هل يمكن أن نواجه مخاطر حرب عالمية في عصرنا؟ بهذا التساؤل، افتتح نيال فيرجسون الكاتب والباحث في "بلومبرج" الأمريكية مقالته، مشيرًا إلى أن خوف الرئيس الأمريكي جو بايدن من نظيره الروسي فلاديمير بوتين واسترضاء إيران يجعل الحرب العالمية الثالثة أكثر احتمالاً.
الباحث في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، رأى أنه من السهل استبعاد الحديث عن الحرب العالمية الثالثة، خاصة عندما يأتي هذا الحديث من دونالد ترامب، الرجل الذي سيصبح رئيسًا مرة أخرى لأمريكا، والذي قال في ولاية ساوث كارولينا اليوم السبت إنه "من خلال الضعف وعدم الكفاءة، أوصلنا جو بايدن إلى حافة الحرب العالمية الثالثة، فنحن على شفا الحرب العالمية الثالثة".
تهديد للعالم الغربي
وقبل أقل من ثلاثة أسابيع، أصدر وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس تحذيرًا صارخًا من أن روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران "دول استبدادية متحاربة"، تشكل تهديدًا خطيرًا لبريطانيا والعالم الغربي. وأعلن أننا انتقلنا "من عالم ما بعد الحرب إلى عالم ما قبل الحرب"، وفق "فيرجسون".
وبعد بضعة أيام فقط، دعا رئيس اللجنة العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، الأدميرال روب باور، إلى "تحول حلف شمال الأطلسي إلى مجال الحرب"، كما قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، في مقابلة مع صحيفة تاجشبيجل، إن الرئيس الروسي قد يهاجم إحدى دول الناتو خلال خمس أو ثماني سنوات".
أعداء أمريكا
ولدى مدير وكالة المخابرات المركزية البريطانية ويليام بيرنز إطار زمني أقصر في ذهنه للحرب العالمية، إذ ذكر مرتين العام الماضي أن الرئيس الصيني شي جين بينج أمر جيش التحرير الشعبي (الصيني) بالاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027، مشيرًا إلى أن صعود الصين والنزعة الانتقامية الروسية يفرضان تحديات جيوسياسية رهيبة في عالم لم تعد الولايات المتحدة تتمتع فيه بأولوية لا تقبل المنافسة، في وقت أصبحت التكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي تمنح أعداء أمريكا أدوات جديدة قوية لإرباكنا والتهرب منّا والتجسس علينا"، وفق مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية.
فيرجسون مؤلف كتاب "الموت: سياسة الكارثة"، قال إن الجميع يتمتم سرًا بشأن الفجوة المتزايدة الاتساع بين الولايات المتحدة والصين عندما يتعلق الأمر بالقدرة التصنيعية الأساسية، مشيرًا إلى أن الحرب الروسية في أوكرانيا أعطت تذكيرًا لواشنطن بأنه في حال الحرب التقليدية طويلة الأمد، يجب أن تكون قادرًا على إنتاج قذائف مدفعية من عيار 155 ملم، ناهيك عن الطائرات بدون طيار.
الحرب الأوكرانية
"باختصار، لقد انتهت فترة ما بين الحربين العالميتين الهادئة نسبيًا، والتي بدأت بانهيار الاتحاد السوفييتي، لافتًا إلى أنه كانت هناك حروب في التسعينيات والعقد الأول من القرن الـ21، لكن الصراعات في أنقاض يوغوسلافيا حول البوسنة وكوسوفو، وفي أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، وفي أفغانستان والعراق كانت أصغر كثيرًا من الحرب الدائرة حاليًا في شرق أوكرانيا"، وفق "فيرجسون".
واستشهد بمقولة رومانية تعد من أقدم الأقوال المأثورة في التاريخ هي: "إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب"، متوقعًا أنه لأسباب تتعلق بالميزانية، فإن الحرب الكبرى المقبلة ستكون على بعد 10 سنوات.
وأضاف: "لسوء الحظ، كانت سياسة بايدن الخارجية عبارة عن سلسلة من الإخفاقات الكارثية في الردع، ففي عام 2021، تخلى عن أفغانستان دون قتال لصالح حركة طالبان، رعاة هجمات 11 سبتمبر، وفي عام 2022، فشل في ردع الرئيس بوتين من تصعيد غزوه لأوكرانيا، كما فشل العام الماضي في ردع إيران عن إطلاق العنان لوكلائها ضد إسرائيل، وعدم اتخاذ إجراء عسكري حاسم ضد إيران".
رجل الصواريخ
"لا تنسوا رجل الصواريخ الصغير الدكتاتور الكوري الشمالي كيم جونج أون، الذي كان يطلق صواريخ كروز ويصدر بعض الأصوات التهديدية للغاية، فهو مثل جده في عام 1950، الذي اتخذ قرارًا استراتيجيًا بخوض الحرب مع كوريا الجنوبية وربما أيضًا مع اليابان والولايات المتحدة، تابع"فيرجسون".
استطرد: "فلا توجد روابط مباشرة وواضحة بين حرب موسكو على أوكرانيا، وحرب طهران على إسرائيل، وتهديد بكين لتايوان والفلبين، وتهديد بيونج يانج لكوريا الجنوبية، لكنها متصلة لأسباب ليس أقلها أنه في كل حالة تكون الولايات المتحدة وبعض حلفائها ملتزمين بشكل أو بآخر بالدفاع عن البلد الذي يتعرض للهجوم".
هرمجدون
ورأى أن قابلية "بايدن" للتأثر بتهديدات بوتين النووية واسترضاءه المحير لإيران هي التي تجعل "هرمجدون" أكثر احتمالًا، ففي كل منعطف يسمح بايدن لخصوم أمريكا بالسيطرة على التصعيد، واليوم تواجه الولايات المتحدة وحلفاؤها وخاصة بريطانيا، "المحور" المنظم على نحو متزايد الذي يضم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وهذه أنظمة هدفها المشترك هو إنهاء الهيمنة الأمريكية.
واختتم أنه في الوضع الحالي، لا تزال هذه الحرب باردة، إذ إن الولايات المتحدة وحلفاءها ليسوا في صراع مباشر مع أي من قوى المحور، لكن مع مرور كل يوم، وكل ضربة عابرة تودي بحياة جنود أمريكيين، نقترب من مواجهة أكبر، لكن الوقت ينفد، وربما يكون أمامنا 12 شهرًا لضمان عدم هزيمة أوكرانيا على يد بوتين، و12 شهرًا لضمان عدم تدمير إسرائيل على يد حزب الله وكيل إيران، و12 شهرًا لردع الصين عن تحقيق غزو تايوان".