تواجه كييف تحديًا جديدًا، في حربها مع موسكو التي بدأت عامها الثالث، يتمثل في تجنيد وتعبئة قوات كافية للمساعدة في الصمود أمام الهجمات الروسية، ونقلت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية، عن وزارة الدفاع الأوكرانية، أنها بحاجة إلى حشد نحو نصف مليون جندي جديد لاستبدال قواتها المرهقة في الخطوط الأمامية.
ورغم ضرورة هذه الخطوة الضخمة في التعبئة لاستمرار المقاومة الأوكرانية، تأتي في وقت يبدو فيه أن العديد من المواطنين الأوكرانيين متردّدين في الانضمام إلى الجيش.
وأوضح التقرير أن ما يقدر بنحو 330 ألف جندي "منهك" يحتاجون إلى التناوب، وهو ما يهدف الإصلاح العسكري الجذري الذي يجري تداوله في البرلمان الأوكراني إلى توفيره، إذ قالت الوزارة إن المجندين الجدد المتبقين سوف "يعوضون الضحايا ويلبون احتياجات عسكرية أخرى".
وقدر الجيش الروسي عدد الضحايا في كييف بأكثر من 444 ألف شخص حتى نهاية فبراير، في حين أشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الشهر الماضي، إلى أن 31 ألف جندي أوكراني فقط هم من لقوا حتفهم خلال عامين من الحرب المستمرة ضد روسيا، وهو رقم وصفه حتى الصحفيون المتعاطفون مع القضية الأوكرانية بأنه منخفض بشكل غير معقول.
ومن المرجح أن يفرض إصلاح التجنيد، الذي من المقرر أن يصوت عليه البرلمان الأوكراني في وقت لاحق من هذا الشهر، عقوبات قاسية على المتهربين من الخدمة العسكرية، ويخفض سن الأهلية للتعبئة من 27 إلى 25 عامًا، وسيُطلب من الرجال في سنّ القتال تقديم بياناتهم الشخصية إلكترونيًا لاحتمال الاستدعاء، على عكس النظام الحالي، الذي بموجبه يتعين على مسؤولي التجنيد تسليم الأوراق شخصيًا.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن الحكومة الأوكرانية تقدر عدد المجندين المحتملين بنحو 3.7 مليون، إذ يمثل هذا العدد ثلث المواطنين الذكور البالغ عددهم 11.1 مليون، والذين سيصلون إلى الفئة العمرية بعد الإصلاح، أما الباقون فهم إما مقاتلون أو معاقون أو في الخارج، أو يعتبرون عمالًا أساسيين معفيين من التعبئة.
وقالت الصحيفة نقلًا عن استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "إنفو سابينس" الأوكرانية، في فبراير الماضي، إن المجندين المحتملين غير راغبين إلى حد كبير في الاستجابة لدعوة كييف، إذ أوضح ما يقرب من نصفهم (48%) إنهم غير مستعدين للقتال، مقارنة بـ 34% قالوا إنهم مستعدون لذلك، وقال ما يقرب من 30% إنهم "غير مستعدين على الإطلاق" للتعبئة، وكان هذا هو الجواب الأكثر شعبية.
عندما سئلوا عن سبب ترددهم في الانضمام إلى الجيش، أشار الأوكرانيون إلى مخاوف بشأن جودة المعدات، والتدريب غير الكافي، وخطر الوفاة أو الإعاقة، وعدم اليقين بشأن المدة التي سيضطرون فيها للخدمة، والخوف من تعيينهم في وحدة يقودها قائد ضعيف.
وذكر استطلاع الرأي أن الخطر الأخير تم ذكره في كثير من الأحيان أكثر من خطر الوقوع في قبضة القوات الروسية، واقترح موقع المؤسسة الأوكرانية أن السبب قد يكون متجذرًا في حقيقة أن أعداد الضحايا لا تؤخذ في الاعتبار عندما يتم تقييم أداء القائد العسكري من قبل رؤسائهم.