يحتفظ الجيش الأمريكي بنحو 750 قاعدة عسكرية في 80 دولة لتعزيز وجوده بالخارج في وقت تزود الولايات المتحدة إسرائيل بمليارات الدولارات من التمويل العسكري، بينما يقوم هو بإبادة غزة، ما يعني أن سياسة واشنطن الخارجية استبدلت الجشع مكان حقوق الإنسان، وفق تقرير لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
تفاقم الفساد
دعمت حكومة الولايات المتحدة باسم مكافحة الشيوعية والاتحاد السوفييتي، الانقلابات العسكرية في إيران، وجواتيمالا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الدومينيكان، والبرازيل، وتشيلي، وغيرها من البلدان.
واعتبر تقرير المجلة الأمريكية الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، الذي يهدف تحليل سياسة الولايات المتحدة الخارجية، أن هذه التدخلات في كثير من الأحيان كانت داعمة للأنظمة الاستبدادية التي قمعت شعوبها بوحشية وأدت إلى تفاقم الفساد والعنف والفقر.
ولا تزال واشنطن تتعامل مع تداعيات التدخلات في شؤون الدول حتى اليوم، وتواجه شكوكًا عميقة وعداءً في العديد من هذه البلدان، الأمر الذي يعقد السياسة الخارجية الأمريكية ويقوض المصالح الأمريكية، وفق التقرير.
حروب كارثية
كررت واشنطن العديد من هذه الأخطاء بعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية عام 2001، إذ خصص الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش ما يقرب من مليوني جندي أمريكي وأكثر من 8 تريليونات دولار لشن "حرب عالمية ضد الإرهاب" والحروب الكارثية في أفغانستان والعراق.
واعتبر التقرير أن حرب العراق، مثل حرب فيتنام، بُنيت على كذبة صريحة، وحذر بوش على نحو سيئ السمعة، قائلًا: "لا نستطيع أن ننتظر الدليل النهائي والدامغ الذي يمكن أن يأتي في هيئة سحابة عيش الغراب"، مشيرًا إلى أنه لم تكن هناك سحابة فطر ولم يكن هناك دليل دامغ، لأن صدام حسين لم يكن لديه أي أسلحة دمار شامل.
تقويض مصداقية أمريكا
وعارض العديد من حلفاء الولايات المتحدة، الحرب، وكان التوجه الأحادي الذي تبنته إدارة بوش في الفترة التي سبقت الحرب سببًا في تقويض مصداقية الولايات المتحدة وتآكل الثقة في واشنطن بمختلف أنحاء العالم. وعلى الرغم من ذلك، صوتت الأغلبية العظمى في الكونجرس لصالح التفويض بغزو عام 2003.
وكانت حرب العراق انحرافًا باسم الحرب العالمية على الإرهاب، إذ مارست الولايات المتحدة أعمال التعذيب والاحتجاز غير القانوني و"التسليم الاستثنائي"، واختطفت المشتبه بهم في جميع أنحاء العالم واحتجزتهم لفترات طويلة في سجن خليج جوانتانامو بكوبا و"المواقع السوداء" التابعة لوكالة المخابرات المركزية حول العالم.
ونفذت حكومة الولايات المتحدة قانون باتريوت، الذي أدى إلى مراقبة جماعية محليًا ودوليًا، وخلف القتال الذي دام عقدين من الزمن في أفغانستان آلاف القتلى والجرحى من القوات الأمريكية وتسبب في سقوط مئات الآلاف من الضحايا بين المدنيين الأفغان، واليوم ورغم كل تلك المعاناة والإنفاق عادت طالبان إلى السلطة.
إخفاقات الحرب
وعبر التقرير عن أمنياته أن تكون واشنطن تعلمت الدرس بعد إخفاقات الحرب الباردة والحرب العالمية على الإرهاب، مشيرًا إلى أنه مع بعض الاستثناءات القليلة الملحوظة، لم يحدث هذا.
وذكر أن الرئيس السابق دونالد ترامب على الرغم من وعده بسياسة خارجية "أمريكا أولًا"، زاد من حرب الطائرات دون طيار حول العالم، والتزم بإرسال المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط وأفغانستان، وزاد من التوترات مع الصين وكوريا الشمالية، وكاد أن يدخل في حرب كارثية مع إيران.
نزعة ترامب العسكرية
أوضح أنه على الرغم من أن أسلوب ترامب في التعامل مع المصالح الذاتية والفساد كان جديدًا، إلا أن جذوره تعود إلى عقود من السياسة الأمريكية التي أعطت الأولوية للمصالح القصيرة الأجل والأحادية على حساب الجهود الطويلة الأجل لبناء نظام عالمي قائم على القانون الدولي.
ولم تكن نزعة ترامب العسكرية جديدة على الإطلاق، وفي العقد الماضي وحده، شاركت الولايات المتحدة في عمليات عسكرية بأفغانستان، والكاميرون، والعراق، وكينيا، ولبنان، وليبيا، ومالي، وموريتانيا، وموزمبيق، والنيجر، ونيجيريا، وباكستان، والصومال، وسوريا، وتونس، واليمن، وفق التقرير.
ويحتفظ الجيش الأمريكي بنحو 750 قاعدة عسكرية في 80 دولة ويعزز وجوده في الخارج مع تصعيد واشنطن التوترات مع بكين، وفي الوقت نفسه، تزود الولايات المتحدة إسرائيل نتنياهو بمليارات الدولارات من التمويل العسكري بينما يقوم هو بإبادة غزة.