استحوذت محاكمة وزير الاقتصاد الكازاخستاني السابق كانديك بيشيمبايف، المتهم بضرب زوجته حتى الموت، على اهتمام الرأي العام، إذ يرى البعض أنها اختبار حقيقي لوعد الرئيس قاسم جومارت توكاييف ببناء حكومة أكثر عدلًا، وفقًا لـ"رويترز".
القضية تشغل الكازاخيين
ويتابع الكازاخيون المحاكمة عن كثب، حيث يتم بثها عبر الإنترنت، بسبب ازدياد العنف المنزلي، والعنف ضد المرأة بشكل عام، واللذان كانا بالفعل من القضايا الساخنة قبل جريمة القتل، إذ تُظهر البيانات الحكومية أن واحدة من كل ست نساء كازاخستانيات تعرضت للعنف من قِبل شريكها الذكر.
لقطات صادمة
وأظهرت لقطات صادمة تم عرضها في قاعة المحكمة هذا الأسبوع، كوانديك بيشيمباييف، وزير الاقتصاد السابق، وهو يركل ويضرب بشكل متكرر امرأة شابة نحيلة ترتدي معطفًا وحذاءً فقط، ويسحبها من شعرها.
وعُثر على المرأة، "سلطانات نوكينوفا"، البالغة من العمر 31 عامًا، ميتة في نوفمبر الماضي في مطعم يملكه أحد أقارب زوجها، حيث قضى الزوجان يومًا كاملاً تقريبًا، وكانت فاقدة للوعي لساعات.
ووفقًا لتقرير الطبيب الشرعي، فإن "نوكينوفا" توفيت متأثرة بصدمة في الدماغ، وكانت إحدى عظام أنفها مكسورة وكانت هناك كدمات متعددة على وجهها ورأسها وذراعيها ويديها.
ويواجه بيشيمباييف (43 عامًا) اتهامات بالتعذيب والقتل باستخدام العنف الشديد، ويواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 20 عامًا، وقد دفع بأنه غير مذنب وجادل في المحكمة بأن نوكينوفا توفيت متأثرة بجراحها.
النخبة الثرية
وينظر العديد من الكازاخيين إلى بيشيمباييف باعتباره عضوًا نموذجيًا في النخبة الحاكمة الثرية في البلاد، ويخشون أنه حتى لو ثبتت إدانته، فقد يفلت بطريقة أو بأخرى من العقوبة المناسبة، كما كان الحال مع إدانته السابقة.
وألقي القبض على بيشيمباييف في عام 2017 بتهم الرشوة وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، لكنه خرج حرًا بعد أقل من ثلاث سنوات خلف القضبان بفضل العفو والإفراج المشروط.
وشهدت كازاخستان، الدولة الغنية بالنفط التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، العديد من الأمثلة الأخرى لأفراد من النخبة يفلتون من جرائم مختلفة، وهو الاتجاه الذي أدى إلى تغذية عدم ثقة الجمهور في النظام القانوني، وفق "رويترز".
قضية تحت السيطرة
ووسط الغضب الشعبي إزاء الموت الوحشي لـ"نوكينوفا"، دعا الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف علنًا وزارة الداخلية إلى وضع القضية تحت "سيطرتها الخاصة"، وفق إذاعة أوروبا الحرة.
وشغل "بيشيمبايف" منصب وزير الاقتصاد في الفترة من مايو 2016 إلى أواخر ديسمبر من العام نفسه، وقبل ذلك، شغل مناصب إدارية مختلفة في الجهات الحكومية.
في عام 2018، واجه بيشيمبايف و22 آخرين محاكمة فساد رفيعة المستوى انتهت بإدانة بيشيمبايف بتهم الرشوة والاختلاس أثناء قيادته لشركة قابضة تسيطر عليها الدولة.
إطلاق سراح
وحكمت عليه محكمة في أستانا بالسجن لمدة 10 سنوات، لكن بيشيمبايف، الذي ينحدر من عائلة مؤثرة، حصل على إطلاق سراح مبكر من خلال عفو جماعي أصدرته الحكومة. بعد ما قضى 18 شهرًا فقط من ولايته.
وقالت وزارة الداخلية في وقت سابق إن أكثر من 100 ألف حالة عنف أسري يتم تسجيلها رسميًا كل عام، على الرغم من أن عدد الحالات غير المسجلة، كما يقول المحللون، من المرجح أن يكون أكبر بكثير.
وحثت منظمات حقوق الإنسان الدولية المسؤولين في كازاخستان على الحد من انتشار العنف المنزلي منذ سنوات، ووفقًا لخبراء الأمم المتحدة، تموت نحو 400 امرأة في كازاخستان نتيجة للعنف المنزلي كل عام.
إلغاء برنامج حواري
وفي الشهر الماضي، ألغى التلفزيون الحكومي برنامجًا حواريًا بعد أن أثار مقدموه غضبًا شعبيًا من خلال دعوة زوج امرأة إلى الاستوديو الخاص به، كانت قد تركته أخيرًا بعد أن عانت من الضرب لسنوات وأصيبت بكسر في ذراعها.
وحاولت المضيفة إقناع المرأة الباكية بالتصالح مع زوجها، وهو النهج الذي انتقده الناشطون الحقوقيون الذين يحاولون مكافحة وجهات النظر التقليدية المتحيزة جنسيًا تجاه المرأة.
في عام 2017، ألغت كازاخستان تجريم العنف المنزلي، ما جعله يعاقب عليه بشكل أساسي بالغرامات، وهي خطوة يقول النقاد إنها تثني النساء من الأسر ذات الدخل المنخفض عن الإبلاغ عنها.
وتقول زولفيا بايساكوفا، رئيسة اتحاد مراكز الأزمات، وهي منظمة غير حكومية: "إن جعل العنف المنزلي جريمة جنائية هو ما كنا نروّج له منذ سنوات عديدة".