وسط الحرب الدائرة في أوكرانيا، برزت مخاوف جدية من احتمال استغلال الجماعات الإرهابية المُتطرفة للوضع الراهن؛ للتسلل إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية، إذ وفقًا لتقارير إعلامية نمساوية، فقد تم رصد أعداد كبيرة من المشتبه بانتمائهم لتنظيمات إرهابية، يدخلون الاتحاد الأوروبي من هذا الممر، الأمر الذي يمثل تهديدًا خطيرًا لأمن القارة العجوز، ويستدعي تحركًا عاجلًا لمواجهة هذا الخطر المحدق.
خيوط الشبكة الإرهابية تمتد إلى أوروبا
أشارت وكالة "هيوت" الإخبارية النمساوية، إلى أن السُلطات النمساوية والألمانية كشفت في ديسمبر الماضي عن اعتقال ثلاثة مشتبهين، اثنين من مواطني طاجيكستان وواحد من الشيشان، للاشتباه في تخطيطهم لشن هجوم إرهابي على كاتدرائية القديس ستيفان الشهيرة في العاصمة النمساوية فيينا.
وأفاد التقرير بأن المشتبه بهم كانوا ينوون استهداف الكاتدرائية في ليلة رأس السنة، باستخدام أسلحة رشاشة من طراز "كلاشنيكوف" والمتفجرات، ويُعتقد أن هؤلاء المشتبه بهم جزء من شبكة إرهابية أوسع مرتبطة بفرع تنظيم "داعش خراسان"، حسبما ذكرت مصادر أمنية.
اتهامات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا
في سياقٍ متصلٍ، ربطت وسائل إعلام غربية الهجوم الإرهابي الدامي الذي استهدف قاعة حفلات "كروكوس سيتي" قرب العاصمة الروسية موسكو الأسبوع الماضي، والذي خلف أكثر من 130 قتيلًا وأكثر من 180 جريحًا، بنفس الشبكة الإرهابية التابعة لـ "ولاية خراسان". وعلى الرغم من عدم تأكيد هذه المعلومات رسميًا، إلا أن هناك "مؤشرات" حسب التقارير الإعلامية على أن المشتبه بهم الإرهابيين قد "تدفقوا إلى أوروبا تحت الرادار" من أوكرانيا. واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أوكرانيا ضمنيًا بالتواطؤ مع منفذي الهجوم في موسكو، فيما قالت جهات روسية إن المشتبه بهم حاولوا الفرار إلى الحدود الأوكرانية بعد الهجوم.
الوجه الآخر للنزاع الأوكراني
يشكل الطاجيكيان اللذان كانا يخططان لهجوم فيينا مثالًا واضحًا على كيفية استغلال الإرهابيين للنزاع الأوكراني لتحقيق أهدافهم الإجرامية، إذ كشفت التحقيقات أن الاثنين كانا يعيشان في أوكرانيا حتى بداية الأزمة العسكرية بين روسيا وكييف في فبراير 2022.
وادعى الاثنان أنهما كانا ناشطين سياسيين "مؤيدين للديمقراطية" يناضلان من أجل "سيادة القانون" في بلدهما الأم طاجيكستان، إلا أن السُلطات الألمانية تمكنت من اعتراض رسائلهما على موقع فيسبوك، والتي كانا يناقشان فيها تفاصيل خططهما الإرهابية، كما أقسما فيها على الولاء لتنظيم "داعش خراسان" الإرهابي.
وتشير الصحيفة النمساوية إلى أن هذه التفاصيل تكشف عن الوجه الآخر للنزاع الأوكراني، حيث يبدو أن المتطرفين الإرهابيين استغلوا الفوضى الناجمة عن هذا الصراع لتمويه حركاتهم وتسهيل عمليات التسلل والتجنيد.
وهو ما يدق ناقوس الخطر حول المخاطر الأمنية المحتملة الناجمة عن هذه الظاهرة، والتي قد تهدد أمن أوروبا بشكل مباشر إذا لم يتم التصدي لها بشكل حازم وفوري.