بينما أشاد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بالساسة الأمريكيين لموافقتهم على حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا كان قد طال انتظارها، إلا أنه يرى أن الحلفاء الغربيين بحاجة إلى الاعتراف بأن "عصر السلام في أوروبا انتهى"، وأن كييف ستحتاج حتمًا إلى المزيد من المساعدة للقتال.
وفي حديث لصحيفة "الجارديان" البريطانية، علّق "كوليبا" على التصويت النهائي الذي أجراه مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الثلاثاء، قائلًا: "كان اعتقادي أننا سنحصل على نتيجة إيجابية".
وأعرب عن أمله في أن يكشف البيت الأبيض عن حزمة جديدة من الأسلحة "في غضون أيام، وربما ساعات"، حسب قوله؛ مشيرًا إلى أن الأمر "مجرد مسألة لوجستية لتوصيل الإمدادات إلى خط المواجهة".
صواريخ باتريوت
فيما أشار مسؤولون في البنتاجون إلى أن بعض ذخائر المساعدات الأوكرانية تم تخزينها بالفعل في أوروبا، ومن المتوقع أن تكون المدفعية والدفاعات الجوية من بين الأولويات.
كانت أوكرانيا، وفق وزير خارجيتها، حددت سبعة أنظمة دفاع جوي من طراز "باتريوت" يمكنها استخدامها لحماية المدنيين في المدن الكبرى خارج كييف.
وتشير تقارير صحفية إلى أن اليونان وإسبانيا تدرسان إمكانية توريد صواريخ "باتريوت" إلى كييف، في حين تمتلك بولندا ورومانيا هذه البطاريات أيضًا.
وقال "كوليبا" إن النظام الثامن يمكن أن يأتي من الولايات المتحدة: "أعتقد أن الجيش الأمريكي ربما لديه واحدة -وحدة دفاع جوي- احتياطية".
وأضاف أن المفاوضات للحصول على هذه الصواريخ كانت معقدة لأن "الدول التي تشغّل صواريخ باتريوت تتفاوض على التعويض".
لكنه أكد: "ليس لدي أدنى شك، في ضوء التقدم الذي نحرزه، في أن صواريخ باتريوت ستصل".
وأضاف أن مدنًا مثل خاركيف، التي تعرضت للقصف مرارًا وتكرارًا هذا العام وشهدت رحيل السكان في خوف، يمكن أن "تعيش في سلام ويستمر إنتاجها الصناعي"، طالما اعتمد حلفاء أوكرانيا نهجًا أكثر تشددًا لمساعدة البلاد.
المساعدات الأمريكية
بينما ناقش الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي المساعدات العسكرية مع نظيره الأمريكي جو بايدن الاثنين الماضي، قال كوليبا إنه يتعين على حلفاء أوكرانيا التحول من "التعبير عن التعازي والتعاطف مع الأوكرانيين والوعد بالمساعدة في التعافي، إلى منع الخسائر في الأرواح وتدمير البلاد".
وقال إن استعادة المساعدات العسكرية الأمريكية، التي عطّلها الجمهوريون المتحالفون مع دونالد ترامب لعدة أشهر، لن تكون كافية لهزيمة روسيا.
وقال: "لا يمكن لحزمة واحدة أن توقف الروس. ما سيوقف الروس هو جبهة موحدة تضم كل أوكرانيا وجميع شركائها".
وأكد "كوليبا" أن الغرب يحتاج إلى زيادة إنتاج الأسلحة، كما فعلت أوكرانيا، لأن روسيا تفوقت عليه. حيث تتفوق روسيا في قصفها على أوكرانيا بنسبة 10 إلى 1، في حين تعاني أوكرانيا من نقص الدفاعات الجوية.
وقال: "عندما أرى ما حققته روسيا في بناء قاعدة صناعية دفاعية خلال عامين من الحرب وما حققه الغرب، أعتقد أن هناك خطأ ما من جانب الغرب".
وشدد: "على الغرب أن يدرك أن عصر السلام في أوروبا انتهى".
وقال وزير الخارجية إن ذروة الإنتاج الصناعي العسكري من جانب حلفاء أوكرانيا ليس من المتوقع حتى أواخر عام 2024، ما يشير إلى أن كييف تتوقع أن تستمر الحرب حتى العام المقبل.
ومن المتوقع أن تشن روسيا هجومًا صيفيًا، ويُعتقد أنها بصدد حشد 100 ألف جندي إضافي للقتال.
صيغة للسلام
في حواره مع الصحيفة البريطانية، اعترف وزير الخارجية الأوكراني أن كييف قامت بأشياء كثيرة منذ عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم "لدرجة أننا، دون مبالغة، مستعدون لأي شيء"، حسب قوله.
وقال إنه كانت هناك "200 جولة من المناقشات" مع الكرملين بين عامي 2014 و2022، عندما بدأت روسيا عمليتها العسكرية الشاملة في الأراضي الأوكرانية.
لذا، يعتقد كوليبا أن بعض المراقبين يؤيدون السلام "بدافع السذاجة"، بينما كان آخرون "يلعبون لصالح بوتين"؛ فيما هناك فئة ثالثة "لم تفهم روسيا ولا رئيسها".
وقال: "كانوا مقتنعين، خطأً، بضرورة التفاوض مع الشيطان".
لذلك أعرب عن وجهة نظره بأن الرئيس الروسي "لن يشارك في محادثات هادفة إلا عندما يكون وضعه العسكري على وشك الانهيار".
وللوصول إلى هذه النقطة، كان على أوكرانيا أن تتبع استراتيجية ذات شقين "النجاح في ساحة المعركة"، وتحالف من الدول لدعم "صيغة زيلينسكي للسلام"، والمتمثلة في الانسحاب الروسي، والتعويضات، ومحكمة جرائم الحرب.