وصل الخداع العسكري في الحرب الروسية الأوكرانية إلى آفاق جديدة، إذ تلصق أوكرانيا صورًا عملاقة لبقايا الطائرات المنفجرة على أغطية فوق قواعدها الجوية لخداع الطيارين الروس العابرين، وجعلهم يعتقدون أنه قد تم تدميرهم بالفعل، في محاولة لإهدار الذخيرة الروسية التي تتخطى أعدادها أضعاف نظيرتها الأوكرانية.
أسلحة مزيفة
ويساعد ميخايلو رومان، 32 عامًا، وهو مهندس معماري، الجنود على الخطوط الأمامية في أوكرانيا منذ عام 2014، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. وخلال إحدى هذه الرحلات في العام الماضي، عندما رأى جنود الخطوط الأمامية وهم يصممون أسلحتهم المزيفة من المواد الخردة، قرر أن يجرب ذلك بنفسه.
وقال "رومان" إنه ينتج أسلحة وهمية من الخشب الرقائقي والمعدن وأنابيب الصرف البلاستيكية، وإنه كان يعمل ساعات إضافية في الأشهر الأخيرة، وفقًا لصحيفة "ذا تليجراف" البريطانية.
ويدير "رومان" شركة هندسة معمارية صغيرة في فينوهراديف، وهي قرية تبعد 10 أميال فقط عن الحدود المجرية في جنوب غربي أوكرانيا، والتي لم تمسها شرارة الحرب إلى حد كبير.
وأقدم "رومان"، ومجموعة من المتطوعين أثناء العمل في مستودع سري، لم يكشف عن موقعه، ببناء نماذج بالحجم الطبيعي لقاذفات الصواريخ والمدافع المصممة لخداع روسيا، لإهدار الذخيرة على تدمير أهداف وهمية.
وصنع فريق رومان خلال العام الماضي، أكثر من 200 قاذفة صواريخ موجهة مضادة للدبابات من طراز Stugna ومدفعين من مدافع الهاوتزر من طراز D-20، والتي تم نشرها عبر الخطوط الأمامية لأوكرانيا من أوريكيف في الجنوب، إلى دونيتسك وليمان في أوكرانيا شرقًا، وكذلك خاركيف وسومي في الشمال.
ويسعى الفريق جاهدًا لجعل النماذج واقعية ورخيصة قدر الإمكان، إذ يتم استخدام كل شيء موجود حول الورشة مثل الإطارات المستعملة، والخشب الخردة، والصفائح المعدنية، والأنابيب البلاستيكية.
نقص الذخيرة
ويأتي ذلك في الوقت الذي اعترف فيه القائد الأعلى الأوكراني بأن القوات الروسية التي تقاتل في شرق أوكرانيا كان لديها في الآونة الأخيرة ذخيرة أكثر بستة أضعاف من تلك التي تمتلكها نظيرتها الأوكرانية.
وقال الجنرال أولكسندر سيرسكي، في أول مقابلة له منذ تعيينه قائدًا أعلى للجيش الأوكراني الشهر الماضي: "العدو يطلق نيران المدفعية وقذائف الهاون بكثافة.. كان تفوق العدو من حيث الذخيرة التي تم إطلاقها نحو ستة أضعاف"، مضيفًا أن القوات الأوكرانية تتعلم كيفية التكيف والقتال بذخيرة وجنود محدودين، وأنه تم تخفيض مستوى خطط تجنيد 500 ألف جندي آخرين.
واستغرق تصميم أول قاذفة صواريخ مقلدة شهرين، وتكلفت بين 3 إلى 4 آلاف هريفنيا (60 إلى 80 جنيهًا استرلينيًا) ومنذ ذلك الحين، قام بضبط عملية التصنيع، فأوقفها عن العمل في غضون أيام وخفض السعر إلى ألف هريفنيا فقط، وهو جزء صغير من التكلفة المقدرة بـ 790 جنيهًا استرلينيًا لقذيفة مدفعية روسية.
تجربة أثبتت نجاحها
ونشر رومان لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي أرسلتها إليه القوات الأوكرانية لأسلحته المقلدة أثناء القتال على الجبهة، وقال إن الفكرة الأساسية لهذه النماذج هي إنهاك العدو ومعرفة موقعه، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى أسلحة حقيقية لأنه لا يمكننا فوز الحرب إلا بأسلحة حقيقية".
ويقاس نجاح فريق رومان بعدد الأسلحة المزيفة التي تم تدميرها، وصرح: "عندما يدمرونها، فإن ذلك يجعلني أرغب في بناء المزيد.. وتساعد الأسلحة المزيفة في توجيه الضربات الأوكرانية فعندما يدمر الجنود الروس هذه النماذج، تستطيع قواتنا العسكرية رؤية مواقعها ومهاجمتها".
ارتفع الطلب على الأسلحة المزيفة في الوقت الذي تواجه فيه القوات الأوكرانية على خط المواجهة الضربات الروسية المتزايدة وتضاؤل الإمدادات.
ويأتي الارتفاع الكبير في إنتاج رومان الأخير وسط تقارير عن نقص حاد في القذائف على خط المواجهة، إذ لا تزال حزمة المساعدات الأمريكية التي تقدر قيمتها بنحو 60 مليار دولار مقيدة في الكونجرس.