أصبح الطفل الفلسطيني زكريا سرسك، واحدًا من الأطفال الأبطال الذين لم يستسلموا لأهوال الحرب، وقرر رغم سنه الذي لم يتجاوز الـ12 عامًا، المشاركة في عمل خطير يمكن في أي لحظة أن يكلفه حياته، بسبب القصف الوحشي الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي لقتل كل معاني الحياة في غزة، إلا إن سرسك واجه تلك المخاوف، وترك اللعب مع أقرانه والمكوث بجوار أسرته من أجل إنقاذ حياة الفلسطينيين.
مسعف متطوع
وفي حواره مع شبكة "ABC News" الأمريكية، أكد سرسك أن المذبحة التي يشهدها يوميًا تجعله يشتاق لحياته قبل 7 أكتوبر 2023، عندما ردت إسرائيل بإطلاق وابل من الهجمات الصاروخية وحملة برية أودت بحياة أكثر من 32 ألف فلسطيني، بينهم ما لا يقل عن 13 ألف طفل فلسطيني، مع إصابة أكثر من 74 ألف شخص جرّاء الهجمات.
واضطر زكريا هو وعائلته إلى الفرار عندما ظهرت دبابة إسرائيلية خارج منزلهم، إذ وجدوا مأوى في مستشفى الأقصى، إلا أنه عندما داهمت قوات الاحتلال المستشفى في يناير الماضي، انفصل عن عائلته المكونة من 4 أشقاء غيره بجانب والدته ووالده، وأصبحوا يقيمون في مخيمات اللاجئين في مدينة رفح الفلسطينية، بينما يقوم هو بمساعدة الأطباء والمسعفين بصفته مسعفًا متطوعًا.
الخوف والألم
بدأ الطفل الفلسطيني طريقه في تلك المهنة الشاقة، بحسب الشبكة الأمريكية عندما تعرف إلى الأطباء والمسعفين الذين رحبوا به، إذ يقوم بالاستجابة لنداءات القصف المتواصلة، والذهاب رفقة المسعفين إلى مكان الحادث، ويصطحبون الجرحى أو الشهداء إلى المستشفى، ثم يعودون مرة أخرى للمكان لتكرار نفس الأمر، مشيرًا إلى أنه يشعر بالخوف والألم عندما يرى الشهداء في الشوارع.
ومن ضمن مهام زكريا الفلسطيني، إعادة تزويد سيارات الإسعاف بالإمدادات اللازمة للطوارئ، ويقوم بالدخول إلى مدخل الطوارئ في مستشفى الأقصى بدير البلح، مرتديًا قفازات طبية، ثم يعود مرة أخرى إلى سيارة الإسعاف وبحوزته الضمادات والعصابات وأشياء أخرى لاستخدامها في الميدان، وعند ورود مكالمات بأي هجوم يقفز إلى المقعد الأمامي، ويساعد المسعفين في عمليات الإخلاء المستمرة.
الحياة بعد الحرب
كانت آخر مرة رأى فيها سرسك أسرته أواخر مارس الماضي عندما زار رفح، وقضى معهم يومًا واحدًا فقط، قبل أن يعود بحسب الشبكة الأمريكية إلى دير البلح لمواصلة عمله كمسعف متطوع، مشيرًا إلى أنه على الرغم من أنه كان بإمكانه البقاء مع عائلته، إلا إنه يعتقد أن عمله كمسعف متطوع مهم للغاية بحيث لا يمكن التخلي عنه.
وأكد زكريا أن أكثر ما يشعره بالضيق هو وفاة اثنين من أصدقائه، مشيرًا إلى أن أكثر ما يفقده في حياته القديمة هي المدرسة والتعليم، وعلى الرغم من مشاهدته لأهوال الصراع عن قرب، إلا إنه لا يزال متمسكًا بأحلامه في الحياة بعد الحرب، والمتمثلة في أن يعيش مثل أطفال العالم في سلام وحرية، موجهًا نداءً إلى العالم:" نريد هدنة.. نريد أن تنتهي الحرب".