صوت لا يُنسى وألحان خالدة.. هكذا يمكن وصف مشروع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، فموسيقاه وصوته باقية حولنا في كل مكان، سواءً بلحن قدمه أو أغنية، فهو الصامد ذو الكبرياء الذي قال: "لا مش أنا اللي أبكي"، وحينما عرّف نفسه قال: "أنا أكبر فوضجي في الحياة ولا أسعد إلا بالفوضى التي تشبه الفن لأنال مرة أخرى سعادة النظام".
يحتفل محبو الموسيقار المصري الراحل خلال هذا الشهر بذكرى ميلاده الـ 127 والذي يوافق 13 مارس، وبهذه الفرصة يمكن لمحبي الراحل الذهاب إلى دار الأوبرا المصرية، ليشاهدوا مقتنياته والآلات الموسيقية التي عزف عليها، مجانًا من خلال متحف الموسيقار محمد عبدالوهاب والآلات الموسيقية بمعهد الموسيقى العربية لمدة 6 أيام بداية من 9 حتى 14 مارس الجاري.
قاعة الذكريات
المتحف المفتوح دائمًا في دار الأوبرا والمخصص مجانًا في عيد ميلاد موسيقار الأجيال كل عام، يضم العديد من المقتنيات المهمة، ليروي مشوار عبدالوهاب، فحينما تدخل من الباب تجد مجموعة من القاعات إحداها تحمل اسم "قاعة الذكريات"، وهناك يمكن الاطلاع على مراحل طفولة "عبدالوهاب" ونشأته، وكيف دخل عالم الموسيقى؟، وعلاقته بالكتب والفنانين، والاطلاع على الجوائز والتكريمات التي حصل عليها.
الجناح الآخر يمكن الزائرين الاقتراب من تفاصيل دقيقة في حياة موسيقار الأجيال، إذ يضم الغرف الخاصة بمنزله مثل غرفة نومه ومكتبه الخاص ومجموعة من قطع الأثاث المفضلة لديه وبعض متعلقاته الشخصية.
مكتبة سينمائية
أما محبو سينما "عبدالوهاب"، فيمكنهم التعرّف على مكتبة الراحل السينمائية في هذا الجناح، وهناك سيجدون كل الأفلام التي شارك فيها ليشاهدوها على شاشات خاصة، بجانب مكتبة كاملة لأعماله من موسيقى وأغنيات وألبومات صوره الخاصة ومع الشخصيات العامة والفنانين.
بينما متحف الآلات الموسيقية، فيضم الآلات التي عزف عليها محمد عبدالوهاب لحن أغنية "عاشق الروح" بفيلم "غزل البنات".
رحلة عبدالوهاب
تؤكد "عصمت" ابنة الموسيقار الراحل، أنها تحرص على الذهاب وأشقاؤها إلى متحفه باستمرار، إذ تقول لـ موقع "القاهرة الإخبارية": "المتحف مفتوح باستمرار طوال العام، بينما هذا الأسبوع فرصة ليذهب محبو والدي للتعرف عن قرب على تفاصيل حياته ومقتنياته مجانًا، والعيش في رحلة حول حياة والدي المليئة بالتفاصيل".
وأضافت: "أودعنا كل مقتنياته منذ أن نشأ المتحف، فهناك سيجد الجمهور عددًا من السيوف والخناجر، ومجسمًا لمسجد قبة الصخرة، بالإضافة إلى نياشين وأوسمة نادرة حصل عليها والدي".
نشأة محمد عبدالوهاب
لم يكن يحب الراحل أن يحتفل بعيد ميلاده، ويرفض هذا الأمر بشدة، كما قال في أحد لقاءاته: "كيف لي أن أحتفي بضياع عام من عمري"، لكننا الآن وبعد كل هذه السنوات نبحث عن سنوات ضائعة للفنان الراحل، فهناك تضارب كبير في سنة ميلاد الموسيقار الراحل، فالبعض يقول إنه مواليد عام 1898، فيما يؤكد آخرون أنه 1902، و1907، ومجموعة أخرى تؤكد مولده عام 1910، لكن في النهاية بعد البحث استقرت كل تلك الآراء على أن 13 مارس هو يوم ميلاده.
"عبدالوهاب" الذي كرمته الدولة المصرية بالجائزة التقديرية عام 1961، وصنع مئات الألحان لكبار نجوم الوطن العربي، مثل عبدالحليم حافظ وأم كلثوم ونجاة الصغيرة ووردة، كان معروفًا بالانطواء ولا يحب الجلوس مع الناس، ويقول في لقاء نادر: "أحب الوحدة، ورأسي دائمًا مشغول وأفكر، وأقيس عمري بما قدمته في حياتي، وطوال اليوم انتظر اللحظة التي أعود فيها إلى المنزل وأجلس مع محمد عبدالوهاب!".
هذا السبب جعل محمد عبدالوهاب مقتنعًا تمامًا بأن الحياة الخاصة ملك له وليس للجمهور، وعن ذلك يقول: "حياتي الخاصة ملك لي وليس للعوام، ولا أحب أن يجرح أحد حريتي الخاصة بالتدخل فيها".
ورغم ذلك كان لديه تعقيب حتى لا يفهم جمهوره رأيه بشكل خاطئ فيقول: "يجب أن نلاحظ أن الجمهور يصوّر الفنان من فنه، لكن ماذا لو كان لهذا الفنان شخصيتين، فلماذا نجرح هذا المعنى في عين الجمهور، وعلى الفنان أن يعدل من أسلوبه ويتحلى بصفات فنه".