"بين معادٍ للسامية وداعم لإسرائيل"، تشهد الولايات المتحدة الأمريكية انقسامات كبيرة منذ اندلاع عملية "طوفان الأقصى" 7 أكتوبر الماضي، حتى انتقلت تلك الانقسامات إلى داخل الجامعات. فبعد أن كان الشغل الشاغل للطلاب منصبا على مباريات كرة القدم الأمريكية، فرضت حرب غزة نفسها على أحاديث الطلاب والتى وصلت إلى حد التناحر، حسبما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
توترات غير مسبوقة
قالت كارول كريست، المسؤولة الأولى في جامعة بركلي: "كلما التقيت بمسؤول في الجامعة، هذا ما نتحدث عنه (الحرب في غزة)"، مؤكدة أن التوترات السياسية بين الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس في الحرم الجامعي الأمريكي وصلت إلى درجة لم تشهدها البلاد منذ حرب فيتنام. وقد تم تصعيدها من قبل المانحين والخريجين والمجندين والسياسيين وتضخيمها على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأضافت كريست: "ليس لأن لديك الحق في قول شيء ما يعني أنه من الصواب قوله.. لدينا كل من المؤيدين لإسرائيل اليهود والمناصرين لفلسطين، كل منهما مقتنع بشدة بأنه على حق والآخرين على خطأ، يشعر كل فريق منهم بالألم على سقوط الضحايا والغضب من تعصب كل طرف لرأيه".
الاستقطاب الشديد في الحرم الجامعي يعكس الشعور الأوسع بالحرب في الولايات المتحدة. إذ تظهر استطلاعات الرأي أن الأمريكيين أكثر اهتمامًا بالصراع من الناس في الدول الصناعية الرائدة الأخرى. كما أن الشباب أكثر تعاطفا مع القضية الفلسطينية مع دعم متزايد لوقف إطلاق النار من قبل إسرائيل.
ودعي رؤساء جامعات هارفارد وبنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا للإدلاء بشهادتهم الأسبوع المقبل أمام الكونجرس بشأن المخاوف من معاداة السامية في حرمهم الجامعي.
دعم فلسطين وتأييد إسرائيل
في بركلي مؤخرًا، قام نشطاء بتعليق لافتة طويلة بعلم فلسطين على برج ساثر المعلم في احتجاج غير مصرح به. وفي ستانفورد، تحقق الشرطة في حادثة دهس طالب مسلم. في حين أصيب ثلاثة آخرون بجروح بالرصاص بالقرب من جامعة فيرمونت في برلينجتون الأسبوع الماضي، وفقًا للشرطة، التي تحقق في الحادثة على أنها جريمة كراهية محتملة. حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وانضمت جامعة كولومبيا إلى جامعة برانديز وولاية فلوريدا في حظر الجماعات الطلابية المؤيدة لفلسطين. وقد رفعت دعوى قضائية ضد جامعة نيويورك وبركلي بتهمة الإخفاق في حماية الطلاب اليهود من معاداة السامية، وفتحت وزارة التعليم الأمريكية تحقيقات حول احتمال وجود تمييز ضد خمس جامعات أخرى.
وفي جميع أنحاء الولايات، رفع مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية نحو 1300 شكوى حول الإسلاموفوبيا في الشهر الذي تلت فيه هجمات حركة حماس الفلسطينية على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر.
ورصدت منظمة الدفاع عن اليهود ما يقرب من 1000 حادثة معادية للسامية - 157 منها في الحرم الجامعي وحده - مع تركيز خاص في الولايات الأمريكية الشمالية الشرقية، ولا سيما في جامعات بنسلفانيا وهارفارد وكولومبيا.
تحركات عاجلة
ولحل تلك الأزمة، أعلنت كل من جامعة كولومبيا وجامعة نيويورك مؤخرًا البدء في إنشاء لجان لبناء روابط أكثر إحكامًا بين الطلاب ومعالجة القضايا الحساسة.
أما المبادرة الثانية، تعزيز المزيد من التسامح خارج الفصول الدراسية من خلال تشجيع المجموعات المتنوعة على العيش معًا وتعلم كيفية الانسجام. ويقول أحد كبار الأكاديميين في جامعة ييل، إن نهجها المتمثل في وضع الطلاب الجامعيين في كليات سكنية متنوعة منذ بداية دراستهم، حيث ينامون ويأكلون في مجموعات أصغر "ساعد حقا في نزع فتيل التوترات".