رغم صراعهما على شغل البيت الأبيض مرة أخرى، يشترك الرئيسان (الحالي والسابق) والمرشحان الأكثر قربًا من انتخابات نوفمبر المقبل، جو بايدن ودونالد ترامب، في شيء آخر بخلاف الشيخوخة؛ حيث يتجنب كلاهما الأسئلة الصعبة التي يوجهها إليهما الصحفيون.
أيضًا، يحب كلاهما الحديث مع "المتملقين والمؤيدين والصحفيين المتعاطفين"، أو ما يراه الرئيس أو فريقه "مساحة آمنة للحديث"، حسبما ذكر تقرير لـ"أكسيوس".
فخلال السنوات الثلاث التي قضاها في منصبه، رفض بايدن إجراء مقابلة واحدة مع مراسلي البيت الأبيض لصحف "نيويورك تايمز" أو "واشنطن بوست" أو "وول ستريت جورنال".
مع هذا، جلس الرئيس الديمقراطي مرتين مع الممثل الكوميدي جيسون بيتمان، حيث كان ضيفه في بودكاست "SmartLess".
كما عُرف عن ترامب أنه ضيف متجدد الحضور على قناة "فوكس نيوز".
وحسب الصحفي مايك ألين، بالنسبة لترامب، فالأمر يتعلق -في الغالب- بالشعور بالمرارة والازدراء تجاه وسائل الإعلام.
أمّا بالنسبة لبايدن، فيخشى فريقه من أن يخرج الرئيس عن النص، أو يقدم إجابة تزيد من المخاوف بشأن عمره.
لكن، حتى مع زلات الرئيس على الهواء، دومًا ما يرد أندرو بيتس، المتحدث باسم البيت الأبيض، على هذه المخاوف بأنها "غير صحيحة".
مساحات آمنة
خلال رئاسته واستعداده لخوض جولة انتخابية أخرى، تضمنت لقاءات بايدن الحديث عن الديمقراطية مع المؤرخة هيذر كوكس ريتشاردسون، والظهور كضيف بودكاست مراسل "سي إن إن" أندرسون كوبر، لكن في حديث كان حول "مواجهة الحزن".
أمّا من أجل ما وصف بأنه "محادثات جادة"، فقد جلس بايدن العام الماضي مع فريد زكريا من شبكة "سي إن إن"، وسكوت بيلي من برنامج "60 دقيقة".
وخلال تصريحاته، أشار بيتس، المسؤول الإعلامي في البيت الأبيض، إلى أن الرئيس بايدن "يجوب البلاد بمعدل يتجاوز في كثير من الأحيان جداول سفر أسلافه، ويتحدث إلى الشعب الأمريكي عن حياتهم والقضايا التي تهمهم أكثر".
وأكد "بيتس" أن "كل ما سبق من اتصالات واستراتيجية رقمية، تسلط الضوء على كيفية كفاحه -الرئيس- من أجل العائلات الأمريكية وقيمها".
أمّا ترامب، فقد عاد ليثير الجدل، عندما استقبل الشهر الماضي، حليفه نايجل فاراج، مؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في منتجعه "مارالاجو" لإجراء مقابلة مع قناة "جي بي نيوز" البريطانية ذات الميول اليمينية، التي تصف نفسها بأنها "قناة أخبار الشعب".
ومع ما عُرف عن ترامب أنه ضيف متجدد الحضور على قناة "فوكس نيوز"، لكنه هذا العام أجرى مقابلة هاتفية مع برنامج "Squawk Box" على قناة CNBC في مارس الماضي، ومقابلة مع Spectrum News 1 في وسكنسون.
ونقلت "أكسيوس" عن جيسون ميلر، أحد كبار مستشاري ترامب، رؤيته بأن الرئيس السابق "أكثر سهولة بالنسبة للصحافة والشعب الأمريكي".
رؤساء وصحفيون
حسب مارثا جوينت كومار، الأستاذة الفخرية في جامعة توسون بولاية ماريلاند، التي قامت بحصر كل حوار أجراه رؤساء الولايات المتحدة مع الصحفيين منذ عهد رونالد ريجان، فإن كل رئيس أمريكي كان يريد أن يذهب إلى حيث يوجد القراء والمشاهدون.
بالنسبة لريجان، كان ذلك يعني إجراء محادثات منتظمة مع هيو سايدي من مجلة "تايم".
لكن أيضًا، خلال الفترة الأولى من رئاسته، أجرى ريجان 15 مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" فقط، بما في ذلك ستة مقابلات مع مراسل البيت الأبيض لو كانون.
وكتب ريجان في مذكراته بعد مقابلة في المكتب البيضاوي عام 1984 مع الصحفيين لو كانون، وديفيد هوفمان، وكاتب العمود خوان ويليامز: "3 صحفيين عادة ما يطردونني من تفكيري. كانت الأسئلة على ما يرام، لكني لست متأكدًا من مدى صدقهم في التعامل مع الأمر (الإجابات)".
وبدءًا من جون كنيدي، جلس كل الرؤساء الأمريكيين، تقريبًا، لإجراء مقابلة مع صحفي في غرفة الأخبار في صحيفة "نيويورك تايمز".
ويعود تاريخ هذا التقليد إلى الرئيس فرانكلين روزفلت، الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة في الفترة من 1933 إلى 1945.
كان الاستثناء الوحيد هو دوايت أيزنهاور، الذي رأس أمريكا في الفترة من 1953 وحتى 1961، الذي كان يفضل التحدث إلى المراسلين في مجموعات، بدلًا من المقابلات الفردية.
وأشارت تحليلات "كومار" إلى أن وتيرة المقابلات التي أجراها بايدن تزايدت هذا العام، حيث يسعى إلى إعادة انتخابه.
وقد أحصت 117 مقابلة منذ تنصيبه حتى 16-29 أبريل مع وسائل الإعلام السوداء واللاتينية.
وعلى النقيض من ذلك، أجرى ترامب 326 مقابلة خلال الفترة المماثلة من رئاسته.
كما أجرى بايدن مقابلة مطبوعة واحدة فقط هذا العام، كانت مع إيفان أوسنوس من صحيفة "نيويوركر".
وفي حين أن بايدن لم يجر العديد من المقابلات مع الصحفيين -مثل بعض أسلافه- فقد أجرى 568 تبادلًا قصيرًا للأسئلة والأجوبة، حيث أجاب على سؤال واحد أو أكثر.