على الرغم من المحاولات المكثفة بين الجانبين الصيني والأمريكي لتعزيز العلاقات الثنائية بينهما وإنهاء حالة الاحتقان الشديدة بين البلدين، إلا أن الحرب التجارية بين البلدين تحول دون تحقيق الاستقرار في العلاقات، إذ اتهمت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، خلال زيارتها التي استمرت 5 أيام إلى بكين، إنتاج الصين المزدهر للسيارات الكهربائية وغيرها من التقنيات الخضراء، بأنها نقطة اشتعال في معركة تجارية جديدة بين بكين وواشنطن.
وفي السنوات الماضية، عزّزت الصين بشكل كبير إنتاجها من السيارات الكهربائية والألواح الشمسية والبطاريات الرخيصة، تمامًا كما دفعت إدارة بايدن من خلال تشريعات تدعم العديد من هذه الصناعات نفسها في الولايات المتحدة. وتتزايد المخاوف ليس فقط في الولايات المتحدة، بل أيضًا في أوروبا والمكسيك، من أن تسعى الصين إلى تعزيز اقتصادها المتعثر من خلال موجة من الصادرات التي يمكن أن تقوض المصانع في الخارج، حسبما ذكر موقع "أكسيوس" الأمريكي.
وقال تقرير، لاحظته مجموعة تجارية أمريكية، إن صناعة السيارات في الصين تشكل "تهديدًا وجوديًا" لشركات صناعة السيارات الأمريكية.
التهديد القادم من الصين
بعد أكثر من عقد من دعم صانعي السيارات، بَنَت الصين صناعة سيارات كبيرة تمثل 60% من مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا، وفقًا للوكالة الدولية للطاقة في باريس.
ومع ذلك، وفقًا لبعض التقديرات، تنتج الشركات الصينية ما يصل إلى 10 ملايين سيارة كهربائية سنويًا أكثر مما يمكنها بيعه محليًا، حسبما ذكرت وسائل إعلام أمريكية.
وأكدت "أسوشيتد برس"، أن هذا يدفعهم لبيع المزيد من السيارات في الخارج.
وقال إسوار براساد، الاقتصادي في جامعة كورنيل: "القلق هو أن الصينيين يبنون الكثير من القدرات في العديد من الصناعات على نطاق واسع، بما في ذلك قطاعات التكنولوجيا الجديدة، وإذا لم يزد الطلب المحلي، فسوف يبحثون عن أسواق خارج البلاد".
نزاع مختلف
ذكرت "أسوشيتد برس"، أن المسؤولين الأمريكيين يقولون إنهم "رأوا هذا الفيلم من قبل".
وفي تصريحات أول أمس السبت في قوانجتشو، أبرزت يلين مخاوف إدارة بايدن من خلال تذكيرها بزيارة قامت بها قبل أسبوع إلى "سونيفا"، وهي شركة تصنيع خلايا شمسية في نوركروس، جورجيا. وكانت الشركة "مضطرة في السابق للإغلاق، مثل شركات أخرى في عدد من الصناعات، لأنها لم تستطع المنافسة ضد كميات كبيرة من البضائع التي كانت الصين تصدرها بأسعار متدنية بشكل مصطنع".
أما الصين فهي الآن أكبر منتج للخلايا الشمسية في العالم. جدير بالذكر أغلقت سونيفا في عام 2017، لكنها تعيد بدء الإنتاج بمساعدة الإعانات من قانون خفض التضخم الذي أقرته إدارة بايدن.
وارتفعت واردات الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة بشكل كبير قبل نحو عقد من الزمان، بعد أن دعمت الحكومة الصينية زيادة الإنتاج بعد الأزمة المالية العالمية 2008-2009. وقد تم فرض رسوم جمركية على هذه الواردات في عام 2017 خلال إدارة ترامب. وقد أبقى بايدن على الرسوم.
قال براد سيتسر، زميل أول في مجلس العلاقات الخارجية ومسؤول سابق في وزارة الخزانة في إدارة أوباما: "ما هو جديد هو أن المخاوف بشأن الطاقة الإنتاجية الزائدة في بعض القطاعات الرائدة أصبحت حادة. من الواضح أن الصين بَنَت كمية جنونية من القدرة على إنتاج الخلايا الشمسية، وكميات كبيرة مماثلة من إنتاج البطاريات. والآن بدأت في تصدير السيارات".
هل تدعم واشنطن هذه الصناعات؟
بحسب الوكالة الأمريكية، فإن الإجابة "نعم"، حيث دفعت إدارة بايدن عدد من التشريعات التي قدمت دعمًا ماليًا لمنتجي الطاقة النظيفة والرقائق الإلكترونية. حتى إن الصين قدمت شكوى أمام منظمة التجارة العالمية تتهم بعض إعانات بايدن لشراء السيارات الكهربائية بأنها تنتهك قواعد التجارة.
لكن تقريرًا في عام 2022 من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وجد أن الإعانات الصناعية الصينية في عام 2019 كانت ضعف، من حيث الدولارات، حجم الدعم الأمريكي.
وأضاف كل من براساد وسيتسر أن الصين تدعم إنتاج السلع، ولكنها تفعّل القليل لتحفيز الاستهلاك من قِبل مواطنيها.