في وقت يشتعل فيه الخلاف بين الحكومة الفيدرالية والولايات الحدودية بشأن قوانين تنظيم الهجرة، يبرز المراهقون الأمريكيون في عالم تهريب المهاجرين بشكل غير قانوني إلى الولايات المتحدة.
وبمعدلات مثيرة للقلق، تتزايد حالات القبض على المراهقين الأمريكيين بتهمة تهريب البشر بشكل غير قانوني إلى البلاد.
تُعرّف الحكومة الأمريكية تهريب البشر باعتباره الجلب غير القانوني للأفراد، إلى المقاطعات أو الولايات، عن طريق التهرب من قوانين الهجرة الفيدرالية، فضلاً عن النقل غير القانوني وإيواء غير المواطنين من الموجودين بالفعل بشكل غير قانوني في البلاد.
وتعمل إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، باعتبارها وكالة إنفاذ القانون الرائدة في مكافحة هذا التهديد، الذي يوصف بأنه بوابة للجرائم الجنائية وسرقة الهوية وتزييف المستندات وتسهيل أنشطة العصابات والاحتيال المالي وجرائم الإرهاب.
وتشمل بعض الأساليب التي تستخدمها إدارة الهجرة والجمارك استهداف القائمين على تجنيد ومنظمي التهريب والتحقيق معهم، وبائعي وميسري المستندات الاحتيالية، والمسؤولين الفاسدين، والميسرين الماليين، والبنى التحتية للنقل والتوظيف التي تستفيد من تهريب البشر.
عبر الحدود
وفق المحققين الأمريكيين، تأخذ العصابات مبلغًا يصل إلى 10 آلاف دولار من المهاجرين، الذين يُمنحون بعد ذلك ثلاث فرص لعبور الحدود.
وتدير العصابات طريق التهريب بأكمله مقابل رسوم تتراوح بين 6000 دولار و8000 دولار إذا كان المهاجر من المكسيك.
وإذا نجح المهاجرون في النهاية في العبور دون أن يتم القبض عليهم، فإنهم يلتقون بالسائقين العاملين مع العصابات في الولايات المتحدة، والذين ينقلونهم إلى مواقع محددة مسبقًا.
ويتم دفع جزء من المبلغ مقدمًا، ثم يتعين على المهاجرين غير الشرعيين -الذين نجحوا- سداد بقية الديون أثناء وجودهم في الولايات المتحدة.
ويعتقد المسؤولون أن العصابات استهدفت القاصرين الأمريكيين ليكونوا مهربين عبر الحدود لأنهم أصغر من أن تتم محاكمتهم بشكل كامل على جرائمهم في بعض الولايات الحدودية.
ويتم استقطاب المراهقين والشباب من العصابات عن طريق إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي على تطبيقات مثل "سناب شات"، بسبب التشفير وسهولة مشاركة المراهقين بسهولة.
ووفق مجلة "نيوزويك" فإن من يقومون بتجنيد هؤلاء ينشرون صورًا مع مبالغ نقدية، ويطلقون على الأمر "المال السهل" للقيادة إلى نقاط التفتيش في المدن الحدودية.
وفي جنوب أريزونا، تنشر العصابات إعلانات عبر جميع أشكال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث يبحثون عن أفراد للمشاركة في أنشطة تهريب البشر مثل توفير وسائل النقل، وبدرجة أقل، الإعلان عن بيع مخدرات غير قانونية.
عملية "لون ستار"
من خلال إدارة السلامة العامة (DPS)، احتفظت ولاية تكساس، ببيانات حول التهريب غير القانوني ونقل وإيواء المهاجرين غير الشرعيين كجزء من برنامج "عملية لون ستار (OLS)" التي بدأت في مارس 2021.
وفي الشهر الماضي، أعلن مكتب حاكم ولاية تكساس، جريج أبوت، أن العملية أدت إلى اعتقال أكثر من 503800 مهاجر غير شرعي، وأكثر من 40400 اعتقال جنائي، مع توجيه أكثر من 36100 تهمة جنائية.
