بينما كانت إيطاليا واحدة من الدول الأكثر اعتمادًا على الغاز الروسي في الأعوام الماضية، إلّا أن روما، في أعقاب اندلاع العملية العسكرية الروسية الشاملة في أوكرانيا، كانت ذكية بشكل ملحوظ في تنويع خطوط الإمدادات، مع وجود خط أنابيب من الجزائر، وزيادة القدرة على استيراد الغاز الطبيعي المسال.
هكذا، شكلت الشحنات القادمة من روسيا أقل من 5% من إجمالي واردات روما من الغاز العام الماضي، بانخفاض 43% عمّا كانت تستورده في عام 2020، وفقًا للأرقام الرسمية.
لذا، لم يكن غريبًا أن يصرّح وزير الطاقة الإيطالي جيلبرتو بيتشيتو فراتين، بأن بلاده "حررت نفسها من الغاز الطبيعي الروسي"، مؤكدًا أن روما لن تواجه أي مشكلة مع حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي المقترحة على الغاز الطبيعي المسال، والتي تدرسها المفوضية الأوروبية.
وخلال محادثات المناخ التي يشارك فيها وزراء مجموعة السبع في مدينة تورينو، قال فراتين للنسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو" إن إيطاليا الآن "في وضع يسمح لها بالاستغناء عن الغاز الروسي تمامًا".
وأكد: "لقد قمنا بتنويع مصادرنا، ولدينا مصادر مختلفة ولدينا محطات إعادة التغويز، لذلك لدينا إمدادات كافية".
لذا، فإن إيطاليا "ليس لديها سبب لمعارضة عملية فرض عقوبات جديدة" على الغاز الطبيعي المسال الروسي، حسب تصريحه.
محادثات تورينو
منذ تحرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضد أوكرانيا، فرض الاتحاد الأوروبي 13 حزمة من الإجراءات العقابية ضد موسكو، لكن الكتلة الأوروبية -حتى الآن- امتنعت عن استهداف قطاع الغاز الروسي، الذي يعد شريانًا حيويًا للقارة.
وتهدف محادثات المناخ لمجموعة السبع، التي انطلقت الأحد، إلى تحديد القطاعات الاستراتيجية اللازمة لخفض الانبعاثات الحرارية، وتخصيص التقنيات التي يمكن أن توفر الطاقة المستدامة للدول النامية؛ من أجل تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الصفرية.
وتضم المحادثات قضايا رئيسية مثل التلوث، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ، مع التركيز على التعاون مع الدول الإفريقية.
ومع قيادة إيطاليا للمحادثات، فإن التركيز على إفريقيا ليس أمرًا من قبيل الصدفة.
فقد أطلقت حكومة رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، أخيرًا، خطة استثمارية تهدف إلى جعل إيطاليا مركزًا لعبور الطاقة بين إفريقيا وأوروبا.
أيضًا، تسعى الخطة الإيطالية إلى تعزيز الاقتصادات المحلية، لمحاربة الفقر وتغير المناخ والأسباب الجذرية الأخرى للهجرة من إفريقيا إلى أوروبا.
وبينما تحتل إيطاليا، التي تتولى حاليًا الرئاسة الدورية لمجموعة السبع، موقعًا قياديًا في محادثات المناخ التي ستعقد في نهاية هذا الأسبوع، تعمل حكومة ميلوني على تطوير رقم قياسي في أوروبا في التمسك بقضايا المناخ.
ومنذ وصول ميلوني إلى السلطة، صوتت إيطاليا، مرارًا وتكرارًا، بالرفض، أو امتنعت عن التصويت بشأن القضايا البيئية في الاتحاد الأوروبي، مثل قواعد التعبئة والتغليف والتخلص التدريجي من محركات الاحتراق بحلول عام 2035.
إيطاليا والمناخ
على الرغم من موجة من الأحداث المناخية المتطرفة التي شهدتها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، تقول جماعات حماية البيئة الإيطالية إن الحكومة غير مهتمة بتغير المناخ.
لكن، نفى فراتين في حديثه إلى الصحيفة الأوروبية أن حكومة ميلوني لا تعطي الأولوية لتغير المناخ، بحجة أن هدف الحكومة هو توليد ما يقرب من ثلثي احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول نهاية العقد.
وقال إن التخلص التدريجي من سيارات محركات الاحتراق بحلول عام 2035 يعد قصير النظر؛ بسبب التقدم المحتمل في الوقود النظيف مثل الهيدروجين أو الوقود الحيوي، وهو ما يعني أن الكهرباء لم تكن الخيار النظيف الوحيد.
وكدليل على جدية الحكومة الإيطالية في معالجة تغير المناخ، قال فراتين إن إيطاليا ستتفوق على الدول الأخرى في إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم.
وقال: "نحن مستعدون لإغلاق مصانعنا التي تعمل بالفحم بشكل كامل وفي وقت قريب جدًا، وهي أكبر مصدر للانبعاثات. نحن جاهزون، والسؤال هو: هل الجميع مستعدون؟"
وأشار وزير الطاقة الإيطالي إلى أن هذه المحطات سيتم إغلاقها في عام 2025 على أبعد تقدير؛ لافتًا إلى أنه كان من الممكن إغلاق محطات الفحم العام الماضي، لولا الحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط؛ حسب قوله.