"صداع في رأس الإدارة الأمريكية".. هكذا أصبحت المظاهرات والاحتجاجات الرافضة للسياسة الأمريكية الداعمة لحرب الإبادة التي تقودها دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، في صورة أضحت ما يشبه الانتفاضة الطلابية ضد الإدارة الأمريكية.
انتفاضة بدأت من الجامعات
فمع كل يوم هناك بقعة في جامعة أمريكية ما تشهد تظاهرات ضد إدارة بايدن، وتركزت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في حرم الجامعات بجميع أنحاء الولايات المتحدة، في سلسلة انفرط عقدها، لكن الطلاب يواجهون حملة قمع متزايدة من مديري ورؤساء الجامعات، ما أدى إلى موجات من الاعتقالات وإلغاء الفصول الدراسية وحتى التأثير على خطط البدء.
ويأتي غضب المتظاهرين في وقت يواجه فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن ضغوطًا سياسية متزايدة بشأن تصرفات إسرائيل في غزة، وتدهور الوضع الإنساني للفلسطينيين في القطاع، وخاطب بايدن الاحتجاجات يوم الاثنين، قائلًا إنه "يدين أي احتجاجات معادية للسامية تحدث".
إلغاء حفل رئيسي
آخر ردود الفعل والتأثير لتلك الاحتجاجات، كانت في جامعة جنوب كاليفورنيا التي أعلنت إنها ستلغي حفل بدء المرحلة الرئيسية بعد اعتقال ما يقرب من 100 شخص في الحرم الجامعي خلال احتجاج مؤيد للفلسطينيين.
وتعد جامعة جنوب كاليفورنيا أول جامعة كبرى معروفة تلغي حفل التخرج بسبب المظاهرات، ما قد يفتح الباب أمام جامعات أخرى لديها احتجاجات لتحذو حذوها.
وقالت الجامعة، في بيان، إن "قرارها ينبع من إجراءات السلامة الإضافية المطبقة هذا العام"، وعادة ما يحضر الحفل الرئيسي 65 ألف شخص إلى حرم الجامعة، وفق "أكسيوس".
مطالبات الطلاب
ونظم الطلاب في الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة مخيمات ومظاهرات بشأن الحرب في غزة، ويطالب العديد منهم بسحب استثمارات جامعاتهم في الشركات التي لها علاقات بإسرائيل.
وذكرت وكالة "رويترز"، أن طلابًا مؤيدون للفلسطينيين نصبوا مخيمات في مزيد من الجامعات في شتى أنحاء الولايات المتحدة، احتجاجًا على الهجوم الإسرائيلي على غزة، رغم وقائع الاعتقال الجماعي في مظاهرات مماثلة في عدد من جامعات الساحل الشرقي، خلال الأيام الماضية.
وألقت السلطات الأمريكية القبض على مئات الطلاب المعتصمين في خيام بجامعات كولومبيا وييل ونيويورك، منذ الجمعة الماضي.
مخيمات الاحتجاج
ومن بين المخيمات الجديدة، نصب طلاب جامعة كاليفورنيا في بيركلي، جامعة اشتهرت بنشاطها الطلابي خلال الستينات، خيامًا للتضامن مع المتظاهرين في الجامعات الأخرى.
وفي كاليفورنيا أيضًا، أغلقت السلطات حرم جامعة كال بولي هومبولت، وهي جامعة عامة في أركاتا، بعد أن سيطر متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين على مبنى في الحرم الجامعي.
ونصب الطلاب مخيمًا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بكامبريدج، وطالبوا من المعهد قطع علاقاته البحثية مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأقام نحو 40 طالبًا متظاهرًا مخيمًا في جامعة ميتشيجان، الاثنين الماضي، وفي حرم جامعة مينيسوتا في سانت بول، أزالت الشرطة أحد المخيمات، بعد أن طلبت منها الجامعة التحرك، مشيرة إلى انتهاكات سياسة الجامعة، وقانون التعدي على ممتلكات الغير.
القبض على 120 طالبًا
وتأتي الاحتجاجات الجديدة، في أعقاب القبض على أكثر من 120 محتجًا في حرم جامعة نيويورك، خلال وقت متأخر من مساء الاثنين، وفق متحدث باسم شرطة مدينة نيويورك، وقالت الشرطة إن سلطات الجامعة طلبت المساعدة، وإن المحتجين لم يتركوا أماكنهم بحلول الموعد النهائي الذي حددته الجامعة.
واعتقل ضباط الشرطة متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في مخيم بحرم جامعة ييل المرموقة، وكان الطلاب المحتجون نصبوا الخيام في بينكي بلازا، الجمعة الماضي، وحثوا جامعة "ييل" على إنهاء أي استثمارات في شركات الأسلحة التي تتعامل مع إسرائيل.
وأُلقي القبض على أكثر من 100 طالب في جامعة كولومبيا، الأسبوع الماضي، وألغت جامعة نيويورك حضور الطلاب، الاثنين الماضي، في محاولة لنزع فتيل التوتر بالحرم الجامعي. وقالت في اليوم التالي إن الدراسة لبقية العام ستكون بالحضور الشخصي أو عبر الإنترنت.
اتساع رقعة الاعتصامات
ومع اتساع رقعة الاعتصامات الاحتجاجية في الجامعات الأمريكية، صرّح كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، لشبكة "إن بي سي نيوز"، إن المكتب ينسق مع حرم الجامعات لتوعيتهم بالتهديدات المعادية للسامية، والعنف المحتمل في ما يتعلق بموجة الاحتجاجات المستمرة ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.
نتنياهو غاضب من المظاهرات
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة مسجلة: "يتعين بذل المزيد للتصدي للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التي انتشرت في الجامعات الأمريكية، فما يحدث في جامعات أمريكية مروع"، واتهم المشاركين فيها بأنهم "غوغاء معادون للسامية".
وأضاف أن هذا "غير معقول، ويتعين وقفه وإدانته على نحو لا لبس فيه، إذ كان رد فعل عدد من رؤساء الجامعات مخزيًا، ولحُسن الحظ، اختلفت استجابة كثيرين من المسؤولين الاتحاديين وعلى مستوى الولايات والمحليات لكن يجب بذل المزيد.. يتعين بذل المزيد".