تُظهر بيانات إدارة السلامة العامة في الولاية، التي تم تحديثها في يناير الماضي، المئات من الاعتقالات والتهم المرتبطة بتهريب البشر.
وأوضحت البيانات التي نشرتها "نيوزويك" أن عمر الجناة المشتبه بهم الذين يديرون سلسلة التهريب، يتراوح بين مواليد أوائل الستينيات، وحتى عام 2008.
وفيما يتعلق باستقدام وإيواء غير المواطنين، تتراوح أعمار مرتكبي الجرائم من 18 إلى 66 عامًا.
وسواء في المكسيك أو الولايات المتحدة، هناك الكثير من أعضاء العصابات المراهقين الذين تستغلهم العصابات بشكل مباشر في أنشطة إجرامية؛ حسب تصريح للسيناتور الأمريكي تيد كروز، أصغر عضو في مجلس الشيوخ من ولاية تكساس.
وفي نوفمبر الماضي، ألقي القبض على مراهقين من "دالاس" بتهمة التهريب، بعد أن تلقى أحدهم 1300 دولار مقابل نقل مهاجرين غير شرعيين.
وبعد شهر واحد، في "إل باسو"، تم احتجاز مراهق يبلغ من العمر 15 عامًا، وجهت إليه تهمة التهريب والتهرب من الاعتقال بمركبة كانت تنقل خمسة مهاجرين تم إطلاق سراحهم لاحقًا إلى دورية الحدود، وفقًا لشبكة NBC.
ووفق مكتب مأمور "إل باسو" فقد شهدت حالة تهريب واحدة فقط تتعلق بقاصر، كانت في عام 2020، وكان المال هو الدافع الرئيسي.
الشوارع غير الآمنة
عُرفت مقاطعة "كوتشيس"، في جنوب شرق ولاية أريزونا، تقليديًا بأنها معقل لتهريب البشر، نظرًا لقربها من الحدود.
وفي الشهر الماضي، تم القبض على ثلاثة مراهقين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 و18 عامًا في مقاطعة "كوتشيس" لتهريب المهاجرين، وفقًا للقناة الإخبارية 12.
وقد أظهرت البيانات، حتى نوفمبر الماضي، 33 قضية بسبب جرائم متعلقة بالحدود، منها 20 تم اتهام بالغين فيها، و13 مراهقًا. حيث تتراوح أعمار المتهمين بين 14 و77 عامًا.
وحسب مكتب المدعي العام للمقاطعة، فقد قل عدد القضايا عن عام 2022، حيث تم الدفع بـ 49 قضية، اتُهم فيها 38 بالغًا و11 مراهقًا.
مع هذا، تشهد المقاطعة ارتفاعًا كبيرًا في عدد الشباب والمراهقين الذين يتم تجنيدهم من قبل العصابات لنقل المهاجرين، مقابل ما يصل إلى 3000 دولار للفرد.
وألقت السلطات القبض على مئات الأمريكيين -بعضهم يبلغ من العمر 13 عامًا- خلف عجلات سيارات محملة بالمهاجرين منذ أكتوبر 2021، حسب صحيفة "نيويورك بوست".
وحسب مكتب مأمور المقاطعة، يأتي الناس من جميع أنحاء الولايات المتحدة للعمل في التهريب، حيث ألقي القبض على أشخاص من من جورجيا ونيويورك وولاية واشنطن وفيرجينيا وفلوريدا وكاليفورنيا.
لمكافحة المشكلة، أطلقت سلطات إنفاذ القانون في ولاية أريزونا، في مارس 2022، فريق عمل متعدد الوكالات لاتخاذ إجراءات صارمة ضد تهريب البشر، تحت اسم "عملية الشوارع الآمنة".
وكانت إحدى المبادرات الأولى للقوة هي النجاح في إقرار قانون الاتجار بالبشر بالولاية، مما سمح بمحاكمة الأحداث بشكل أسهل على جرائم التهريب.