في ظل التصريحات الأمريكية والأوربية الرسمية حول تعمد إيران عدم الإضرار كثيرًا بإسرائيل خلال الغارة الجوية الإيرانية التي شنتها ليل السبت الماضي، تواصل تل أبيب دراسة خيارات الرد وسط دعوات من الحلفاء الأوروبيين بضبط النفس لمنع انتشار الصراع في جميع أنحاء المنطقة.
الدبلوماسية والإقناع
وحول الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي بعد الضربات غير المسبوقة التي نفذتها إيران على إسرائيل، قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجي جوزيب بوريل في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لوموند" الفرنسية: "إن الاتحاد الأوروبي لا يملك سوى القوة الدبلوماسية، وقوة قناعته".
وأضاف "بوريل"، أنه "من الواضح أن بعض الدول الأعضاء تتمتع بنفوذ أكبر على إسرائيل من غيرها، وأبرزها ألمانيا، التي تتمتع بعلاقات ممتازة مع الإسرائيليين. ويمكن للأمريكيين أن يستخدموا موارد أخرى إذا أرادوا ذلك، لا سيما من خلال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل".
ورأى الرئيس السابق للدبلوماسية الإسبانية، "أنه في الماضي، اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل قرارات ملزمة لإسرائيل، لكن اليوم لا أعتقد أنهم يريدون استخدام تلك القرارات التي لديهم".
تعمد عدم الإضرار
وأضاف "تم إخطارنا قبل عدة أيام وبعد الهجوم، وأخبرني وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأنهم استهدفوا المنشآت العسكرية فقط"، موضحًا "أن ذلك كان ردًا تحت السيطرة، وعندما نريد إحداث ضرر لا نرسل طائرات بدون طيار تستغرق ست ساعات للوصول إلى هدفها".
واعتبر أن "هذا لا يبرئ أو يخفف بأي حال من الأحوال من الهجوم، الذي يعد الأول من نوعه على إسرائيل، لكن حقيقة إمكانية إسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار كانت جزءًا من الاستراتيجية".
تجنب التصعيد
وفسّر "بوريل" مثل هذه التكتيكات إلى أنها ترجع لحقيقة أنه لا إيران ولا "حزب الله" اللبناني "مستعدان للحرب" في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن الهدف السياسي للاتحاد الأوروبي هو تجنب التصعيد".
ولفت إلى أنه "يجب أن نأخذ في الاعتبار الصدمة التي أحدثتها هجمات 7 أكتوبر 2023، والإخفاقات الأمنية على الرأي العام الإسرائيلي، لكننا نحذر إسرائيل أن من مصلحة الجميع ألا تكون هناك مواجهة إقليمية".
ضغوط أمريكية
وأكد مجلس الأمن القومي الإيراني أن "عملية الوعد الصادق استهدفنا من خلالها مواقع عسكرية إسرائيلية في الهجوم ولا توجد عمليات أخرى على أجندتنا، وأنه تم اتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات العقابية وتجنبنا استهداف منشآت اقتصادية وبنى تحتية".
وقال مسؤولون أمريكيون: "إن الرئيس الأمريكي جو بايدن وموظفيه يأملون في تجنب تصعيد آخر سيؤدي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط، ويؤكدون لإسرائيل أن دفاعها الليلة يعد انتصارًا استراتيجيًا كبيرًا، قد لا يتطلب جولة أخرى من الرد"، وفق صحيفة "التايمز" الأمريكية.
دراسة الرد
واجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر على خلفية الضغوط الأمريكية على إسرائيل لعدم مهاجمة إيران، ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن الرد الإسرائيلي لن يأتي على الفور.
وذكرت تقارير إعلامية أمريكية عن مسؤولين إسرائيليين أن إسرائيل عازمة على الرد لكن لم يتقرر بعد نطاقه وتوقيته، فيما أكدت أن اجتماع مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي انتهى دون اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد على الهجوم الإيراني.
أضرار طفيفة
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيال هجاري: "إن 99٪ من أصل 300 قذيفة أو نحو ذلك أطلقتها إيران على إسرائيل خلال الليل اعترضتها الدفاعات الجوية، وأن هذا إنجاز استراتيجي مهم للغاية"، وفق "تايمز أوف إسرائيل".
وأضاف "هاجاري"، "أن إيران أطلقت 120 صاروخًا بالستيًا على إسرائيل، وتم إسقاط العديد منها بواسطة نظام الدفاع الجوي بعيد المدى، لكن بعض الصواريخ تمكنت من تجاوز الدفاعات الإسرائيلية، وضربت قاعدة نيفاتيم الجوية في جنوب إسرائيل، ولحقت أضرار طفيفة بالبنية التحتية، لكن القاعدة الجوية كانت تعمل كالمعتاد".
وأردف قائلًا: "ظنت إيران أنها ستكون قادرة على شل القاعدة وبالتالي الإضرار بقدراتنا الجوية، لكنها فشلت، وتستمر طائرات سلاح الجو في الإقلاع والهبوط من القاعدة والمغادرة للقيام بمهام هجومية ودفاعية، بما في ذلك طائرات أدير (F-35) التي تعود الآن من مهمة دفاعية للقاعدة وقريبًا سترونها تهبط".