في عالم الدبلوماسية، حيث تتقاطع المصالح الوطنية وتتصارع الرؤى السياسية، باتت اتهامات التدخل في الانتخابات سلاحًا بارزًا، يُستخدم لتشويه صورة الخصوم. في آخر جولة من هذا الصراع اللفظي، انبرت الصين لنفي مزاعم واشنطن بشأن محاولات بكين للتأثير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
وسط هذا التبادل للاتهامات الخطيرة التي تمس صميم العمليات الديمقراطية، تكشفت الهوة العميقة بين القوتين العظميين في رؤيتهما للنظام العالمي والصراع على النفوذ.
اتهامات متبادلة ونفي صيني
أسقطت وزارة الخارجية الصينية مزاعم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بأنها تتدخل في الانتخابات الأمريكية، متهمة بلينكن بـ"جنون العظمة ومطاردة الظل".
ولدى عودته من زيارة للصين يوم الجمعة، قال بلينكن لشبكة "سي إن إن" إن الحكومة الأمريكية شهدت محاولات من جانب بكين للتلاعب بالانتخابات الأمريكية.
وقال بلينكن للمذيعة كايلي أتوود "لقد رأينا، بشكل عام، أدلة على محاولات التأثير والتدخل، نريد أن نتأكد من قطع ذلك في أسرع وقت ممكن".
ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان هذه الاتهامات.
مبادئ الدبلوماسية الصينية
وقال "لين" للصحفيين: "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى هو مبدأ أساسي للدبلوماسية الصينية".
وتابع: "الانتخابات الرئاسية الأمريكية هي شأن داخلي للولايات المتحدة، لم يكن لدينا أي اهتمام على الإطلاق ولن نتدخل بأي شكل من الأشكال في الانتخابات، ومع ذلك فإننا نرفض بشدة أي شخص يثير قضية الصين ويضر بمصالح الصين لأغراض انتخابية".
واختتم لين حديثه قائلًا: "إن الولايات المتحدة بحاجة إلى وقف جنون العظمة ومطاردة الظلال، والتوقف عن إلقاء الوحل على الصين لتحويل الانتباه وصرف اللوم، والمساهمة في استقرار العلاقة بين الصين والولايات المتحدة ورفاهية شعبينا".
غالبًا ما يتهم السياسيون الأمريكيون الدول الأجنبية بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، مع تصاعد الادعاء الذي تم فضحه بأن روسيا تدخلت لمساعدة دونالد ترامب في الفوز بالرئاسة في عام 2016، إلى عملية تجسس ضد حملة ترامب، وتحقيق استمر لسنوات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي والمستشار الخاص، روبرت مولر.
واتهم كل من ترامب والرئيس جو بايدن الصين بمحاولات تدخل مماثلة، حيث ضغط بايدن على الرئيس الصيني شي جين بينج، بشأن هذه القضية خلال اجتماع في سان فرانسيسكو في نوفمبر.
ووفقًا لشبكة "سي إن إن"، وعد شي بايدن بأن الصين لن تتدخل في الانتخابات الرئاسية هذا العام.
شكوك حول وعود بكين
ويصر مجتمع الاستخبارات الأمريكية على أن وعد شي كان مجرد وعد أجوف، إذ في تقييم التهديد الذي نُشر في فبراير، أشار مكتب مدير الاستخبارات إلى أن العملاء الصينيين يهدفون إلى "زرع الشكوك حول القيادة الأمريكية، وتقويض الديمقراطية، وتوسيع نفوذ بكين"، من خلال العمليات الإعلامية والتدخل المحتمل في الانتخابات.
وجاء في الوثيقة: "حتى لو وضعت بكين قيودًا على هذه الأنشطة، فإن الأفراد الذين لا يخضعون لإشرافها المباشر قد يحاولون القيام بأنشطة التأثير على الانتخابات التي يرون أنها تتماشى مع أهداف بكين".
ووفقًا لوزير الخارجية الصيني، وانج يي، فإن مثل هذه الاتهامات تضرب بجذورها في انعدام الأمن الأمريكي إزاء القوة الاقتصادية والعسكرية المتصاعدة للصين.
وفي إشارة إلى مزاعم التجسس والعقوبات والقيود التجارية التي تفرضها واشنطن، قال "وانج" في مارس إن "أساليبها في قمع الصين تتجدد باستمرار".