تتصاعد الأصوات المنتقدة لسياسات الإنفاق الحكومي الأمريكي على المساعدات الخارجية، في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات اقتصادية وسياسية، داخلية وخارجية، إذ كشفت استطلاعات رأي حديثة عن تزايد المطالبات بإعادة النظر في هذه السياسات، والتركيز على الاحتياجات المحلية على حساب الشركاء الخارجيين.
أموال دافعي الضرائب
جاءت نتائج استطلاع أجرته شركة "راسموسن للاستطلاعات" لتلقي الضوء على هذا الجدل الدائر، إذ أظهرت أن ما يقرب من نصف الناخبين الأمريكيين يعتقدون أن بلادهم تهدر أموال دافعي الضرائب دون مبرر، من خلال تقديم الدعم لشركائها في الخارج، مثل إسرائيل وأوكرانيا على وجه الخصوص.
ووفقًا للاستطلاع الذي شمل 1126 ناخبًا محتملًا، وأُجريَّ في الفترة من 16 إلى 18 أبريل، قال 57% من المشاركين إن الحكومة الفيدرالية تنفق "الكثير جدًا" على برامج المساعدات الخارجية بشكل عام، معربين عن قلقهم إزاء هذه السياسة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
دعم إسرائيل
تأتي هذه النتائج في أعقاب توقيع الرئيس جو بايدن على حزمة تمويل ضخمة بقيمة 95 مليار دولار، يُقدر أن تذهب نحو 48 مليار دولار منها إلى أوكرانيا على شكل أسلحة ومساعدات عسكرية أخرى لدعم جهودها المستمرة في مواجهة روسيا.
كما ستستخدم وزارة الدفاع 23 مليار دولار أخرى لتعويض مخزوناتها المستنفدة من الأسلحة والمعدات نتيجة المساعدات المقدمة لكييف.
وحتى قبل أن تتخطى هذه الحزمة الإجراءات الروتينية، كان هناك 47% من المستطلع آراؤهم يعتبرونها "كثيرة جدًا"، في حين أراد نحو 20% من واشنطن إنفاق المزيد من الأموال على هذا الصعيد، في استطلاعات سابقة.
أما في ما يتعلق بالمساعدات الأمريكية الموجهة لإسرائيل، والتي تقدر بنحو 14 مليار دولار ضمن الحزمة الجديدة، قال 49% من المستجيبين إن هذا المبلغ المخصص لتل أبيب كان "مناسبًا" أو "غير كافٍ".
وتتماشى هذه النتائج مع استطلاع آخر أجرته شبكة "سي بي إس نيوز" في أوائل أبريل الجاري، أظهر تراجعًا ملحوظًا في الدعم الشعبي لاستمرار إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، إذ لم يعتبر سوى 53% من البالغين الأمريكيين أن على حكومتهم تقديم المساعدات العسكرية لكييف، متراجعًا بشكل كبير عن 72% قبل عامين.
انقسام حول دور الولايات المتحدة
في السياق ذاته، كشف استطلاع الرأي الذي أجرته شبكة "سي بي إس نيوز" عن تباين واضح في مواقف الأمريكيين حيال مسألة تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
ولاحظ الاستطلاع أن الدعم لهذه المساعدات كان الأعلى بنسبة 72% بين الأمريكيين الذين يعتقدون أن الولايات المتحدة لديها "مسؤولية لتعزيز الديمقراطية" في جميع أنحاء العالم، إذ إن هؤلاء يرون أن دعم كييف في حربها ضد روسيا يصب في خانة الدفاع عن القيم الديمقراطية والحريات الأساسية التي تنادي بها واشنطن على الصعيد الدولي.
في المقابل، لم يؤمن سوى 28% من الأمريكيين الذين لا يرون أن بلدهم ملزم بهذا الالتزام الدولي بضرورة تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وهذه الشريحة تنظر إلى الصراع على أنه نزاع إقليمي لا ينبغي للولايات المتحدة التورط فيه، خصوصًا في ظل التحديات الداخلية المتنامية التي تستدعي تركيز الجهود والموارد على المستوى المحلي.
ويعكس هذا الانقسام البارز في الرأي العام الأمريكي الجدل الدائر حول سياسة واشنطن الخارجية ومدى مشروعية استخدام أموال دافعي الضرائب لدعم الأطراف الخارجية، في وقت تعاني فيه البلاد من تحديات اقتصادية واجتماعية ملحة.