من المواد الأساسية بوتيرة سريعة مخاوف العالم الغربي، وسط شكوك باستعدادات بكين لصراع عالمي كبير، أو احتمالية خفض قيمة اليوان الصيني في مقابل الدولار الأمريكي.

وبينما تستمر بكين في عمليات الشراء، تساءل بعض المحللين الغربيين عما إذا كانت بكين تستعد لـ"الخيار النووي الاقتصادي"، كما تصفه مجلة "نيوزويك" الأمريكية.

ويلفت التقرير إلى أن خفض قيمة اليوان بشكل متعمد يمكن أن يعزّز الصادرات الصينية، من خلال جعل سلعها أرخص وأكثر قدرة على المنافسة. إذ إن تجميع الموارد مسبقًا -مثل الذهب والنفط- يمكن أن يوفر بعض الأمن المالي والقدرة على المساومة، ويساعد على استقرار الاقتصاد ضد الآثار السلبية المحتملة لخفض قيمة العملة، مثل زيادة تكاليف الواردات والتضخم.

لكن، لا يمكن أن تحقق بكين هذا الهدف دون تداعيات خطيرة، بما في ذلك إثارة غضب شركائها التجاريين، وتفاقم الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.

الذهب والنفط

رغم الأوضاع الدولية المتوترة، واصلت الصين مشتريات الذهب في مارس الماضي، ما عزّز احتياطاتها من المعدن للشهر السابع عشر على التوالي، على الرغم من ارتفاع سعره بشكل قياسي وضعف اليوان.

وتقوم الصين بشراء الذهب بشكل مطرد منذ أكتوبر 2022، وهو ما يمثل أطول تراكم للمعدن الثمين منذ عام 2000 على الأقل.

واشترى بنك الشعب الصيني 27 طنًا من الذهب في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، ما رفع احتياطياته إلى مستوى منخفض؛ حيث كان أعلى مستوى له هو 2262 طنًا، وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي.

وقد أدت عمليات الشراء خلال الـ17 شهرًا المتتالية إلى زيادة احتياطات بكين من الذهب بنسبة 16%.

وبينما يتم تداول الذهب حاليًا بالقرب من مستوى قياسي يبلغ 2343 دولارًا للأونصة، يقدر مخزون الصين بنحو 170.4 مليار دولار.

وعزا الاقتصاديون ذلك إلى جهود الصين للتنويع بعيدًا عن الأصول الدولارية وسط التوترات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة، بعد أن شهدت الضربة الاقتصادية التي تلقتها روسيا بعد غزوها لأوكرانيا عام 2022.

ونقلت صحيفة "التليجراف" البريطانية عن جوناثان إيال، المدير المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) قوله: إن المشتريات المتواصلة والكمية الهائلة هي علامات واضحة على أن هذا مشروع سياسي تعطيه الأولوية من قِبل القيادة في بكين، بسبب ما يرون أنه مواجهة مع الولايات المتحدة، تلوح في الأفق".

مع هذا، يتضاءل مخزون بكين أمام الولايات المتحدة، التي تمتلك أكبر احتياطيات في العالمـ إذ تبلغ قيمة الحيازات الأمريكية 602 مليار دولار، في حين تمتلك المملكة المتحدة 23 مليار دولار من المعدن الثمين.

يرجع البعض عمليات الشراء الصينية إلى احتمال غزو تايوان

لكن، لا يهتم الصينيون بالذهب فقط، بل امتد التراكم المستمر للمواد الخام في الصين إلى النفط الخام، باعتبارها أكبر مستورد عالمي للموارد.

وفقًا لسلطات الجمارك، اشترت الصين رقمًا قياسيًا من النفط، بلغ 11.3 مليون برميل يوميًا العام الماضي، بزيادة قدرها 10%عن عام 2022. لكن هذا الارتفاع رافق ارتفاع الطلب على الوقود بعد نهاية العام، عقب رفع القيود الصارمة التي فرضتها بكين في عصر الوباء.

وإضافة إلى تخزين الذهب وشراء نفط العقوبات، قام الرئيس الصيني بحملة من أجل الزراعة المستدامة ذاتيًا في الصين، كما قام بنك الشعب الصيني ببيع ممتلكاته من ديون الحكومة الأمريكية.

مواجهة محتملة

قد يكون خفض قيمة العملة مغريًا بالنسبة للصين -أكبر مصدّر في العالم- في حين تسعى إلى توسيع بصمتها الصناعية في الأسواق الدولية لسلعها وسط الانكماش وعدم كفاية الطلب الاستهلاكي محليًا.

لكن في الوقت نفسه، من المؤكد أن هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم التوترات مع واشنطن والشركاء التجاريين الرئيسيين الآخرين؛ حيث يدعم موقف بكين الشراء باليوان من الدول الخاضعة للعقوبات الغربية، روسيا وإيران، وتسوية الأرصدة التجارية الزائدة بالذهب.

وتواجه الصناعات الصينية، بالفعل، اتهامات بإغراق الأسواق بصادرات منخفضة التكلفة مثل الصلب والمواد الكيميائية، ما دفع إلى إجراء تحقيقات داخلية في الولايات المتحدة، كما تدرس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية.

وفق "نيوزويك"، قد يكون هناك تفسير آخر أكثر خطورة لمخزون الصين من الموارد؛ فربما تستعد بكين لمواجهة التداعيات الدولية التي قد تنجم عن غزو تايوان.

وتنقل المجلة عن مقال كتبه مايكل ستوديمان، الرئيس السابق لمكتب الاستخبارات البحرية الأمريكية: "يبدو أن شي -الرئيس الصيني- قد درس قواعد العقوبات التي استخدمها الغرب ضد روسيا بسبب أوكرانيا، ثم بدأ بعد ذلك إجراءات وقائية طويلة الأمد لسد أبواب الاقتصاد الصيني لمقاومة ضغوط مماثلة".

وقال "ستودمان" إن الصين تتحرك أيضًا للتخفيف من تعرضها للحظر على الغذاء والطاقة، من خلال بناء احتياطاتها الاستراتيجية من النفط، وبناء محطات تعمل بالفحم.

أيضًا، ذكر السير إيان دنكان سميث، عضو البرلمان البريطاني، والرئيس المشارك للتحالف البرلماني الدولي بشأن الصين: "إذا اقتربوا -الصينيون- كثيرًا من الحشد ضد تايوان، وبدأت الدول في نقل استثماراتها خارج الصين، فسوف يمنحهم ذلك القليل من المال".

وقال إن الصين تعمل على الأرجح على بناء احتياطيات من الذهب لحمايتها من العقوبات الدولارية إذا دخلت في مواجهة كبيرة مع الغرب، وأضاف: "لقد كانت صدمة كبيرة أنه من الممكن الاستيلاء على الممتلكات السيادية الروسية وتجميدها. أعتقد أن هذا كان تغييرًا أساسيًا فيما يتعلق بشي جين بينج".