فتح الاتحاد الأوروبي تحقيقات مع عمالقة التكنولوجيا في القارة العجوز، بسبب مزاعم تتعلق بقيامها بممارسة انتهاكات واسعة لقانون الأسواق الرقمية، بعد ما هددت المفوضية الأوروبية بفرض عقوبات مالية باهظة أخرى، إذا لم تمتثل الشركات الكبيرة لقواعد منع الاحتكار.
ودخل قانون الأسواق الرقمية حيز التنفيذ هذا الشهر في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، وأطلق عليه لقب "دي إم أيه"، ويهدف القانون إلى وضع قواعد صارمة لجعل الأسواق الرقمية أكثر تنافسية، من خلال تفكيك الأنظمة البيئية التكنولوجية المغلقة التي تحصر المستهلكين في منتجات وخدمات شركة واحدة.
الأسواق الرقمية
وبدأت المفوضية الأوروبية - الذراع التنفيذية للتكتل- أولى تحقيقاتها مع شركات "آبل وجوجل وميتا"، وبحسب شبكة "سي بي إس نيوز" الأمريكية، وجّهت المفوضية للشركات الثلاث تهمة "عدم امتثال" لقانون الأسواق الرقمية للشركات، وذلك للاشتباه في أن الإجراءات التي اتخذتها الشركات لا ترقى إلى مستوى الامتثال الفعّال لالتزاماتهم.
وفي بيانها أشارت اللجنة الأوروبية المشرفة على التحقيق، أنها تبحث فيما إذا كانت جوجل وأبل وميتا يلتزمون بقواعد "دي ام ايه" التي تتطلب من شركات التكنولوجيا السماح لمطوري التطبيقات بتوجيه المستخدمين إلى العروض المتاحة خارج متاجر التطبيقات الخاصة بهم.
قيودًا كبيرة
وشعرت اللجنة بالقلق من أن الشركات تفرض "قيودًا كبيرة ومختلفة" بما في ذلك فرض رسوم، التي تمنع بموجبها التطبيقات من الترويج للعروض المنافسة بحرية، وهو ما يجعلها تدخل تحت التهديد المتمثل في العقوبات المالية الباهظة أو حتى تفكيك تلك الشركات من أوروبا نهائيًا.
وتسعى أوروبا من خلال القواعد المفروضة إلى جعل الأسواق الرقمية "أكثر عدلاً" و"أكثر قابلية للتنافس" من خلال تفكيك الأنظمة البيئية التكنولوجية المغلقة التي تحصر المستهلكين في منتجات أو خدمات شركة واحدة، وبحسب الشبكة الأمريكية تم اتهام جوجل بأنها تعطي الأفضلية لخدماتها، بينما تمنع المنافسين.
تحقيقات مختلفة
وفي ردها على تلك الاتهامات قالت شركة جوجل العملاقة، إنها أجرت "تغييرات مهمة" على طريقة عمل خدماتها في أوروبا للامتثال لقانون "دي إم إيه"، إلا أن اللجنة واجهت الشركة من أنها لا تزال تمارس إجراءات تؤدي إلى عدم التعامل مع خدمات الطرف الثالث المدرجة في صفحة نتائج بحث جوجل "بطريقة عادلة وغير تمييزية.
وتحقق اللجنة أيضًا فيما إذا كانت شركة أبل العملاقة، تفعل ما يكفي للسماح لمستخدمي آيفون بتغيير متصفحات الويب بسهولة، وردت الشركة على أنها واثقة من أن خطتها تتوافق مع “دي إم إيه”، وأنشأت مجموعة واسعة من المطورين والميزات والأدوات الجديدة للامتثال للوائح وأنها ستواصل العمل بشكل بناء مع المفوضية الأوروبية أثناء إجراء تحقيقاتها.
كما يتم التحقيق مع ميتا، وهي أيضًا ليست بعيدة عن غضب المنظمين الأوروبيين، بشأن الخيار الممنوح للمستخدمين لدفع رسوم شهرية مقابل الإصدارات الخالية من الإعلانات من فيسبوك أو انستجرام حتى يتمكنوا من تجنب استخدام بياناتهم الشخصية للاستهداف، وواجهت اللجنة الشركة بأن فرض نموذج "الدفع أو الموافقة" قد لا يوفر بديلًا حقيقيًا في حالة عدم موافقة المستخدمين.
عقوبات سابقة
وفرضت المفوضية الأوروبية على جوجل عقوبات مكافحة الاحتكار عدة مرات بالفعل، بما في ذلك غرامة قياسية بقيمة 5 مليارات دولار تم فرضها في عام 2018 بسبب إساءة استخدام محرك البحث لهيمنة السوق على نظام تشغيل الهاتف المحمول أندرويد الخاص به.
وتواجه شركة أبل دعوى قضائية واسعة النطاق لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة، حيث زعمت وزارة العدل أن شركة أبل انخرطت بشكل غير قانوني في سلوك مناهض للمنافسة في محاولة لبناء "خندق حول احتكارها للهواتف الذكية" وتعظيم أرباحها على حساب من المستهلكين. وانضمت خمس عشرة ولاية ومقاطعة كولومبيا إلى الدعوى كمدعين.
كما سبق أن وقّعت شركة أبل في مخالفة من قبل الجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي، وغرمت المفوضية الشركة ما يقرب من 2 مليار دولار في أوائل مارس لخرقها قوانين المنافسة الخاصة بها، كما فرض الاتحاد غرامة قدرها 1.3 مليار دولار على شركة ميتا منذ نحو عام وأمرها بالتوقف عن نقل المعلومات الشخصية للمستخدمين الأوروبيين عبر المحيط الأطلسي.